إيلاف من بيروت: فتاة تقول وداعًا قبل أن تصعد إلى الجزء الخلفي من الشاحنة، وترسل قبلة في الهواء وهي تبتسم. خلفها امرأة أخرى تعانق مرات وتقلد حركات الشابة. ستة أشخاص آخرين على الأقل يقومون بذلك. وداع دافئ بين الأصدقاء؟ لا، إنها صور إطلاق سراح الرهائن الذين خطفتهم حماس بعد هجومها على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر الماضي، قبل مغادرتهم إلى ديارهم مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر عبر ممر رفح، على الحدود مع مصر.

بعد سبعة أيام من الهدنة بين حماس والجيش الإسرائيلي، عاد القصف والقتال في قطاع غزة. خلال فترة التوقف، تم إطلاق سراح أكثر من 100 أسير كجزء من الاتفاق بين الجانبين، ولا يزال 140 رهينة أخرى محتجزين في غزة. وفي الجانب الإسرائيلي، تم إطلاق سراح 150 فلسطينياً متهمين بعلاقتهم بحركة حماس وغيرها من الجماعات المتطرفة.

متلازمة ستوكهولم؟

يقول تقرير نشره موقع صحفية "إل كونفيدنسيال" الإسبانية إن من الحقائق المتناقلة في الهدنة العابرة إظهار المودة من الرهائن تجاه أعضاء كتائب عز الدين القسام، الذين تم التعرف عليهم بشريط أخضر مربوط على رؤوسهم وببنادقهم الهجومية.

يسأل التقرير: "هل هي متلازمة ستوكهولم؟ أم استراتيجية تواصل عسكرية وسياسية".

في كتاب "فن الحرب" لصن تزو، يشرح الدرس رقم 42 مزايا معاملة السجناء باحترام. يقول: "يجب أن يعلم جنود العدو أنك إذا ألقيت القبض عليهم فإنك ستعاملهم بشكل جيد، وأنهم قد يستفيدون حتى من تبديل جانبهم. واكتسب سمعة طيبة لمعاملتك العادلة لأسرى الحرب". على العكس من ذلك، لعبت إسرائيل دور البطولة في العديد من الصور، مهينة السجناء الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس. ففي العديد من مقاطع الفيديو، يمك رؤية كيف يضع جنود الجيش الإسرائيلي الأعلام الإسرائيلية على سجنائهم ويجبرونهم على غناء الأناشيد اليهودية، إضافة إلى أدلة عديدة على أعمال عنف جسدي منتشرة على قنوات التلغرام المرتبطة بالقوات الإسرائيلية.

هزيمة سردية

بحسب الصحيفة الإسبانية، في هذه الهزيمة السردية، يبدأ الناس في البحث عن الجناة. أحد الانتقادات التي برزت داخل حكومة الحرب التي يرأسها بنيامين نتنياهو ، كان فشل الإعلام الإسرائيلي في كسب الرأي العام العالمي. ويعترف أعضاء الحكومة بأن إسرائيل افتقرت إلى التنسيق الكافي للعلاقات العامة. وفي الحرب، كل صورة أو فعل أو لفتة لها أهميتها. إحدى الاستراتيجيات التي استخدمتها حماس هي تصوير الجرائم التي لا يمكن إنكارها والتي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين. وبفضل هذه الصور، أصبح العنف الإسرائيلي ضد فلسطين محدداً في سياقه، الأمر الذي ترتب عليه خسارة تل أبيب الدعم الدولي، مثل الانقسامات الداخلية التي حدثت في الأسابيع الأخيرة بين المسؤولين الأميركيين حول ما إذا كان ينبغي دعم إسرائيل.

تنقل صحيفة "إل كونفيدنسيال" عن محلل للتواصل لم يذكر اسمه قوله: "أعتقد أن الرهائن الإسرائيليين يظهرون المودة لعناصر حماس لأنهم عوملوا بشكل جيد، فبينما سقطت القنابل ثلاثة أسابيع متتالية على غزة، حماهم خاطفوهم واعتنوا بهم، وهذا يخلق، سواء أردت ذلك أم لم ترد، عاطفة معينة"، مضيفًا: "إنها ردة فعل إنسانية بعد صدمة مؤلمة. سمعوا سنوات عدة أن حماس شيطان، وها هم أحياء يرزقون بفضلها".

من جانبها، قدمت إسرائيل أدلة وشهادات مصورة تتعارض مع رواية حماس. تقول ابنة أفيفا سيغل، التي عادت من الأسر: "أمي عاشت 51 يومًا في الجحيم. وأعلم أنها لم تعد كما كانت". تضيف الحكومة الإسرائيلية أيضًا شهادات الرهائن الذين عادوا مصابين بصدمات نفسية، بعدما أمضوا شهرين تقريبًا من دون دواء، ومن دون استحمام، ومن دون تغيير ملابس، ومن دون طعام تقريبًا.

في هذا اللغز من العواطف والشهادات، تصديق أي من الطرفين أمر معقد، ليس لأننا نشكك في الروايتين، حيث يمكن أي منهما أن يكون صحيحًا، لكن لأن الطرفين تبادلا الاتهامات منذ بداية الحرب.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن صحيفة "إل كونفيدنسيال" الإسبانية