إيلاف من القدس: شكل لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع قناة فوكس نيوز الأميركية حدثًا عالميًا، غطى على كل اللقاءات الجارية في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

ما لفت الانتباه في اللقاءات الجارية هو لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، حيث شدد بايدن على أمرين اثنين: حلّ القضية الفلسطينية منوهًا بالقول "إننا نقترب من حل الدولتين"، وطالب نتانياهو بوقف الإجراءات والاصلاحات القضائية في بلاده والتوافق بشأنها. والمعروف ان موقف الولايات المتحدة هو ضد الاصلاحات التي تقودها حكومة نتانياهو والتي من شأنها الحدّ من سلطة القانون في اسرائيل.

نتانياهو
وأكد نتانياهو للرئيس الأميركي سعيه لتوافق مع المعارضة، وان لم يكن ذلك متاحا فسيذهب للشعب. يمكن تفسير ذلك على حالتين: الاولى، الذهاب لانتخابات مبكرة او اتخاذ خطوات أحادية الجانب استنادًا إلى الأغلبية البرلمانية 64 عضوًا لائتلافه، وهو يعتبر قرار الشعب في الانتخابات الأخيرة.
من جانبٍ آخر، ركز نتانياهو على إمكانية التطبيع مع المملكة العربية السعودية، وأضاف هذه المرة_ بشكلٍ غير معتاد_ أهمية إشراك الفلسطينيين في هذه المباحثات بين الولايات المتحدة والسعودية، لكنه طلب ألا يكون للفلسطينيين فيتو على التطبيع.

الموقف السعودي
من ناحيته، قال ولي العهد السعودي في لقائه مع فوكس نيوز بشكلٍ واضح: ما لا يريد الإسرائيليون وربما جزء من الأميركيين فهمه بشكل صحيح، ان حل المسألة الفلسطينية هو أساسي للتوصل للتطبيع.
وأشار إلى أن المحادثات مع الأميركيين بهذا الشأن مستمرة، وأمل أن تثمر جهود بايدن في هذا الاتجاه، مشيرًا إلى أنه إذا تم الاتفاق وخفت معاناة الفلسطينيين، فإن اتفاق مع إسرائيل برعاية الولايات المتحدة واتفاق مع الولايات المتحدة سيكون "أعظم اتفاق في العالم بعد الحرب الباردة".

السلاح النووي
حديث ولي العهد عن السلاح النووي والندية في امتلاك مثل هذا السلاح إذا امتلكته إيران، أثار ردود فعل في العالم وفي إسرائيل، حيث عبر مسؤولون أمنيون عن خشيتهم من سباق تسلح نووي في المنطقة سيعود بالضرر على إسرائيل.
وتشير المعلومات إلى أن الأجهزة الأمنية في إسرائيل تعارض منح الولايات المتحدة للسعودية إمكانية تخصيب اليورانيوم على أراضيها، وذلك بالتزامن مع نشر معلومات حول نية نتانياهو الموافقة على هذا الأمر بشرط أن يكون ذلك تحت رعاية واشراف الأميركيين.

البيت الأبيض
إذا تمعنا جيدًا في التصريحات التي صدرت من البيت الأبيض ومن مكتب رئيس حكومة إسرائيل عقب لقاء بايدن- نتانياهو، نرى أن الولايات المتحدة تضغط باتجاه حلّ القضية الفلسطينية مثل السعودية، ونرى أن إسرائيل كعادتها تحاول تجاهل الفلسطينيين ولا تعتبر المسألة الفلسطينية ذات أهمية، على عكس ما صرّح به ولي العهد السعودي وقبله وزير الخارجية فيصل بن فرحان حول ضرورة إعادة حل الدولتين إلى الواجهة، والعمل على تحقيق ذلك.


اليمين الإسرائيلي
من جهة أخرى، وبعد تصريحات ولي العهد، انهالت التعقيبات من اليمين الإسرائيلي الرافض لأي تسوية مع الفلسطينيين، والذين بدورهم أكدوا على أن أرض إسرائيل هي للشعب اليهودي.

وكان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموطرتش قال خلال الأيام الأخيرة إنه يدعم اتفاقًا مع السعودية، لكنه لن يوافق على أي اتفاق مع الفلسطينيين أو أوسلو 2 أو أي انسحاب أو منح السلطة الفلسطينية صلاحيات في الأراضي الفلسطينية المصنفة "C"، وهدد بإسقاط حكومة نتانياهو إذا ذهب نتانياهو لحلّ يضمن قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية.

نتانياهو بين مطرقة ولي العهد السعودي الذي يطرح حل المسألة الفلسطينية كشرط أساسي للتطبيع والسلام في المنطقة، وبين سندان أركان حكومته من اليمين الذين يرفضون فكرة أي تسوية مع الفلسطينيين ويعتبرون أرض إسرائيل هي معاهدة بين الله والشعب اليهودي، ولا يمكن كسرها.
اختيار نتانياهو سيكون صعبًا، لأن أي من الخيارين سيكون "أحلاهما مر" بالنسبة له: اتفاق مع الفلسطينيين يتبين بحلّ حكومته والذهاب لانتخابات، ورضوخ لليمين يعني تفويت فرصة سلام تاريخية مع أهم دولة في القرن الحادي والعشرين.