إيلاف من لندن: كشفت بغداد الجمعة عن اتصالات مكثفة تجريها مع واشنطن لاستثنائها من العقوبات على ايران لتتمكن من تسديد مستحقات طهران عليها بالدولار عن ثمن الغاز المورد لتشغيل محطاتها الكهربائية التي بدأت تفقد طاقتها.
ودعت الحكومة العراقية الولايات المتحدة الى العمل على حل مشكلة المستحقات المالية لإيران عن صادراتها من الغاز والكهرباء إلى العراق طالبة إعفاءها من عقوباتها.
وخلال اجتماع عقده في الرياض نائب رئيس الوزراء العراقي وزير الخارجية فؤاد حسين على هامش أعمال المؤتمر الدولي لمناهضة تنظيم داعش في الرياض أمس مع وزير الخارجيَّة الأميركيّ أنتوني بلينكن فقد تم بحث مُختلِف أوجه العلاقات الثنائيَّة بين بغداد وواشنطن وسُبُل تعزيز التعاون بينهما في شتى المجالات.
وأكد الوزير العراقي "على أهميَّة الاستمرار في العمل المُشترَك والتعاون ضمن إتفاق الإطار الاستراتيجيّ لعلاقة الصداقة والتعاون بين العراق والولايات المتحدة ".. مُثمِّناً جُهُودها في قيادة التحالف الدوليّ، كما قالت الخارجية العراقية في بيان اليوم تابعته "إيلاف"، في مُحارَبة تنظيم داعش الإرهابيّ منوهة الى ان الجانبين ناقشا مجموعة من القضايا الثنائيَّة والإقليميَّة والعالميَّة وبحثا جُهُود العراق لتعزيز إقتصاده وتحقيق أستقلاله في حقل الطاقة.
وشدد الوزيران على ضرورة العمل من أجل خفض التوتر وتحقيق التهدئة في المنطقة وتجنُّب التصعيد الذي لن يخدم أيّ طرف بحسب البيان.

أزمة مستحقات إيران على العراق
وفي جانب آخر من الحوار تطرق الوزيران العراقي والأميركي إلى المستحقات الماليَّة للحكومة الإيرانيَّة على العراق بسبب شراء الغاز والكهرباء من طهران وكيفية التعامل مع الإجراءات الأميركيَّة على المصارف الدوليَّة ومن ضمنها المصارف العراقيَّة حيث أنَّ هذه الإجراءات هي في إطار سياسة العقوبات الأميركيَّة على إيران والتي تمنع تحويل العراق اليها مستحقاتها المالية عن غازها ونفطها المصدر الى العراق.
وأكد الوزير العراقي على ضرورة إيجاد حل لهذه المشكلة كونها تؤثر تأثيراً مباشراً على القطاع الكهربائي في بلاده ومن هذا المنطلق شكر الجانب الاميركي على السماح لحل مسألة المدفوعات الماليَّة للحجاج الإيرانيين ومن المال الإيرانيّ في البنوك العراقيَّة.
من جانبه أكَّد بلينكن أنَّ الولايات المتحدة ملتزمة بدعم إستقرار العراق والمسيرة الديمقراطيَّة فيه وتدعم الإستقرار السياسيّ والتواصل والعمل المُشترَك بين الحكومه الاتحاديّة وحكومة إقليم كردستان بما يعزز مكانة وقوة العراق في المنطقة.. مُتمنيًا الوصول إلى تفاهمات لحل المشاكل العالقه بين الطرفين وخاصة في المجال النفطي والماليّ من دون الاشارة الى موقف بلاده من أزمة الديون تلك.
وكانت السلطات العراقية قد اعلنت في نيسان/ أبريل الماضي أن حجم الإنفاق السنوي لاستيراد الغاز الإيراني أو الغاز من إقليم كردستان العراق يبلغ نحو 8 تريليونات دينار عراقي (6 حوالى مليارات دولار).

وتتخوف الحكومة العراقية من أن يؤدي النقص في تجهيز المواطنين بالكهرباء مع بدء ارتفاع درجات الحرارة الى تجدد الاحتجاجات الشعبية الغاضبة ضدها هذه المرة وتصاعد الاتهامات الى المسؤولين عن قطاع الطاقة في البلاد بالفساد.

دعم أميركي
وعلى الصعيد نفسه بحث محافظ البنك المركزي العراقي علي محسن العلاَّق مع نائب رئيس مصرف جي بي مورغان الأميركي دانيال زيليكو في بغداد سبل التعاون بين البنكين.
وقد أكد المسؤول المصرفي الأميركي استعداد مصرفه لدعم عددٍ من المصارف العراقية في عمليات تمويل التجارة الخارجية بعملة الدولار الأميركي.
وأشار البنك المركزي العراقي في بيان تابعته "إيلاف" الى أن زيليكو أشاد بالإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب واعتماد المعايير الدولية في التحويلات المالية.
وقد دعا المسؤول العراقي المصرفي نظيره الأميركي الى فتح مكتب تمثيلي للمصرف الأميركي في العراق "واعداً إياه بتقديم الدعم اللازم لتسهيل هذه الخطوة لما تمثله من انعكاسات إيجابية على الاقتصاد العراقي بشكل عام والقطاع المصرفي بشكل خاص" بحسب البيان.
وقد ناقش الجانبان أيضاً التعاون المشترك في مجالات إدارة الاستثمارات والدعم الفني والتدريب، في مجالات مختلفة.
يشار الى أن مصرف "جي بي مورغان" يعد أكبر مصرف أميركي من حيث الأصول المالية حيث تبلغ أصوله حوالى 4 ترليونات دولار أميركي.
ومن شأن هذا الدعم الأميركي للتجارة العراقية الخارجية بالدولار أن تحقق فعلاً أن يسهل تسديد ديون العراق الى إيران بالدولار واستثنائها من العقوبات الأميركية عليها.

أزمة متجددة
وتأتي هذه المباحثات العراقية الأميركية في وقت يواجه قطاع الكهرباء العراقي أزمة جديدة منذ الشهر الماضي مع انقطاع إمدادات الغاز الإيرانية ماتسبب في انقطاعات كهربائية لمناطق الجنوب العراقي نتيجة نقص حوالي الف ميغا واط من الكهرباء.
وقالت وزارة الكهرباء العراقية في في 20 من الشهر الماضي في بيان تابعته "ايلاف" أن إمدادات الغاز المورّد الى المنطقة الجنوبية بدأ يشهد انحساراً تسبب في نقص إنتاج الطاقة بنحو ألف ميغاواط من إنتاج المنظومة الكهربائية للبلاد.
وأزاء ذلك فقد وجه وزير الكهرباء العراقي زياد علي فاضل بضرورة إجراء تنسيق مكثف مع وزارة النفط في بلاده لإمكان تعويض ما فقدته محطات التوليد من الغاز اللازم لتشغيلها بالترافق مع دعوته المواطنين الى ترشيد استهلاك الطاقة بإطفاء الأجهزة والإنارة غير الضرورية، ليتمكن العاملون في الوزارة من السيطرة على الأحمال وضغط الكلف التشغيلية لقاء شراء الغاز.
ومؤخراً أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مضي حكومته في مشروع استثمار الغاز في مشاريع الطاقة وتوليد الكهرباء ضمن مساعي تحقيق إيرادات مالية وإنهاء استيراد العراق للمنتجات النفطية.
لكن وزارة الكهرباء العراقية تقول ان البلاد بحاجة إلى الغاز الإيراني لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية لفترة بين 5 و10 سنوات.