"إن لم يمت الناس بالقنابل، فسيموتون بالأمراض"، هكذا حذر كريستيان ليندماير المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية لبرنامج "غزة اليوم"، من زيادة كبيرة في حالات التهابات الجهاز التنفسي الحادة والالتهاب الرئوي بين الناس في قطاع غزة ، نتيجة لتكدسهم في المخيمات والمدارس والمستشفيات واضطرار بعضهم إلى النوم على الأرض، محذراً من بيئة مثالية لانتشار البكتيريا والفيروسات.

ويؤكد ليندماير انتشار أمراض كالجرب، حيث سجلت 2500 حالة إصابة قبل نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، ويحذر من ارتفاع تسجيل الإصابات بالإسهال لتصل إلى نحو خمسة وثمانين إلى ستة وثمانين ألف حالة، بينهم خمسون ألف إصابة بالإسهال بين الأطفال في عمر أقل من خمس سنوات، حيث يواجه الأطفال خطر البرد وسوء التغذية والضعف، مما يشكل خطراً حقيقياً.

ويشير المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية إلى أنه لا يمكن إحصاء تلك الإصابات بسهولة نتيجة لفقدان الكثير من المرافق الطبية وصعوبة تسجيل السلطات للحالات واقتصار التسجيل على من هم في المستشفيات أو مراكز الرعاية الصحية فقط وليس من هم منتشرون في الشوارع.

"ليس ثمة موطئ قدم"

"ليس ثمة موطيء لقدم ، المصابون بين الأسرِة وفي الممرات وفي خيم وعلى ألواح الخشب"، يحكي الدكتور خليل الدقران المتحدث باسم مستشفى "شهداء الأقصى" في دير البلح وسط غزة، لبرنامج "غزة اليوم"، وسط أصوات متعالية يحدوها الهلع والنحيب، عن ما يعتبرها كارثة إنسانية.

حذر الدقران من انتشار عدوى بين المرضى والنازحين نتيجة تكدسهم في المستشفى، خاصة النزلات المعوية والتهابات حادة في الصدر ونتيجة الازدحام وعدم وجود مياه نظيفة وصالحة للشرب، إذ يفتقر النازحون كذلك إلى الحصول على المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب مما أوصل الوضع إلى حالة كارثية غير مسبوقة، حسب تعبيره.

مستشفى شهداء الأقصى
Getty Images
أطباء يفحصون الجرحى في مستشفى شهداء الأقصى

ويقول الدقران إن المستشفى الوحيد بالمحافظة الوسطى في قطاع غزة تم فصله عن المناطق الشمالية والجنوبية من القطاع ، ووصل عدد النازحين إليه إلى أكثر من تسعة آلاف شخص مقابل حوالي ثلاثة آلاف ما قبل تفاقم الوضع، مما أدى إلى مشاكل أكبر في استيعاب أعداد النازحين، في وقت يعاني المستشفى من نقص الإمدادات الطبية والأدوية والوقود، وهو ما لا يكفي تقريباً لتلبية حاجات الآلاف ممن ينتظرون في قسم الاستقبال يترقبون مكاناً آمناً كما يؤكد الدقران.

"شح المساعدات الإنسانية"

ويشكو فلسطينيون في مراكز الإيواء من نقص شديد وسوء في توزيع المساعدات الإنسانية والغذائية، وهو ما لم تنفه جوليت توما مديرة الإعلام في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا"، لكنها أرجعت ذلك النقص لما سمته عراقيل تفرض على الأونروا، من بينها وتيرة نقل المساعدات البطيئة في ظل قلة الشاحنات التي يسمح لها بالدخول إلى غزة، مقارنة باحتياجات الناس، فضلاً عن الحرب نفسها التي تحد من إمكانية تحركهم على الأرض ووصولهم للمتضررين.

"أعداد ضخمة للغاية غير مسبوقة للناس في غزة أصبحت تحتاج لمساعدات إنسانية وهذا أمر غير مسبوق مقارنة بما قبل الحرب، والمشاكل المتعلقة بشح الوقود والقيود التي تفرضها إسرائيل على إرسال شحنات الوقود تعرقل ممارسة عملنا الإنساني" هكذا تحذر الناطقة باسم الأونروا.

نقل المستودعات الطبية

"ما حدث في أربع وعشرين ساعة، قمنا بنقل المواد الطبية إلى مستودع أصغر في رفح"، يؤكد كريستيان ليندماير المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية لبرنامج "غزة اليوم" متحدثا عن نقل المنظمة للإمدادات الطبية والمواد من المستودع الخاص بها في جنوب قطاع غزة بعد انتهاء مدة أربع وعشرين ساعة.

ويقول ليندماير إن السلطات الإسرائيلية نصحت المنظمة بنقل الإمدادات الطبية من مستودع المنظمة الذي وصفه بالوحيد القوي في مدينة خان يونس لأن هذه المنطقة ستتحول لمنطقة عمليات عسكرية قريباً، وقد لا تتمكن المنظمة من الوصول إليه أو قد يتعرض طاقمها لأضرار بحسب تصريحه، مما تسبب في عدم تمكن المنظمة، في وقت نقل المواد، من تزويد أي مرفق صحي بالمواد والإمدادات الطبية التي تشتد الحاجة إليها.

كما يؤكد الناطق باسم منظمة الصحة العالمية، أن هذه الإمدادات لا تكفي الآلاف من الناس، مطالباً بوقف إطلاق النار لمدة طويلة لتتمكن المنظمة والمجتمع الدولي برمته من مساعدة سكان غزة.

نازحىون فلسطينيون، يعيشون في مخيم في مدينة دير البلح، ويعانون من محدودية الموارد والظروف الصعبة
Getty Images
نازحون فلسطينيون، يعيشون في مخيم في مدينة دير البلح، يعانون من محدودية الموارد والظروف الصعبة

وقالت جوليت توما مديرة الإعلام في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا" إن ثمة نقصً شديد في ما يتعلق بإجراءات الحماية يواجه النازحين الذين يطلبون الأمان والمأوى في مراكز الأونروا التي تعد الأضخم والأكبر في قطاع غزة حالياً.

كما يحذر كريستيان ليندماير الناطق باسم منظمة الصحة العالمية من خطر خروج مستشفيات في جنوب قطاع غزة عن الخدمة، بما فيها مجمع النصر الطبي الذي يضم ثلاثمائة وخمسين سريرا ، ومستشفى غزة الأوروبي الذي يضم ثلاثمائة وسبعين سريراً ، جراء "مزيج من الهجمات ونقص الإمدادات، وتحديد أحياء مجاورة للمستشفيات كمناطق قتال، إنه سيناريو مروع"، بحسب تعبيره.