قطاع غزة (الاراضي الفلسطينية): تدور معارك الاثنين في جنوب قطاع غزة بعد أن توغّلت عشرات الآليات العسكرية الاثنين الى المنطقة، ما يجعل الوضع أكثر خطورة للسكان المحاصرين بسبب القصف.
عمليات برية
ويشنّ الجيش الإسرائيلي عمليات برية في شمال القطاع منذ 27 تشرين الأول/أكتوبر، أي بعد 20 يوما على اندلاع الحرب مع حماس إثر الهجوم الذي شنّته الحركة على أراضي الدولة العبرية. وتركزت العمليات البرية في شمال القطاع الذي طلب الجيش من سكانه إخلاءه والتوجه نحو مناطق الجنوب.
ومنذ استئناف القتال الجمعة بعد انتهاء هدنة استمرت أسبوعا مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ركّز الجيش في شكل أساسي على الضربات الجوية، مع قصف مكثّف على مناطق في الجنوب مثل مدينتي خانيونس ورفح.
قصفٌ على رفح
وأبدى مدير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) في غزة توماس وايت أسفه لأنه "حتى في رفح إلى حيث يضطر الناس للفرار، تسمع أصوات القصف الجوي".
وأضاف "يطلب منا الناس نصيحة بشأن مكان آمن يمكنهم الذهاب إليه. لا نعرف ماذا نقول لهم".
انقطاع الاتصالات
في غضون ذلك، أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية "بالتل" الإثنين انقطاع الاتصال بالهاتف والانترنت في عموم غزة، مع توسيع الجيش عملياته البرية.
وقالت في بيان "نأسف للإعلان عن انقطاع كامل لكافة خدمات الاتصالات والإنترنت مع قطاع غزة، وذلك بسبب تعرض المسارات الرئيسية والتي تم إعادة وصلها سابقاً للفصل مرة اخرى".
من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة الاثنين أنها تطلب من إسرائيل السماح بإدخال مزيد من الوقود إلى قطاع غزة بعد انتهاء الهدنة مع حركة حماس، مؤكدة أنها لمست "تحسّنا" في تحديد إسرائيل نطاق الأهداف في غزة مقارنة مع العمليات العسكرية بشمال القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي الإثنين إنه "يتصرف بقوة ضد حماس والمنظمات الإرهابية" في القطاع حيث يحذّر يوميا السكان عبر منشورات يلقيها جوا من "هجوم رهيب وشيك" في خانيونس ومحيطها، داعيا إياهم الى المغادرة.
وذكر شهود لوكالة فرانس برس أن عشرات الدبابات وناقلات الجنود والجرافات العسكرية الإسرائيلية توغلت في بلدة القرارة شمال شرق خانيونس.
وقال أمين أبو هولي (59 عاما)، وهو من سكان منطقة القرارة، إن "عشرات الدبابات وناقلات الجند والجرافات العسكرية توغلت حوالى ألفي متر في بلدة القرارة"، موضحا أن الدبابات دخلت "من بوابة كيسوفيم العسكرية الإسرائيلية (...) وهي تتمركز في منطقة أبو هولي غرب طريق صلاح الدين" الذي يصل بين شمال القطاع وجنوبه.
وقال معاذ محمد (34 عاما)، وهو صاحب محل أحذية يسكن البلدة، "هربنا عصر أمس أنا وزوجتي وأطفالي الثلاثة وأبي وأمي. الدبابات الآن تتواجد على جانبي طريق صلاح الدين وتغلقه بالكامل على مفترق المطاحن بين دير البلح وخان يونس، وتطلق قذائف والرصاص باتجاه أي سيارة أو أي مواطن يتحرك بالمنطقة".
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس الإثنين ارتفاع حصيلة القتلى إلى 15899 قتيلا، 70 في المئة منهم نساء وأطفال ومراهقون، جراء القصف الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وأدى هجوم حماس الى مقتل 1200 شخص في إسرائيل معظمهم مدنيون قضوا بغالبيتهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية.
وأعلن الجيش الإثنين مقتل ثلاثة جنود الأحد في شمال قطاع غزة، ما يرفع حصيلة القتلى الجنود إلى 75 منذ بدء العملية البرية وإلى 401 منذ بدء الحرب، بينهم الجنود الذين قضوا في هجوم حماس وجنود احتياط وعناصر أمن.
وبحسب الجيش، ما زال 137 رهينة محتجزين في قطاع غزة بعد إطلاق سراح 105 رهائن، بينهم ثمانون أطلق سراحهم لقاء الإفراج عن 240 أسيرا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية خلال الهدنة.
أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الإثنين أن حماس تحتجز ضمن الرهائن، جثث 15 شخصا هم 11 مدنيا وأربعة عسكريين بينهم ضابط كبير.
وتقول حماس إن القصف الإسرائيلي تسبب بمقتل عدد من الرهائن في القطاع.
واندلعت اشتباكات الاثنين في مدينة غزة التي استُهدفت بعمليات قصف جوي.وذكر شهود أن دبابات إسرائيلية أطلقت النار ودخلت للمرة الأولى سوق البلدة القديمة حيث دمرت عشرات الأكشاك.
وكانت غارة على مدخل مستشفى كمال عدوان في شمال مدينة غزة الاثنين أسفرت عن سقوط عدد من القتلى، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
واتهمت حكومة حماس في بيان الجيش الإسرائيلي بارتكاب "انتهاك خطير" للقانون الإنساني الدولي.
وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، لم يؤكد الجيش الإسرائيلي على الفور إن كان قصف محيط المستشفى. ومنذ اندلاع الحرب، تتهم إسرائيل حماس بإقامة مراكز في المستشفيات أو تحتها واستخدام المدنيين دروعا بشرية، وهو ما تنفيه الحركة بشدّة، متهّمة بدورها الدولة العبرية بشنّ "حرب مستشفيات".
وطال القصف وفق مصورين ومراسلين لفرانس برس، خانيونس ورفح في الجنوب، ودير البلح في الوسط، وغيرها من المناطق، ما أدى لسقوط العديد من القتلى والجرحى.
ومنذ بداية الحرب، نزح مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى جنوب القطاع أملا في الفرار من القتال أو استجابة لأوامر الجيش الإسرائيلي الذي يسيطر الآن على مناطق عدة في الشمال.
ويعيش هؤلاء في ظروف صعبة وتحت وطأة القصف في الجنوب ويحتمون بأعداد كبيرة في ملاجئ موقتة ومدارس وخيم وينامون في العراء أو في سياراتهم.
وفي حين أصبحت معظم مستشفيات شمال القطاع خارج الخدمة، تعاني مستشفيات الجنوب فوضى عارمة في ظل تدفق أعداد كبيرة من الجرحى تفوق قدرتها الاستيعابية فيما نفدت مخزونات الوقود فيها لتشغيل مولدات الكهرباء.
في منطقة مدمرة في مدينة رفح، كان ناجون يبحثون بين الأنقاض الاثنين.
وقال أبو جاهر الحاج وهو من سكان رفح "كنا جالسين في البيت وسمعنا صوتا هائلا ومرعبا وبدأت قطع الاسمنت تقع علينا، كأن زلزالا وقع. لم نشهد مثل هذا الأمر من قبل. اهتزت الأرض بقوة.
وإلى الشمال في دير البلح، ينتظر جرحى على الأرض الحصول على في مستشفى الأقصى.
وقالت الفلسطينية ولاء أبو لبدة "ابنتي البالغة أربع سنوات تحت الأنقاض، لا أعرف إن كانت حية أم ميتة. أوقفوا الحرب، لقد سئمنا من الحرب".
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأحد أنه نفذ حوالى "10 آلاف غارة جوية" على غزة منذ بداية الحرب، دمّرت أو ألحقت أضرارا بأكثر من نصف الوحدات السكنية، وفقا للأمم المتحدة.
وباتت الحاجات هائلة في القطاع الخاضع لحصار إسرائيلي مطبق، حيث نزح وفق الأمم المتحدة 1,8 مليون شخص بسبب الحرب، من أصل إجمالي سكان القطاع البالغ 2,4 مليون نسمة.
وباستثناء أيام الهدنة السبعة التي دخلت خلالها مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية عبر مصر، فإن معبر رفح الحدودي لا يفتح إلا جزئيا للسماح بمرور عدد قليل من الشاحنات أو إجلاء أجانب بأعداد محدودة للغاية.
في الموازاة، تثير بؤر توتر عدة في الشرق الأوسط قلق المجتمع الدولي، بعد أحداث الأحد في البحر الأحمر وفي العراق، في حين تتزايد أعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة وعلى الحدود بين إسرائيل ولبنان.
وشنّ الجيش الإسرائيلي فجر الاثنين عمليات في مناطق مختلفة من الضفة الغربية المحتلة خصوصا في جنين حيث انتشرت حوالى ثلاثين آلية عسكرية، بحسب وكالة "وفا" الفلسطينية.
وقتل خمسة فلسطينيين برصاص إسرائيلي خلال عمليات عسكرية للجيش في مناطق متفرقة في الضفة الغربية المحتلة، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي إنه كان يردّ على إطلاق نار استهدفه.
وتشهد الضفة تصاعدا في التوترات منذ اندلاع الحرب في غزة. ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، قتل أكثر من 250 فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي أو مستوطنين في مناطق مختلفة من الضفة، على ما تفيد وزارة الصحة الفلسطينية.
على صعيد آخر، استؤنفت الإثنين في القدس محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بتهم تتعلق بالفساد بعد تعليقها لنحو شهرين بسبب الحرب.ويتهم نتانياهو، زعيم حزب الليكود اليميني، بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وهو ينفي هذه الاتهامات.
التعليقات