لم يسبق للجيش أن شهد مثل هذا القتال الطويل في منطقة مأهولة وكثيفة وبالتالي لا يمكنه بعد إعلان سيطرته على شمال قطاع غزة، كما أن حماس تعرف كيف تستغل عجزه القتالي

إيلاف من بيروت: الحادث الخطير الذي قُتل فيه تسعة ضباط وجنود من لواء غولاني ووحدة الإنقاذ 669 في حي الشجاعية بغزة مساء الثلاثاء يظهر القليل من واقع الحرب في قطاع غزة.

يقول المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هرئيل، في مقالة له نشرتها صحيفة "هآرتس" العبرية، إن إسرائيل ألحقت بحماس أضراراً جسيمة، لكن الجيش الإسرائيلي لم يستطع بعد تطهير المنطقة من المسلحين، ولا تزال مخاطر كبيرة تلوح في الأفق. يضيف هرئيل: "الشجاعية على وجه الخصوص هي رمز للمقاومة الفلسطينية. تركز حماس قوات كبيرة هناك، ولا تزال قادرة على تشغيل مجموعة منظمة من المسلحين، وتكبد الجيش خسائر بشرية فادحة".

هذا ما حصل

حدث الاشتباك في الشجاعية أثناء عمليات تفتيش قامت بها كتيبة غولاني داخل القصبة. يروي هرئيل: "دخلت قوة مشاة صغيرة من غولاني مبنى هناك وتعرضت للهجوم بإطلاق النار والقنابل اليدوية والعبوات الناسفة ووقعت في مأزق. كان هناك انفصال بين الضابط والجنود، فشعر اللواء بالقلق من أن تكون هذه محاولة لاختطاف جنود داخل نفق. تم استدعاء قوات كبيرة إلى المكان فحاصرت المبنى، ووصل إلى هناك قادة كبار للتأكد من سير العمل، إلا أن العملية تعقدت، وتعرضت القوات التي وصلت لهجوم بقذائف آر بي جي وبالعبوات الناسفة".

يضيف هرئيل: "لا يعلم الجيش الإسرائيلي بأي خسائر في صفوف حماس في تلك المواجهة. قُتل ستة ضباط وثلاثة جنود في الحادث. لعب الضباط جميعهم أدوارًا رئيسية: قائد الكتيبة 13 في غولاني، وهو عميد سابق خدم كضابط كبير في مقر اللواء، قائدا سرية في اللواء، قائد فصيلة في الكتيبة 669 وقائد فصيلة من غولاني. حتى الآن سقط ما لا يقل عن أربعة برتبة مقدم وستة برتبة عقيد في المعارك منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر".

حوادث مشابهة

بحسب هرئيل، الكمين الذي نصبته حماس يذكر بحوادث سابقة في مخيم جنين أثناء عملية "الجدار الوقائي" في عام 2008 (سقط للجيش الإسرائيلي 13 قتيلاً)، وفي بلدة بنت جبل في حرب لبنان في عام 2006 (تسعة قتلى من لواء غولاني)، وكارثة ناقلة الجنود المدرعة في الشجاعية في عام 2014 (سبعة قتلى). يقول: "القاسم المشترك بينها جميعا هو أن العدو استغل نقاط ضعف الجيش الإسرائيلي في منطقة مبنية، وأبطل المزايا النسبية التي تستفيد منها القوة الإسرائيلية، وتسبب بوقوع خسائر كبيرة".

في الحرب الجارية اليوم في غزة، يستخدم الجيش الإسرائيلي القوة النارية على نطاق واسع، من مدفعية ودبابات وغارات جوية بطائرات من دون طيار ومروحيات وطائرات مقاتلة. تم التخلي عن جزء كبير من القيود التي كانت مطبقة سابقًا على استخدام النار في مناطق حضرية، بسبب هجوم 7 أكتوبر، ولتقليل المخاطر التي تتعرض لها القوات البرية. لكن هذا لم يمنع حصول الكمين في الشجاعية، كما يقول هرئيل، مضيفًا: "تشتد الصدمة مع طرح تساؤلات كثيرة بعد سلسلة المقاطع المصورة لتبادل إطلاق النار من مسافة قريبة جدًا داخل المباني والشقق في غزة بين الجنود الإسرائيليين ومسلحي حماس".

يختم هرئيل مقالته بالقول: "يدعي الجيش أنه لن يحد من الغارات الجوية في قطاع غزة، حتى لو طلب الأميركيون ذلك".

المصدر: صحيفة "هآرتس" العبرية