قال مصدر طبي في مجمع الشفاء الطبي لبي بي سي إن الجيش الإسرائيلي انسحب من داخل المجمع، ويعيد انتشار دباباته وقواته في محيطه من الخارج.
وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنه لم يعثر حتى اللحظة على أي إشارات تدل على وجود مختطفين أو محتجزين داخل مجمع الشفاء الطبي بغزة عقب عمليات تمشيط واسعة داخل مباني المشفى.
ونشر الجيش مقطعا مصورا عبر طائرة بدون طيار التقطت اللحظات الأولى لاقتحام القوات الإسرائيلية للمجمع الطبي.
من جهتها حملت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، الحكومة الإسرائيلية والمجتمع الدولي المسؤولية عن حياة المرضى والطواقم الطبية والنازحين في مجمع الشفاء الطبي، وحذرت من "مجزرة قد ترتكب داخله".
وأشارت الوزيرة إلى أن الصمت الكامل لبعض الدول شجع الجيش الإسرائيلي على اقتحام المجمع الطبي، في انتهاك صارخ للقانون الدولي. ووصفت اقتحام الجيش الإسرائيلي لمجمع الشفاء الطبي بـ "جريمة ضد الإنسانية".
كما حملت حركة حماس من جانبها في بيان، الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن اقتحام مرفق صحي محمي بحكم اتفاقية جنيف الرابعة على حد ما ورد عنها.
وطالب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، الأربعاء باتخاذ إجراءات فورية "لكبح جماح المذبحة" الجارية في غزة، بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مجمع الشفاء، أكبر مستشفى في القطاع الفلسطيني.
وقال في بيان "بينما تبلغ المذبحة في غزة مستويات جديدة من الرعب كل يوم، يواصل العالم مشاهدة ذلك في حال من الصدمة بينما تتعرض المستشفيات لإطلاق النار ويموت الأطفال الخدج ويُحرم السكان بأكملهم من وسائل البقاء الأساسية. لا يمكن السماح باستمرار هذا الأمر".
وأضاف أنه "شعر بالفزع"، وأن "المستشفيات ليست ساحات للقتال".
وفي الوقت نفسه، قالت منظمة الصحة العالمية إنها "قلقة للغاية" على المرضى والموظفين الذين فقدت الاتصال بهم.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق عن سيطرته على مواقع عدة في مدينة غزة من بينها مواقع في مخيم الشاطئ.
وأوضحت وزيرة الصحة الفلسطينية أن الجيش الإسرائيلي فرض حصاراً مشدداً على المجمع الطبي منذ عدة أيام، وقصف خلالها أكثر من خمسة مباني داخله، وأطلقت النيران والقذائف على الجرحى والنازحين والطواقم الطبية المتواجدين هناك.
وأكدت الوزيرة أن الآلاف من المرضى والنازحين والكوادر الطبية لا يعرف مصيرهم حالياً.
وقال جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض، إن الولايات المتحدة لديها معلومات استخباراتية خاصة بها، والتي جاءت من مجموعة متنوعة من المصادر، تشير إلى أن حماس استخدمت المستشفيات في قطاع غزة والأنفاق تحتها لإخفاء العمليات العسكرية واحتجاز الرهائن.
وقال إن "أعضاء حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني يديرون غرفة قيادة وعمليات من مجمع الشفاء في مدينة غزة"، مضيفا أن ذلك يظهر مدى صعوبة العملية الإسرائيلية؛ لأن حماس "تجذرت بعمق بين السكان المدنيين".
لكن الدكتور أحمد، جراح التجميل في مستشفى الشفاء، الذي تواصلت معه بي بي سي، أصر على أنه لم يكن هناك سوى مدنيين في المستشفى، وقال إنه لم ير قط مسدسًا واحدًا داخل المستشفى، أو أي وجود لحماس.
وأضاف أن ست دبابات ونحو 100 جندي من القوات الخاصة اقتحموا المجمع أثناء الليل، وقسم الطوارئ الرئيسي.
وكشف رئيس قسم الطوارئ في مستشفى الشفاء بغزة، اليوم الأربعاء، بحسب ما نقلته تقارير إعلامية، أن الجيش الإسرائيلي "يعصب أعين النازحين الذين احتموا من القصف في المستشفى، وجردوهم من ملابسهم ونقلوهم إلى جهة مجهولة".
وقال أطباء داخل مجمع الشفاء الطبي لبي بي سي إنه تم تحذيرهم من الاقتراب من النوافذ أو التحرك من المباني الداخلية للمستشفى بعدما اقتحمت عناصر الجيش الإسرائيلي المستشفى في ساعة مبكرة من صباح اليوم.
وقال الصحفي خضر وهو صحفي داخل مستشفى الشفاء، لمراسل بي بي سي، رشدي أبو العوف، إن القوات الإسرائيلية انتقلت من غرفة إلى غرفة، ومن طابق إلى طابق، لاستجواب الموظفين والمرضى، وكان برفقتها مسعفون ومتحدثون باللغة العربية.
وطلب جنود الجيش الإسرائيلي، عبر مكبرات الصوت، من جميع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و40 عاما مغادرة مباني المستشفى، باستثناء أقسام الجراحة والطوارئ، والذهاب إلى فناء المستشفى.
وقال الصحفي خضر إن الجنود أطلقوا النار في الهواء لإجبار من ظلوا بالداخل على الخروج، وأضاف أن القوات قامت بتركيب جهاز مسح واستشعار وطلبت من الرجال المرور من خلاله.
ومن الصعب معرفة ما يجري بدقة داخل المجمع لأن الاتصال مع المشفى بات تقريبا مقطوعا.
في المقابل قال عضو مجلس الحرب، بيني غانتس، إن إسرائيل ستصل إلى قيادات حماس بالطريقة ذاتها التي وصلت بها إلى مناطق سيطرة الحركة داخل غزة.
تدهور الوضع الإنساني
وقال الدكتور مروان أبو سعدة، رئيس قسم الجراحة العامة بمجمع الشفاء الطبي، لبي بي سي إن هناك 36 من الأطفال الخدج في المستشفى الآن خارج الحضانات، بعد وفاة ثلاثة منهم بسبب نقص الأكسجين والنزلات المعوية.
وأشار أبو سعدة إلى أن الأطفال مقسمون على أربع مجموعات، تشمل كل مجموعة من ثمانية إلى عشر أطفال، موضحا أن أصغرهم عمرا يبلغ 28 أسبوعا، وأن أوزانهم تتراوح ما بين 800 إلى 1200 غرامات.
وفي مكالمة هاتفية مع بي بي سي، أوضح الدكتور أبو سعدة، أن جميع الأطفال الخدج الموجودون في المستشفى ليس لديهم آباء أو أمهات موجودين في المنشأة الطبية ، مشيرا إلى أن أربعة منهم ولدوا في عمليات قيصرية، بينما عثر على اثنين منهم في مناطق شهدت قصفا عنيفا.
ويقول الطبيب إن الطاقم الطبي يبذل أقصى جهوده للحفاظ على حياة الأطفال الخدج من خلال وضعهم في غرفة لعمليات القلب بمبنى الجراحة العامة في المجمع، حيث تم وضعهم على أسرة مغلفة ببطانيات مدفئة و أوراق الألمنيوم للحفاظ على حرارتهم. يأتي ذلك بعد نقلهم من وحدة الحضانات عقب انقطاع الكهرباء بالكامل عن المستشفى. وقال "نستخدم البطاطين المدفئة، ونعطيهم الأكسجين والمضادات الحيوية عند الحاجة، إلى جانب الرضاعة بالطبع".
وقال الدكتور محمد العبيد، جراح العظام بالمستشفى، لبي بي سي إن 15 طبيبا من مختلف التخصصات تجمعوا في غرفة واحدة داخل مبنى الجراحة العامة، مشيرا إلى أنهم لم يتمكنوا من تحديد عدد الجنود الإسرائيليين الذين دخلوا إلى بعض مباني المستشفى. ولكن العبيد "تمكن من النظر سريعا من نافذة إحدى غرف العمليات ليرى سبعة جنود يدخلون من مبنى طب الباطنة إلى مبنى يعرف بمبنى الأمير نايف، كان يعد ليكون مركزا للأشعة".
وأوضح الطبيب الفلسطيني أن عددا من الدبابات كانت تطوق المستشفى من الداخل، مشيرا إلى أن الأطباء في المستشفى لم يتمكنوا حتى من التواصل مع زملائهم في المباني الأخرى، قائلا "نحن منقطعون عما يحدث في الخارج
وأضاف: "قبل اقتحام المستشفى، تم قصف الجسر الذي يصل مبنى الجراحة العامة والجراحة التخصصية، فلم يمكننا حتى التنقل بين المبنيين. كما قمنا بإخلاء الطابق الرابع بمبنى الجراحة العامة الذي تعرض أيضا للقصف وتدمرت جدرانه بشكل كبير". وأوضح العبيد أنه قبل الاقتحام بنحو 12 ساعة، كان هناك "إطلاق نار وقصف مكثف في محيط المستشفى، حتى أن جميع المباني حول المستشفى محيت بالكامل، كما رأيناها".
التعليقات