هذا العام، استعادت ليالي رمضان في الامارات ألقها وحيويتها. وحين تذكر ليالي رمضان في ابوظبي يذكر الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح. فإلى ما قبل سنوات جائحة الكورنا التي عطلت الكثير من مظاهر الحياة، كان شهر رمضان المبارك مناسبة سنوية يلتقي فيها أصدقاء الشيخ من داخل دولة الإمارات وضيوفه من زوار الدولة إما على مائدة الإفطار اليومية التي يقيمها في منزله طوال الشهر الكريم او في جلسة من جلسات ما بعد الإفطار والتي تمتد إلى السحور .

على مائدة الإفطار التي يبدأ بها الشيخ نهيان يومه الرمضاني الطويل، يقف على رأس المائدة، وهو ينقل عيونه بين الحاضرين، فيشير لملء طبق لهذا وطبق لذاك، متخيرا ما بين المائدة من أصناف وحاثا بالإسم حينا وبالكنية حينا آخر، من يجد لديه ترددا أو مستزيدا لمن يجده مقلا. ويعرف القريبون من الشيخ نهيان أن الوقت الذي يقضيه على المائدة يصرفه في توزيع الإهتمام بضيوفه وأن ما يدخل جوفه يكاد لا يشبع طفلا.

بين الضيوف يمكن ان تلتقي رؤساء في السلطة أو سابقين، او رؤساء حكومة في السلطة أو خارجها، ووزراء أو ساسة حاكمين او معارضين. فيها تصادف شعراء وفنانين وصحفيين ورجال اعمال ومدراء بنوك واساتذة جامعات ورجال دين من مختلف الأديان والطوائف والمذاهب.

وفي مناسبات عديدة كانت الجلسات تجمع الأضداد حيث اجتمع من وصلوا للحكم في العراق مع الذين غادروا وطنهم بعد الإحتلال، كان على المائدة نفسها رموز الحكم في اليمن ومعارضيه في الخارج.

في مجلسه وضيافته اجتمع أنصار العقيد معمر القذافي ومعارضيه من رموز العهد الملكي. وفي المجلس كنا نرى شخصيات انتقلت من الحكم إلى المعارضة وبالعكس وابرزه الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة.

ورغم ان القاسم المشترك بين كل هؤلاء هو محبتهم للرجل، فإن الخيمة التي تجمعهم ليست خيمة خاصة كتلك الخيام التقليدية الملحقة بالقصور او منازل العدديد من الشخصيات القيادية والفعاليات المعروفة، بل هي جزء من خيمة رمضانية من تلك الخيم الموسمية التي تنصب في الفنادق الرئيسية وياتيها الناس من كل المشارب للسمر والتسلية.

واختيار المكان بحد ذاته يعكس شخصية الرجل المحبة للمة والناس والحريصة على ان تكون جزءا من نسيج مجتمعها ونكهته.
ورغم المكانة التي يحتلها المجلس الرمضاني إلا انه ليس المكان الوحيد الذي يلتقي به الناس، فهو حاضر طوال العام في معظم المناسبات الاجتماعية مشاركا الجميع افراحهم وعائدا مرضاهم ومشاطرا احزانهم متنقلا في هذا من هذه المدينة إلى تلك لا مرة واحدة بل عدة مرات في اليوم الواحد.

عندما تم اختيار الشيخ نهيان بن مبارك وزيرا للتسامح كانت التسمية فريدة في ادبيات تشكيل الحكومات لكن سجل الرجل وحياته الحافلة بكل القيم النبيلة جسدت كل ما يتمتع به من صفات جعلت من التسامح لديه سمة فطرية أهلته لئن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب.