إيلاف من لندن: احتفى العراق بوصول 6 الاف قطعة أثرية من بريطانيا معلنا ان مجموع القطع الاثرية التي اعادها الى ارضه فاق 34 الف قطعة بعد نهبها الذي رافق الاحتلال الاميركي والغزو الداعشي.

وأعلن الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد في كلمة خلال احتفال جرى في مطار بغداد الدولي مساء الثلاثاء لدى عودته من لندن مستصحبا معه 6 الاف قطعة أثرية تم الاعلان عن استعارتها بريطانيا من العراق قبل مائة عام "لاغراض الدراسة والبحث والترجمة" ان هذه القطع كانت معارة الى المملكة المتحدة في عام 1923 ولمدة 100 عام وهي تعود لمراحل مختلفة من تاريخ حضارات العراق.
وأضاف أن إعادة هذه القطع الأثرية من المملكة المتحدة تعد ثاني أكبر عملية استرداد للآثار عبر تاريخ العراق، مؤكدا انها تجسد الحرص على حماية الإرث الحضاري الذي يمثل الهوية الوطنية، والذاكرة التاريخية والحضارية للبلد ودلالاتها الإنسانية الكبيرة.


القطع الاثرية العراقية لدى شحنها من مطار لندن الى بغداد الثلاثاء 9 مايو 2023 (تويتر)

وشدد الرئيس رشيد خلال الاحتفاء بعودة القطع الاثرية بحضور عراقي وبريطاني عن دعمه لجهود استرداد القطع الأثرية وحتى تتم استعادة آخر قطعة من ثروات العراق الوطنية إلى المتحف العراقي وبما يحفظ عراقة تاريخ البلاد المجيد مثمناً الجهود التي بذلت، ومشيدًا بتعاون المتحف البريطاني في استرجاع الآثار العراقية المعارة.
وعبر عن الامل في أن تكون هذه القطع الأثرية قد أفادت الإنسانية جمعاء وتوصل من خلالها العلماء بأبحاثهم القيمة ودراساتهم إلى نتائج مثمرة وعلمية تخدم تاريخ البشرية.

استعادة 34502 قطعة أثرية
ومن جانبه اشار المتحدث باسم وزارة الخارجية اليوم أن الدبلوماسية العراقية نجحت في إعادة أكثر من 34 ألف قطعة أثرية منذ العام 2019.
وقال أحمد الصحاف إن "الدبلوماسية العراقية نجحت في إعادة 34502 قطعة أثرية منذ العام 2019 وحتى الآن"، مبينا ان "هذه القطع اعيدت من دول الولايات المتحدة وبريطانيا وكوريا الجنوبية واسبانيا ولبنان ومدن بيرن وطوكيو ولاهاي وبرلين وروما".
وأوضح ان القطع الاثرية التي اعيدت من بريطانيا قد حفظت في 38 صندوقا حيث اعيدت الى بغداد استكمالاً لصفحات عمل "دبلوماسيَّة الاسترداد".. موضحا استعادة لوحتين و6 صناديق من الكتب معها أيضا.
وكانت قد جرت في مبنى السفارة العراقية في لندن الجمعة الماضي مراسم تسليم القطع ألاثرية الى السلطات العراقية من قبل نظيرتها البريطانية.


مراسم التوقيع في لندن الجمعة 5 مايو 2023 على تسليم بريطانيا الى العراق 6 الاف قطعة اثرية كانت قد استعارتها منه قبل قرن من الزمان (تويتر)

نهب ممنهج
يشار الى ان الاثار العراقية كانت قد تعرضت اثر دخول القوات الاميركية الى بغداد في نيسان/ابريل عام 2003 الى حملة نهب ممنهجة
تم خلالها سرقة 15 الف قطعة أثرية من المتحف الوطني في بغداد خلال 36 ساعة اضافة الى عمليات تدمير اخرى جرت بعد عام 2014 في محافظات عدة نفذها تنظيم داعش الارهابي.
وبينما تمكن الموظفون في المتحف لدى الغزو الاميركي الذين أظهروا شجاعة هائلة في نقل وتخزين 8366 قطعة أثرية بأمان قبل نهبها لكنه جرى سرقة حوالى 15 الف قطعة أخرى خلال تلك الساعات.
وبرغم استعادة الاف القطع لحد الا أنه لا يزال هناك ما يزيد على 8 الاف قطعة مفقودة من بينها قطع أثرية تعود لآلاف السنين من بعض أقدم المواقع في الشرق الأوسط.

أسوأ أعمال التخريب الثقافي
وتُعتبر عملية النهب هذه واحدة من أسوأ أعمال التخريب الثقافي في العصور الحديثة اذ أن المزيد من تاريخ العراق الثقافي الثري تعرض للتدمير والإتلاف والسرقة خلال السنوات التالية وحيث تتزايد التجارة غير المشروعة في الآثار المنهوبة ومن بين القطع المسروقة جرى استعادة ما يزيد قليلا على النصف فقط.
وقاد الغضب العالمي إزاء أعمال النهب بالفعل إلى إجراءات فورية وكان من أنجح البرامج العفو الذي منحته السلطات العراقية وحقق عمليات الإعادة المحلية الأولية ومن بين النجاحات المميزة استعادة سيدة الوركاء الشهيرة التي تعود إلى حوالى 3100 قبل الميلاد واستعادها المحققون من مزرعة بعد ورود بلاغ بذلك.
كما جرى إعادة قطع أخرى إلى الوطن بعد إجراء تحقيقات دولية حيث أن عددا هائلا من القطع قد نُقل إلى الخارج عبر لندن ونيويورك في أعقاب ذلك مثل تمثال سرجون الثاني ملك آشور الذي ضُبط في نيويورك عام 2008 وأُعيد إلى المتحف عام 2015.

انتصار مهم
ووصفت منظمة اليونسكو استعادة العراق للقطع الاثرية من تراثه المنهوب بأنها "انتصار مهم في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية". واشارت الى إن "سرقة القطع الأثرية القديمة والاتجار غير المشروع بها ما زال مصدر تمويل رئيسي للجماعات الإرهابية وغيرها من منظمات الجريمة المنظمة".
وأضافت أنه عندما سيطر داعش على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا خلال الفترة من 2014 وحتى 2019 تعرضت المواقع الأثرية والمتاحف العراقية للنهب بشكل منهجي.
وفي 6 آذار/ مارس عام 2022 افتتح رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي المتحف الوطني العراقي في بغداد بعد إعادة تأهيله وإجراء أعمال الصيانة على قاعاته والذي تزامن مع يوم التسامح الوطني .

المتحف الوطني العراقي
وقد تم انشاء المتحف الوطني العراقي عام 1926 وهو يقع في منطقة العلاوي وسط العاصمة بغداد وتعرض فيه حاليا مجموعات وقطع أثرية لحضارات بلاد الرافدين وكذلك الآثار الإسلامية في العراق وآثار العصور الحَجرية والتي تبلغ حوالي ربع مليون قطعة .
ويعد هذا المتحف من أقدم وأهم وأكبرالمتاحف العراقية ويأتي في المَرتبة الثانية بعد المتحف المصري من حيث التأسيس ولا يَقل عنهُ شأناً من حيث القيمة التاريخية للآثار حيث يضم حوالى ربع قطعة أثرية.
ولدى انشاء المتحف قبل حوالي القرن جمعت عالمة الاثار البريطانية غير ترود بيل آثار العراق ووضعتها في حيز صغير في مبنى السراي مر الحكومة العراقية آنذاك وفي عام 1926 وبسبب تجميع الكثير من الاثار وضيق المساحة افتتح مَبنى آخر في شارع المأمون ونَقلت إليه جميع الاثار وعينت المس بيل مديرة للمتحف.
وفي عام 1966 ولضيق المَساحة أيضا قررت الحكومة العراقية بناء مَتحف يُناسب مواصفات المتاحف العالمية ويكون في مكان مُناسب فبني المبنى الجديد في منطقة العلاوي وبسبب هذه المُناسبة سمي بالمتحف الوطني العراقي بعدما كان يعرف بمتحف بغداد للآثار.