إيلاف من بيروت: صرفت حماس سنوات عدة تخطط وترسم الخرائط التفصيلية بمساعدة جواسيس من داخل إسرائيل لتنفذ هجومها في 7 أكتوبر. هذا ما يقوله الجيش الإسرائيلي بعدما انكب على فحص هواتف وأجهزة كمبيوتر محمولة ووثائق يقول إنه استولى عليها من مسلحي حماس في غزة وخارجها.

يضيف الجيش الإسرائيلي، وفق "غارديان" البريطانية، أن مسلحي حماس حملوا معهم في غزوتهم أدلة إرشادية حول الطريقة الأسهل لأخذ الرهائ، وكتبًا تضم عبارات شائعة مترجمة من العربية إلى العبرية، إحداها: "ارفع يديك وافرد ساقيك".

وتؤكد أحدث المعلومات التي كشف عنها اإسرائيليون "ضآلة فهم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية القوية لقدرات حماس قبل الهجوم والعدد الهائل من العلامات أو القرائن التي تم تجاهلها "، كما تقول الصحيفة.

خطة صعبة!

في أوائل ديسمبر الجاري، ، ذكرت "نيويورك تايمز" الأميركية أن مسؤولين إسرائيليين اطلعوا على خطة مفصلة لهجوم حماس، تقع في 40 صفحة، "لكن القيادة الإسرائيلية تجاهلت الأمر بحجة أن حماس أعجز من أن تنفذ هذه الخطة الصعبة، كما تجاهلت الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تحذيرات رفعها مراقبون في الجيش الإسرائيلي، معظمهم من النساء، تؤكد أن مقاتلي حماس كانوا يتدربون علنًا استعدادًا لهجومهم هذا".

من بين الوثائق التي يزعم الجيش الإسرائيلي العثور عليها خريطة شاملة لقاعدة عسكرية إسرائيلية، يمكن القول إنها أكثر تفصيلاً من اي خريطة بحوزة الجيش الإسرائيلي نفسه. وقال مصدر استخباري إسرائيلي إن تجميع مثل هذه الخريطة "ما كان ممكنًا إلا بمساعدة داخلية، ومن شبه المؤكد أنها من صنع جاسوس يعمل لصالح حماس"، كما تقول "غارديان".

وتشير الدفاتر المكتوبة بخط اليد إلى خطط حماس لاستهداف مواقع عسكرية ونقاط رئيسية في وسط إسرائيل، ما يؤكد أن الحركة كانت تتطلع لاختراق يمتد عشرات الأميال داخل إسرائيل، بمجرد صدور الأوامر لتجاوز الجدار المحيط بالقطاع. إن التفاصيل التي يقول اإسرائيليون إنهم عثروا عليها دفعت المطلعين على بواطن الأمور إلى استنتاج مفاده أن حماس انكبت سنوات على التخطيط لهذا الهجوم، وأن الجيش الإسرائيلي وغيره من أجهزة الأمن الإسرائيلية فشلوا في أخذه على محمل الجد واعتباره تهديداً.

شرائح اتصال إسرائيلية

تضيف "غارديان": "في 7 أكتوبر، حمل مقاتلو حماس هواتف محمولة تشغلها شرائح اتصال إسرائيلية، وأجهزة اتصال لاسلكية، أي كانوا يملكون أكثر من وسيلة اتصال واحدة. وعثر الإسرائيليون على جهاز إرسال لاسلكي مزود ببطارية تشحن بالطاقة الشمسية،للحفاظ على الاتصال لفترة طويلة في إسرائيل".

شارك نحو 3000 من مقاتلي حماس في الهجوم عبر الحدود، وقُتل منهم نحو 1500 في المرحلة الأولى من القتال، لكن الرد العسكري الإسرائيلي كان بطيئاً جدًا، إلى درجة أن الجيش استغرق في بعض الحالات عدة ساعات للرد، فيما بقي بعض مقاتلي حماس طليقًا أيامًا عدة. وبينما كانت هناك علامات على الاستعداد الدقيق للهجوم، كان هناك أيضًا عنصر اللحظة الأخيرة. تعتقد إسرائيل أن معظم مقاتلي حماس لم يعلموا بالهجوم إلا قبل دقائق من بدئه..

تتضمن إحدى الوثائق التي كانت مكتوبة بخط اليد تفاصيل خطة للاستيلاء على موقع قيادة للجيش الإسرائيلي قرب السياج الحدودي لغزة مع فرقتين من الجنود، مع إدراج أسلحتهم وأدوارهم، وتحتوي على خريطة مرسومة بعناية للموقع المستهدف. ويبدو أن وثائق أخرى تثبت أن حماس أدركت منذ البداية أهمية احتجاز الرهائن، ونوصي باستخدام قائمة من الكلمات العبرية المترجمة صوتيًا من العربية.

وسواس الخيانة

إلى جانب هذه الوثائق، ثمة إحساس إسرائيلي دفين بأن ما جرى لأقوى جيش في المنطقة "لا يتقبله أي عقل"، ولا بد من أن خيانة ما حصلت.

فعلى سبيل المثال، ليلة الهجوم في 7 أكتوبر، كان الجنرال أهارون هاليفا، رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية، مقفلًا هاتفه الخليوي ومسترخيًا على شاطئ إيلات. وتقول الصحفية الإستقصائية الإسرائيلية إيلانا دايان إن إشارة أمنية واضحة وصلت في ليل 6 أكتوبر إلى الأجهزة الاستخبارية، تؤكد أن أمورًا غير عادية تحصل في أرجاء القطاع، وتلقى الشاباك إشارات إضافية إلى أن أمرًا جللًا يوشك أن يحصل عبر الحدود مع غزة، لكن الجنرال هاليفا كان غائبًا تمامًا عن السمع.

في 3 أكتوبر، أي قبل 4 أيام من هجوم حماس، نقل الجيش الإسرائيلي فرقتين من غلاف غزة إلى الضفة الغربية، من دون أي مبرر أكيد أو وجود قوة قاهرة.

ولا ننسى ذلك المقطع المصور الذي تم تداوله على نطاق واسع يصور مجندة إسرائيليّة عملت في وحدة المراقبة حول الجدار الفاصل في غزة أثناء عملية "كسر الصمت" في عام 2014، تؤكد فيه استحالة اقتراب أي أحد من الجدار من دون رصده. تقول: "كانوا يوقظوننا ليلاً بسبب حمامة أو لقلق يقترب من الجدار الفاصل. فكيف إذا اخترق الجدار، ودخل مئات من المسلحين عبره، ثم عادوا إلى غزة ومعهم رهائن؟".

أخيرًا، وليس آخرًا، يتساءل ضباط في الجيش الإسرائيلي اين ذهبت كل تسجيلات المراقبة للجدار الفاصل في غزة والتي تصور ما حصل فعليًا في فجر 7 أكتوبر؟ فقد حذفت كلها عن الشبكة الإلكترونية العسكرية، من دون سابق إنذار.