إيلاف من لندن: اعلنت كندا الجمعة عن تكفلها بحماية الاهوار العراقية التي تشكل أجمل المناطق السياحية في البلاد وأهم مواطن التنوع البيولوجي في آسيا وانقاذ سكانها وأحيائها من كارثة تحيق بها.

وتم الاعلان اليوم عن توقيع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق مع وزارة الشؤون الخارجية والتجارة والتنمية الكندية اتفاقية لمشروع حماية الأهوار العراقية الجنوبية بمساهمة قدرها 5 ملايين دولار كندي لزيادة حماية التنوع الأحيائي وقدرة السكان على مواجهة التغير المناخي.


سكان الاهوار العراقية الجنوبية يتنقلون بزوارق "المشحوف" بين مناطق قراهم فيها (السياحة)

أجمل المناطق السياحية
وتعتبر الأهوار العراقية من أجمل المناطق السياحية في العراق وأحد أهم مواطن التنوع البيولوجي في غرب آسيا، بالإضافة لكونها موقعًا للتراث العالمي لمنظمة التربية والعلوم والثقافة للامم المتحدة "أليونسكو" وارثاً لثقافة عرب الأهوار التاريخية، لكن وجودها الآن أصبح مهدداً بفعل عوامل التغير المناخي والأنشطة البشرية غير المستدامة.

وحذر برنامج الأمم المتحدة من ان النُظم البيئية الفريدة للأهوار تتأثر حاليا بالجفاف الشديد وارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار وارتفاع معدلات التبخر.

واضافة الى هذه التأثيرات، تضعف اليوم مرونة النظم البيئية والتنوع الأحيائي في الأهوار بسبب التأثير البشري على تدفق الأنهار والملوثات الكيميائية ومياه الصرف الصحي وتدمير البيئة المحيطة.

ويعد سكان بلاد ما بين النهرين الأصليين ولا سيما النساء والفتيات، أول من يواجه العواقب المباشرة للتغير المناخي والتدهور البيئي بسبب ارتباطهم الوثيق بالطبيعة.

تمكين نساء الأهوار من صنع القرار
وتهدف مجموعة الأنشطة المقترحة في إطار هذا المشروع إلى بناء قدرة المجتمعات المحلية، بضمنها نساء الأهوار، على مواجهة آثار التغير المناخي، ومعالجة الأسباب الجذرية لقلة التنوع الأحيائي وحماية الحياة البرية بطريقة تجلب فوائد مشتركة للحد من الفقر وتعزيز التماسك المجتمعي وتخفيف آثار التغير المناخي.

وتنتشر ظواهر عدم المساواة بين الجنسين بشكل ملحوظ في جنوب العراق لذا سيركز جزء من المشروع على تمكين نساء الأهوار وزيادة مشاركتهن في صناعة القرار وتشجيعهن على أن يصبحن أحد أوجه التغيير في الأهوار.

تعزيز الأمن المائي والاحيائي
ونظراً لشحة المياه الشديدة حاليا سيعمل المشروع على زيادة الأمن المائي المحلي عن طريق إعادة تأهيل شبكات تدوير المياه وتزويدها بوحدات الطاقة الشمسية وإجراء تحليل شامل للحلول الممكنة لتأمين مياه الشرب لسكان الأهوار والتي تعد حلولاً مستدامة وقابلة للتطوير على المدى البعيد.

وبحكم وجود التغير المناخي كعامل مسرع لاستنفاد موارد الأهوار، سيجري المشروع تقييمًا مهمًا للنظم البيئية لتوفير أول تحليل علمي على الإطلاق لحالة تلك النظم في الأهوار وتكوينها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لوضع سياسات الحفظ والاستراتيجيات الإدارية وفقاً لذلك.


القوات الامنية العراقية في حملة تفتيش وبحث عن المتاجرين بالمخدرات والارهابيين في مناطق أهوار العراق الجنوبية (الاعلام الامني)

وسيعمل المشروع أيضاً على انشاء مُفرخات سمكية تدار محلياً لزيادة الثروة السمكية المحلية وتحسين القوانين المتعلقة بالصيد المستدام وصيد الأسماك وإنفاذ هذه القوانين بطريقة تراعي الاعتبارات الجنسانية والاختلافات الثقافية، وانشاء حملات توعوية لزيادة حس المسؤولية لدى السكان المحليين في حفظ التنوع الأحيائي وذلك لدعم استعادة النظم البيئية وحفظها على أرض الواقع.

الحفاظ على التراث الطبيعي
ويركز المشروع على منطقة محددة من الجزء الأوسط من الأهوار تقع في منطقة الجبايش في محافظة ذي قار(375 كم جنوب بغداد) والتي أُدرجت كواحدة من أراضي بلاد ما بين النهرين الرطبة ذات الأهمية العالمية.

وقد وصفت بأنها موقع اجتماعي-بيئي بسبب العلاقة الخاصة بين السكان المحليين والطبيعة والتي تمتد لآلاف السنين حيث يُعد هذا المشروع خطوة مهمة لحماية أهوار بلاد ما بين النهرين ومعالجة الآثار المتزايدة للتغير المناخي والحفاظ على التراث الطبيعي للعراق للأجيال القادمة.

كارثة تهدد الأهوار
ويشير الكاتب العراقي فاضل النشمي الى ان التغيرات المناخية العالمية وموجة الجفاف التي ضربت العراق منذ 3 سنوات ومرشحة للبقاء في سنتها الرابعة تترك آثارها السلبية على مجمل مناطق البلاد، لكنها تتحول إلى ما يشبه الكارثة بالنسبة لمناطق الأهوار والمسطحات المائية المنخفضة الكبيرة التي تقع على أطراف محافظات ذي قار وميسان والبصرة الجنوبية، ذلك أن مواسم الجفاف المتكررة والسياسات المائية المتعسفة التي تنتهجها تركيا وإيران ضد العراق أسهمت بجفاف أدى إلى تراجع واسع بمساحات الأهوار التي تشتد حاجتها إلى التغذية المائية بشكل متواصل وعلى امتداد فصول السنة وخاصة في فصل الصيف شديد الحرارة.

وقد دفع ذلك حوالى 1200 عائلة من مربي الجواميس والمزارعين من مناطق الأهوار ومناطق أخرى في المحافظة الى النزوح من مناطقها بسبب شح المياه والجفاف بحثاً عن مصادر عمل وعيش .

الأهوار ضمن لائحة التراث العالمي
يشار الى ان الأهوار العراقية هي مجموعة المسطحات المائية التي تغطي الأراضي المنخفضة الواقعة في جنوبي السهل الرسوبي العراقي وتكون على شكل مثلث تقع مدن العمارة والناصرية والبصرة على رؤوسه. وتتسع مساحة الأراضي المغطاة بالمياه وقت الفيضان في أواخر الشتاء وتتقلص خلال الربيع اذ تبلغ حوالى 40 ألف كيلو متر مربع.

وفي السابع عشر من تموز/ يوليو عام 2016 وافقت منظمة اليونسكو للتربية والعلوم والثقافة التابعة للامم المتحدة على وضع الأهوار ضمن لائحة التراث العالمي كمحمية طبيعية دولية بالإضافة إلى المدن الأثرية القديمة الموجودة بالقرب منها مثل أور واريدو والوركاء.

مهد السومريين وحضارتهم
ويعيش سكان الأهوار في جزر صغيرة طبيعية أو مصنعة فيها ويستخدمون نوعا من الزوارق يسمى "ألمشحوف" في تنقلهم وترحالهم.
وللأهوار تأثير إيجابي على البيئة فهي تعتبر مصدرا جيدا لتوفير الكثير من المواد الغذائية من الاسماك والطيور والمواد الزراعية التي تعتمد على وفرة وديمومة المياه مثل الرز وقصب السكر.

وتشير الدراسات والبحوث التاريخية والأثرية إلى أن هذه المنطقة هي المكان الذي ظهرت فيه ملامح السومريين وحضاراتهم وتوكد ذلك الآثار والنقوش السومرية المكتشفة هناك.