إيلاف من بيروت: يملك يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، استراتيجية للخروج من المأزق الذي دخل فيه القطاع، ويتمثل في إطالة أمد القتال لزرع بذور الشقاق في الرأي العام الإسرائيلي، وبالتالي إجبار الجيش الإسرائيلي على المغادرة. فهل هذا ما يجري حقًا؟

رهان خاطئ
في حوار مع موقع "أتلانتيكو" الفرنسي، يقول ديفيد خلفة، المدير المشارك لمرصد شمال أفريقيا والشرق الأوسط والخبير في شؤون الشرق الأوسط، إنها كانت استرتيجيته منذ البداية. يضيف: "هناك توتر داخل صفف حماس بين السنوار والمكتب السياسي، وهذا ليس بجديد، ويعتقد البعض في حماس أن استراتيجية السنوار انتحارية، وأن تطرفه سيدخله في طريق مسدود ويمكن أن يعرض وجود حماس في غزة للخطر، على المستويين السياسي العسكري".

بحسب خلفة، كان رهان السنوار على أن هجوم 7 أكتوبر سيحدث صدمة عسكرية، تولد موجة تنضم إليها إيران وحزب الله على نطاق واسع، لكنه أخطأ في حساباته، "حتى أن إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي في حماس، انتقده"، كما يقول، مضيفًا: "استراتيجية السنوار هي استراتيجية حرب الاستنزاف، وعندما ننظر إلى آخر استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي وتصريحات قادته، ثمة إصرار على تدمير حماس وإطلاق سراح الرهائن". والسؤال الذي يطرح اليوم هو: ما مستوى الدعم الدولي، وخصوصًا الأميركي، لإسرائيل التي تعد العدة لمرحلة ثالثة من الحرب تكون أكثر استهدافاً لقادة حماس؟

يحتمي بالرهائن
ثمة سؤال آخر: كيف تمكن الجيش الإسرائيلي من تحديد مكان صالح العاروري في لبنان واغتياله، وهو الرجل الثاني في حماس، ولم يتمكن من تحديد مكان السنوار بعد؟ يجيب خلفة عن هذا السؤال بالقول: "الفرق هو أن العاروري كان يعتقد أن حزب الله يحميه. فقد كان يعيش في الحي الأكثر حماية في الضاحية الجنوبية لبيروت، واعتقد أن إسرائيل لن تجرؤ على مهاجمته لأن قتله يعني المخاطرة باندلاع صراع إقليمي. إلا أن إسرائيل بعد 7 أكتوبر ليست إسرائيل قبل 7 أكتوبر".

يضيف خلفة: "عمليًا، عاش العاروري في شقة فوق الأرض بينما يختبئ السنوار في نفق ما تحت الأرض". وثمة من يقول إنه يحتمي بالرهائن الإسرائيليين وبمقاتلي القسام ليفجروا الجنود الإسرائيليين الذين يدخلون النفق. يعقب خلفة: "هناك العمليات الخاصة باللغة العسكرية، وهي عمليات جراحية بالاغتيال، وهذا ينطوي على درجة عالية من التنسيق بين أجهزة الاستخبارات المختلفة، الإسرائيلية والأجنبية، إضافة إلى عميل ميداني".

خطة مختلفة
إن استهداف أحد كبار القادة في شقة يمكن التعرف عليه من خلال المعلومات المتبادلة شيء، والقبض على قائد هجوم 7 أكتوبر شيء آخر. يقول خلفة: "ربما يختبئ السنوار في نفق على عمق مئات الأمتار تحت غزة، ويتواصل بطريقة بدائية مع معاونيه. جمع المعلومات الاستخبارية أمر أكثر تعقيدًا لأنه أكثر خطورة. ومحتمل وجود رهائن يحيطون به، وربما يقتلون في أي عملية عسكرية إسرائيلية".

يرى خلفة أن الثقة مفقودة بين السنوار وقادة حماس السياسيين، "وربما يتعرض للخيانة من معارضيه في حماس نفسها"، كما يقول، مضيفًا: "نعلم أن هناك معارضة حقيقية للرؤية الإستراتيجية لما يجب أن تكون عليه الحركة الإسلامية بعد حرب غزة، وثمة تفاوض الفرع السياسي الخارجي (العاروري وهنية) على دمج حماس في منظمة التحرير الفلسطينية، أي تحكم حماس غزة في إطار ائتلاف تقوده منظمة التحرير الفلسطينية، فتكون دولة داخل الدولة، على غرار حزب الله في لبنان".

يختم خلفة: "لكن خطة السنوار مختلفة. فهو أكثر تشددًا، ويرى أن حماس قادرة على تجاوز هذه المرحلة، ولو بكلفة بشرية عالية. إنه يريد كسب الوقت، على أمل أن تؤدي الضغوط الدولية إلى دفع إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار".

المصدر: "أتلانتيكو"