إيلاف من بغداد: على وقع الهدوء على الأرض في ما يتعلق بالهجمات التي تستهدف قوات التحالف في العراق، أنهى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مشاركته في مؤتمر ميونيخ بتحقيق العديد من الأهداف.
اجتمع السوداني باكثر من ٢٢ من القادة السياسيين والعسكريين، ينتمي عدد كبير منهم ينتمي إلى الدول الأعضاء في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

كان اللقاء الأبرز في هذه الاجتماعات ذلك الذي جمعه بكاميلا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي، والذي جاء مثمرا بكافة المقاييس بحسب بيان وزارة الخارجية الأميركية، إذ جاء فيه ان السوداني وهاريس اتفقا على أهمية مواصلة اللجنة العسكرية العليا بين البلدين، والتي ستمكن الانتقال إلى شراكة أمنية ثنائية دائمة بينهما. واعترفت الولايات المتحدة في البيان بان هذه اللجنة هي الخطوة التالية الطبيعية للبناء على التعاون الناجح جدا بين العراق والتحالف الدولي لهزيمة داعش على مدى السنوات العشر الأخيرة.

لقاء مثمر
ليس هذا فحسب، بل أعادت هاريس التأكيد على دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن رئيس الوزراء العراقي لزيارة البيت الأبيض. وفي الوقت ذاته، أكدت نائبة الرئيس الأميركي أيضا أهمية مواصلة التعاون الثنائي في مجالي الأمن والطاقة من خلال لجنة التنسيق العليا، وكذلك مواصلة إدماج العراق اقتصاديا في المنطقة الأوسع، على حد تعبير البيان الذي يدل على ان الولايات المتحدة تعي تماما عزم السوداني على إنهاء الوجود الأجنبي في العراق.

فالسوداني لم يفوت فرصة مؤتمر ميونخ الدولي، وحرص على تأكيد موقفه الثابت ازاء أهمية مغادرة جميع القوات القتالية للأراضي العراقية حيث ان الحاجة اليها لم تعد موجودة.

كما اجتمع السوداني بوفد الكونغرس الأميركي وناقش معهم الانسحاب الأميركي المنظم والتدريجي حتى يطمئن إلى ان المؤسسات الأميركية كلها تعي أهمية الانتقال بالعلاقة مع العراق إلى جوانب اشمل وأكثر منفعة للجانبين من الوجود العسكري الأميركي.

ومن ابرز من اجتمع بهم السوداني أيضا امين عام حلف شمال الأطلسي والمستشار الألماني أولاف شولتز وجميعهم فقال لهم رئيس الوزراء العراقي إن لا مستقبل للقوات الأجنبية في العراق، ما دام الغرض منها قد تحقق وباتت القوات العراقية قادرة على حماية كامل التراب العراقي ضد إرهاب اندثر وتلاشى.

مع كاميرون
كما استغل السوداني اجتماعه بوزير الخارجية البريطاني اللورد ديفيد كاميرون لمناقشة التعاون التجاري والاقتصادي بين العراق وبريطانيا، وهو اللقاء الذي كان بمثابة رسالة مفادها ان العلاقات المستقبلية مع الغرب ستكون مبنية على التعاون المشترك، كون بريطانيا عضو في التحالف الدولي الذي يسعى العراق لتنظيم العلاقة الأمنية معه.

كان مؤتمر ميونيخ للأمن محفلا دوليا ذهب اليه السوداني وهو يعي انه سيجدد مطلبه ويدعه من خلاله لشراكة اقتصادية مستدامة بين العراق والدول الغربية مدعوما بإرادة شعبية تواقة للتنمية وتثق في قدرة السوداني على العبور بالعراق إلى واحة من الاستقرار تظللها السيادة.

استطلاع رأي
هذه الثقة أظهرها استطلاع أخير للرأي أجراه معهد غالوب الأميركي جاء فيه ان العراقيين يرون أن العراق يقف على أرض أكثر صلابة وذلك رغم هيمنة حالة عدم الاستقرار على البلاد خلال السنوات الماضية. وابدى 56 في المئة من المشاركين في الاستطلاع ثقتهم بحكومة محمد شياع السوداني التي تم تشكيلها أواخر عام 2022، وهي اعلى نسبة تأييد لرئيس وزراء في العراق منذ 2008.

ينظر العراقيون الآن إلى قيادتهم السياسية بشكل أكثر إيجابية مما هو موجود في العديد من الدول المجاورة في الشرق الأوسط، وفق الاستطلاع، إذ زادت الثقة بشكل كبير عما كانت عليه في 2019 حين شهدت البلاد تظاهرات واسعة، وحظيت الحكومة بنسبة تأييد لا تتجاوز الـ13 في المئة في استطلاعات غالوب.

يدل هذا الاستطلاع الأخير على قدرة السوداني في احداث تغيير سريع لمسه غالبية العراقيين خلال ستة عشر شهرا فقط في المنصب بالرغم من تحديات خارجية وداخلية جمة تحتاج لقيادة تتمتع بعزيمة راسخة ورؤية ثاقبة وصبر على الشدائد.