لندن: تُشكّل مسألة تصدير أسلحة بريطانية الى إسرائيل محور قضية ستنظر فيها المحكمة العليا في لندن على خلفية اتهامات بانتهاك القانون الدولي في الحرب الدائرة في قطاع غزة.

أشارت 16 منظمة إنسانية في تقرير نشر الأربعاء إلى وجود قطع مصدرها بريطانيا في قسم كبير من الاسلحة التي تستخدمها اسرائيل التي تخوض حربا مع حماس منذ الهجمات غير المسبوقة التي شنتها الحركة الفلسطينية في 7 تشرين الأول (أكتوبر).

واتهم النائب من المعارضة العمالية طاهر علي رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بأن "يديه ملطختان بدماء آلاف الأبرياء".

كما وُجِّهَت اتهامات الى وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون الذي يقوم بجولة هذا الأسبوع في الشرق الأوسط، بانه يفتقر للشفافية في دوره في استمرار مبيعات الأسلحة.

في هذا الإطار، رفع العديد من المدعين بقيادة مؤسسة الحق المدافعة عن حقوق الفلسطينيين والتي تضم شبكة الإجراءات القانونية العالمية (GLAN)، دعوى أمام المحكمة العليا في لندن معتبرين أن بريطانيا تتجاهل قوانينها الخاصة بشأن تصدير الأسلحة في اطار النزاع في غزة.

المعايير البريطانية
تنص المعايير البريطانية في الواقع على ان الاسلحة يجب ألا تصدر حين يكون هناك خطر واضح من احتمال استخدامها بشكل ينتهك القانون الدولي.

وقالت ديربلا مينوغ محامية شبكة GLAN لوكالة فرانس برس إن "هذه القضية هي اختبار لمصداقية النظام الوطني في وضع ضوابط على الأسلحة"، ولا سيما دور القضاء الرقابي في هذا الصدد.

قرار سياس
الشهر الماضي، قضت محكمة هولندية بأن هولندا يمكنها الاستمرار في تسليم قطع غيار طائرات مقاتلة من طراز F-35 إلى إسرائيل، ورفضت دعوى قضائية قدمتها منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان.

خلصت المحكمة في لاهاي الى ان تزويد القطع كان قرارًا سياسيًا يجب ألا يتدخل فيه القضاة.

اندلعت هذه الحرب إثر الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على الأراضي الإسرائيلية في 7 تشرين الأول (أكتوبر) والذي أدى إلى مقتل أكثر من 1140 شخصا معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية.
وردّاً على الهجوم، تعهّدت إسرائيل القضاء على الحركة، وتنفّذ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمّر أتبعت بعمليات برية منذ 27 كانون الأول (أكتوبر)، ما أسفر عن سقوط 25700 قتيل معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.

في إطار الاجراء البريطاني، تسلط الوثائق التي أعدها محامو الحكومة الضوء على المناقشات الداخلية في بريطانيا بشأن تراخيص تصدير الأسلحة، وبشكل عام الطريقة التي تخوض فيها اسرائيل هذه الحرب.

هكذا تشير وثيقة تحمل تاريخ 12 كانون الثاني (يناير) إلى "مخاوف جدية" داخل وزارة الخارجية البريطانية بشأن بعض جوانب الحملة العسكرية الاسرائيلية.

وتؤكد أيضا أن المسؤولين أبدوا حتى الآن عجزا عن التحديد بشكل قاطع ما إذا كانت إسرائيل تحترم القانون الدولي.

كاميرون "مقتنع"
لكن الصفحات الـ22 تكشف أن وزيرة التجارة الدولية كيمي بادينوك - المسؤولة عن هذه التراخيص - قررت رغم ذلك في 18 كانون الأول (ديسمبر) عدم تعليقها أو إلغائها.

وعمدت الى إخضاعها لدراسة متأنية، وهو موقف يتماشى مع التوصية التي قدمها ديفيد كاميرون قبل ستة أيام.

وكان وزير الخارجية "مقتنعا بوجود أدلة كافية" تدفع للاعتقاد بان اسرائيل تعتزم احترام القانون الإنساني الدولي بحسب الوثائق القانونية.

وهي وجهة نظر تعترض عليها محامية المدعين معتبرة ان بريطانيا تعترف في دفاعها بأنه لم يتم درس الأدلة بشكل موضوعي.

كما تعرض ديفيد كاميرون لانتقادات بسبب تجنبه الاسئلة في 9 كانون الثاني(يناير) من قبل النواب البريطانيين الذين كانوا يسعون لمعرفة ما إذا كان محامو الحكومة أصدروا آراء تفيد بأن إسرائيل قد انتهكت القانون الدولي.

وقال "لا يمكنني أن أتذكر كل ورقة تقدم لي. انا أنظر في كل شيء".

وأجاب في النهاية بالنفي قبل أن يضيف "هذا ليس سؤال يرد عليه بنعم أو لا".