سكوبيي (جمهورية مقدونيا الشمالية): بدأت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الخميس اجتماعها السنوي في مقدونيا الشمالية، وهي فرصة اغتنمها كل أعضائها تقريبا لانتقاد موسكو علنا، فيما اعتبر وزير الخارجية الروسي أن المنظمة "على حافة الهاوية".

وأعلن وزير خارجية مقدونيا الشمالية بوجار عثماني الرئيس الحالي للمنظمة خلال افتتاح الاجتماع أن "الحرب العدوانية التي تخوضها روسيا ضد أوكرانيا تشكل إهانة" لقيم هذه المجموعة.

وقال أمام نظيره الروسي سيرغي لافروف الذي دفع مجيئه أوكرانيا وبولندا ودول البلطيق الى مقاطعة الاجتماع، إن هذه الحرب "تقوّض الثقة والحوار وقدرتنا على التحرك".

واعتبر ممثل الولايات المتحدة جيمس أوبراين أن الغزو الروسي يشكل إهانة "للقانون الدولي وللمبادئ التي تقوم عليها هذه المنظمة. أضم صوتي إلى صوت زملائي الذين يطالبون روسيا بوضع حد لانتهاكاتها للمبادئ الأساسية للمنظمة"، مضيفا "لست متأكدا من أنهم ما زالوا على استعداد للاستماع".

ولأكثر من ساعتين، دانت الخطب كلها تقريبا الغزو الروسي والحرب المستعرة في أوكرانيا.

واعتبر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مساء الأربعاء أن لافروف "يجب أن يسمع من الجميع، مرة أخرى، لماذا روسيا تتعرض للإدانة والعزلة... وعندها سيكون قادرا على تقديم تقرير لسيد الكرملين مفاده أن الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا يظلان متحدين لإدانة سلوك روسيا العدواني وغير القانوني".

قاطع خطابات نظرائه
لكن وزير الخارجية الروسي قاطع خطابات نظرائه، وغادر الغرفة بمجرد انتهاء كلمته.

واتهم لافروف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بأنها أصبحت "ملحقة بحلف شمال الأطلسي" قبل أن يقترح "دفنها". وقال "دعونا نقر بأن المنظمة تقف على حافة الهاوية، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل لا يزال من المنطقي الاستثمار في تنشيطها؟".

وأضاف الدبلوماسي الروسي أن "الوضع الحالي هو نتيجة مباشرة للمحاولات الحثيثة لجيراننا الغربيين لضمان هيمنتهم من خلال استخدام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بلا خجل لتعزيز مصالحهم بشكل عدواني".

وبناء على طلب منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، تحدث وزير الخارجية النمسوي ألكسندر شالنبرغ مع سيرغي لافروف. وأوضحت فيينا في بيان أنهما ناقشا التوظيف في المناصب التسييرية في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وتحدث لافروف أيضا مع وزير خارجية المجر، الدولة العضو الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي حافظت على علاقات وثيقة مع روسيا. وقال الوزير المجري بيتر سيارتو عبر فيسبوك "سياستنا الخارجية مبنية على مصالحنا الوطنية، ولا نقبل أي ضغوط خارجية. ولهذا السبب، سنتعاون مع روسيا في الأشهر المقبلة بشأن احتياطياتنا من الطاقة".

ومن المقرر أن يعقد وزير الخارجية الروسي مؤتمرا صحافيا صباح الجمعة.

تنديدا بالمشاركة الروسية، قررت إستونيا وليتوانيا ولاتفيا مقاطعة القمة. وقال وزير الخارجية الإستوني مارغوس تساكنا إن "مكان لافروف هو في محكمة خاصة وليس على طاولة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا".

وقاطعت كييف أيضا الاجتماع مستهجنة وجود "دولة أطلقت أكبر عدوان مسلح في أوروبا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية".

"غير مقبول"
من جهتها، اعتبرت وارسو وجود لافروف بأنه "غير مقبول" بعدما كانت رفضت مشاركته العام 2022 في اجتماع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا كانت تستضيفه، ما أثار احتجاجات موسكو.

وقد وصل لافروف ليلا إلى مقدونيا الشمالية "رغم مؤامرات الأعداء" كما كتبت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على تلغرام.

وكانت بلغاريا سمحت في بادئ الأمر للوزير لافروف المستهدف بعقوبات غربية بسبب الحرب في أوكرانيا بالتحليق فوق مجالها الجوي، لكنها عادت وسحبت هذا الإذن بسبب وجود زاخاروفا في طائرته وهي أيضا خاضعة لعقوبات ويحظر عليها دخول الاتحاد الأوروبي.

بالتالي وصلت طائرة لافروف أخيرا إلى مقدونيا الشمالية مرورا فوق اليونان بحسب وكالات الأنباء الروسية وموقع فلايت رادار.

تأسست منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في آب/أغسطس 1975 حين اتفقت الكتلتان الغربية والسوفياتية على إنشاء منتدى حوار بين المعسكرين العدويين، وباتت تضم حاليا 57 دولة. وتشهد المنظمة منذ شباط/فبراير 2022 أخطر أزمة في تاريخها.

وكادت أن تكون بلا رئاسة عام 2024، قبل أن توافق مالطا في اللحظة الأخيرة على تولي الرئاسة بدلا من إستونيا، لأن موسكو لم تكن ترغب في أن تتولى دولة عضو في حلف شمال الأطلسي هذا المنصب الاستراتيجي. ويفترض ان تتم المصادقة على هذا القرار في سكوبيي.