إيلاف من دبي: صفقة تبادل الرهائن بين إسرائيل وحماس ستجلب البهجة إلى 50 عائلة إسرائيلية، وستوقف القتال أربعة أيام وهذا أمر مهم للمدنيين الفلسطينيين المحاصرين في غزة. ممكن أن يتوسع الأمر ليشمل تهدئة أوسع نطاقاً لهذا "الصراع الكابوس"، كما يصفع ديفيد إغناتيوس، في مقالته المنشورة في "واشنطن بوست".

بحسب إغناتيوس، ما يحرك اتفاقية إطلاق سراح الرهائن، والتي وافقت عليها الحكومة الإسرائيلية في وقت مبكر الأربعاء، هي سياسة "خذ وطالب"، وهذه صيغة معروفة جيداً في مفاوضات الحد من الأسلحة. إذا سلمت حماس المزيد من الرهائن، إسرائيل مستعدة لتمديد فترة الهدنة، "كما أخبرني مسؤول إسرائيلي كبير، مؤكدًا أن لا حد أقصى للمدة التي قد توقف فيها إسرائيل عملياتها في غزة، إذ تسعى إلى إطلاق سراح جميع الرهائن، بمن فيهم العسكريين"، كما يقول. أضاف المسؤول الإسرائيلي: "إذا استغلوا فترة التوقف لإطلاق سراح المزيد من الرهائن، سنمنحهم المزيد من الوقت".

هكذا تبلورت الصفقة

تستند رواية إغناتيوس إلى كيفية تبلور الصفقة في خلال محادثات مكثفة جرت الثلاثاء مع مسؤول قطري كبير ومسؤول إسرائيلي كبير، طلبا عدم الكشف عن هويتيهما بسبب حساسية المفاوضات. أشاد المسؤولون الأميركيون، الذين أدوا دورًا حاسمًا في وصول الصفقة إلى خواتيمها، بدور الوساطة الذي لعبته قطر والدعم الذي قدمته مصر. بموجب الاتفاق، تفرج إسرائيل عن نحو 150 امرأة وطفلا فلسطينيا في سن المراهقة محتجزين في السجون الإسرائيلية، إضافة إلى وقف القتال، على أن يتم إطلاق المعتقلين من الجانبين في مجموعات خلال الهدنة التي تستمر أربعة أيام.

يقول إغناتيوس: "هذه الصفقة التي توسط فيها رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني هي دراسة حالة حول كيفية عمل الوساطة الدبلوماسية. كانت عملية استخباراتية تديرها بهدوء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والموساد الإسرائيلي. وعلى الرغم من انتقاد بعض الإسرائيليين قطر لإيوائها إرهابيي حماس، أثبتت الدوحة أنها وسيط لا غنى عنه. وبمرور الوقت، أصبحت كل من إسرائيل وحماس تثق في الوسيط، كما أشاد مسؤول كبير في إدارة بايدن بمصر لمساعدتها في نجاح الصفقة".

قال مسؤول قطري كبير خلال مقابلة الثلاثاء: "هذا دليل على نجاح الحوار. إنها خطوة أولى. في جميع وساطاتنا، نخطو خطوات صغيرة نحو صفقات كبيرة". كانت القضية الأصعب هي من يسيطر بالفعل على الرهائن. على الرغم من أن الأسرى يوصفون في كثير من الأحيان بأنهم تحت سيطرة حماس بالكامل، فإن المسؤول الإسرائيلي يقول أنه من بين نحو 100 امرأة وطفل إسرائيلي، لم يكن لحماس إمكانية الوصول الفوري إلا إلى 50 سيطلق سراحهم، ومحتمل أن تتمكن المجموعة من السيطرة على 20 آخرين، وإذا تم إطلاق سراحهم، ستمدد إسرائيل فترة التهدئة. أما النساء والأطفال البالغ عددهم 30 شخصًا أو نحو ذلك، فهم محتجزون لدى فصائل أصغر مثل الجهاد الإسلامي، وبعضهم محتجز لدى عائلات فردية.

تفاصيل لوجستية

خلال هدنة الأربعة أيام، ستسمح إسرائيل بتسليم الوقود وغيره من الضروريات للفلسطينيين في قطاع غزة. وقد تسمح هذه الهدنة لحماس بإعادة تجميع صفوفها، لكنها قد تخفف أيضاً من الانتقادات الدولية المتصاعدة لإسرائيل، والتي بدأت تهدد المصالح الوطنية الإسرائيلية، بحسب إغناتيوس، الذي يضيف: "حتى لو تم إطلاق سراح جميع النساء والأطفال الإسرائيليين، سيبقى نحو 140 رهينة أخرى. يأمل القطريون في أن تطلق حماس سراح هؤلاء تدريجياً أيضاً، وربما نصل في نهاية المطافإلى إطلاق سراح الرجال والنساء العسكريين. ليس واضحًا الثمن الذي ستطالب به حماس حينها".

كانت التفاصيل اللوجستية موضوع مساومة مكثفة. أصر الإسرائيليون على عدم فصل الأطفال عن أمهاتهم أثناء الرحلة إلى الحرية، فيما طالبت حماس طائرات الاستطلاع الإسرائيلية بعدم تعقب عناصرها أثناء تحركهم بين المواقع لجمع الرهائن. أرادت قطر إنشاء غرفة عمليات في الدوحة، تدار بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، للمساعدة في إدارة الاتصالات. وشددت إسرائيل على أنه لا يمكن إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين الذين قتلوا إسرائيليين إلا إذا كان لدى عائلات الضحايا 24 ساعة للاحتجاج أمام المحكمة العليا الإسرائيلية. وحتى مستوى المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة كان نقطة تفاوض. وأوضح المسؤول الإسرائيلي أن إسرائيل بدأت السماح بدخول إمدادات الوقود وقوافل الإغاثة إلى غزة منذ أيام، لكنها أحجمت عن الموافقة على المزيد من الإمدادات إلى أن وافقت حماس على شروط إطلاق سراح الرهائن.

يختم إغناتيوس مقالته بالقول: "ما لم تتنازل عنه إسرائيل في صفقة تبادل الرهائن بالأسرى هو رغبتها المطلقة في تدمير قوة حماس السياسية في غزة. وقال المسؤول الإسرائيلي الكبير: لا يمكننا أن نسمح لحماس بالخروج من الأنفاق وإعلان النصر والسيطرة على غزة. وواضح أن إسقاط حماس يظل مطلب إسرائيل الوحيد غير القابل للتفاوض".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها ديفيد إغناتيوس ونشرتها "واشنطن بوست"