إيلاف: في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل، السؤال الرئيسي الذي يجب أن نطرحه هو: "لماذا؟". ما الذي تأمل حماس أن تكسبه؟ تم تقديم أسباب مختلفة، بما في ذلك تعطيل المفاوضات الرامية إلى تطبيع العلاقات الإسرائيلية السعودية، واستعادة اهتمام العالم المتضائل بالقضية الفلسطينية، ووفقًا لمتحدث باسم حماس، اضطهاد إسرائيل للفلسطينيين واعتداءاتها على المسجد الأقصى.

مما لا شك فيه أن هذه كلها أسباب مساهمة، لكنها ليست القصة الكاملة.

على الرغم من أن حماس هي جماعة سنية، فأن النظام الشيعي في طهران قدم لها دعماً مالياً ومادياً كبيراً كجزء من استراتيجيته الرامية إلى جذب الشارع السني لتحظى إيران بالهيمنة الإقليمية. وبينما تشير التقارير إلى أن جزءًا رئيسيًا من المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة بشأن اتفاقية التطبيع الإسرائيلية - السعودية سيكون ضمانًا أمنيًا أميركيًا للسعودية، فإن إيران تريد منع ذلك. إن هجوم حماس الذي يثير أعمال عنف فلسطينية - إسرائيلية دراماتيكية يجعل من الصعب جداً مواصلة الرياض هذه المحادثات الدبلوماسية.

الغبي المفيد

مع ذلك، حماس ليست دمية إيران بالكامل، كما يتضح من انقسامها حول دعم نظام الأسد في سوريا خلال السنوات القليلة الأولى من الحرب الأهلية السورية. تحتفظ حماس بالاستقلال الاستراتيجي. وهي تشترك في الكراهية الإسلامية لإسرائيل مع رعاتها الإيرانيين، لكنها ليست ذراعاً عملياتية للنظام الإيراني، ملزمة باتباع الأوامر الصادرة من الخارج. كما أن زعماء حماس ليسوا نسخة إسلامية من "الأغبياء المفيدين" كما قال لينين. تدرك قيادة حماس أن هجوماً بهذا الحجم الذي نفذته سيقابل برد عسكري إسرائيلي ساحق. وقيادة حماس ليست ساذجة ولا متعصبة إلى الحد الذي يجعلها تعتقد حقاً أن هذا الهجوم سيؤدي إلى انتفاضة عامة تطيح بالدولة الإسرائيلية.

ونظراً إلى حجم هذا الهجوم، الغزو البري لغزة وإزاحة إسرائيل حماس من السلطة أمر لا مفر منه. ومثل هذه النتيجة ليست ثمناً ستدفعه حماس لإرضاء طهران. مؤكد أن استعادة الاهتمام بالقضية الفلسطينية يشكل أثراً رئيسياً مقصوداً من الهجوم، لكن إذا كان هذا هو الدافع الوحيد، فلماذا تقوم حماس بتصعيد العنف المستخدم في الهجمات السابقة، مع العلم أن من شأن الرد الإسرائيلي أن يكلف حماس خسارة السيطرة على غزة؟

منذ توليها السلطة في غزة، عانت حماس من الفساد ، وشهدت نوعية الحياة في القطاع تدهورًا في ظل حكمها، ولم تكتسب سوى دعم شعبي محدود، على الرغم من كراهية العديد من الفلسطينيين للسلطة الفلسطينية. ومن عجيب المفارقات هنا أن زعماء حماس ربما تعلموا من مشاهدة زوال فتح، فقرروا أن الهوية الأساسية للمنظمة أصبحت معرضة للخطر على نحو متزايد عندما أثقلت كاهلها بمسؤولية الحكم.

التحديات والمخرج

يسارع المدافعون عن حماس للإشارة إلى الضوابط الحدودية الإسرائيلية والمصرية على غزة باعتبارها السبب وراء أداء حماس الهزيل. مع ذلك، هذا الدفاع التبسيطي يتجاهل أن الأيديولوجيا الإسلامية التي تتبناها حماس هي سبب اعتبار مثل هذه الضوابط ضرورية. مؤكد أن الاكتظاظ السكاني وقلة الموارد يجعلان حكم غزة تحدياً لأي منظمة أو جماعة. مع ذلك، ينتهي الأمر بالنظام القمعي والمنغلق وغير الخاضع للمساءلة والذي يشجع العنف ضد جارته الأكبر إلى فقدان الدعم التنموي الخارجي.

التخلي عن السلطة طوعاً ليس خياراً إذا كانت الجماعة تأمل في الحفاظ على صدقيتها الشعبية. لذلك ربما تكون حماس قد قررت أن إسرائيل هي الممر الوحيد للخروج من هذا المازق. ستصبح إسرائيل مثقلة بالمسؤولية عن غزة، ما يجعلها أكثر عرضة للهجمات والانتقادات السياسية الدولية. والحقيقة أن إسرائيل لا تريد غزة، وستحاول التهرب من المسؤولية عنها إن أمكن. لكن الوضع الأمني الذي خلقته حماس يدفع إسرائيل إلى تحمل المسؤولية، على الأقل على المدى القصير. وستدفع حماس ثمن فقدان الأفراد والعتاد. والأمر الأكثر إدانة هو أن حماس ستُخضع المدنيين في غزة لتكاليف أكبر كثيرًا. لكن يستحيل القضاء على المنظمة بشكل كامل، فحماس ستبقى على قيد الحياة.

فلماذا هاجمت حماس؟ لأنها سعت إلى عكس الاتجاه نحو تطبيع العلاقات الدبلوماسية الإسرائيلية - العربية، ولأنها سعت إلى استعادة الاهتمام العالمي بالقضية الفلسطينية، ولأنها تتمسك بإيديولوجيا إسلامية متطرفة، وربما الأكثر دلالة، لأنها افتقرت إلى القدرة على الحكم...فبحثت عن مخرج.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "1945" الأميركي