كريات شمونة: تبدو مدينة كريات شمونة في أقصى شمال إسرائيل شبه مقفرة فيما متاجر قليلة جدا تواصل عملها وسط حركة نشطة للآليات العسكرية المتوجهة إلى قواعد قرب الحدود مع لبنان.

في الشوارع يكاد عدد القطط يفوق عدد المارة، لكن في شارع خلفي مهجور تتجمع حفنة من العاملين في مركز اتصالات عند نوافذ مطبخ مكتبهم، حاملين هواتفهم وأكواب القهوة ويراقبون حركة الشارع الخجولة.

يقول حسام ولي مسؤول فريق الدعم الفني في الشركة "لم يسبق أن رأيت كريات شمونة على هذا النحو".

ويضيف "إنها أشبه بمدينة أشباح ... هذا يذكرني بزمن كورونا، لكن حينها كنت أرى أشخاصا يمشون في الخارج أو على شرفات منازلهم، اليوم لا يوجد أحد".

واندلعت الحرب في 7 تشرين الأول (أكتوبر) مع شن حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل، قُتل خلاله أكثر من 1160 شخصا، معظمهم مدنيون، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

وردا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل القضاء على حماس وهي تشن منذ ذلك الحين حملة قصف مكثف أتبعتها بعمليات برية، ما أدى إلى سقوط 29514 قتيلا غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.

على بعد أكثر من 200 كيلومتر إلى الشمال، يجهز الجيش نفسه لاحتمال نشوب حرب مع حزب الله اللبناني حليف حماس والموالي لإيران.

أصبحت الهجمات الصاروخية عبر الحدود وعمليات القصف الجوي شبه يومية في الأشهر الأربعة الماضية ما دفع معظم سكان البلدات الواقعة على جانبي الحدود إلى النزوح.

وقتل ستة مدنيين على الجانب الإسرائيلي من الحدود بحسب الجيش الإٍسرائيلي. وفي لبنان قتل 44 مدنيا بحسب تعداد لوكالة فرانس برس.

وعمل ولي وزملاؤه من المنزل مدة شهرين خوفا من احتمال فتح جبهة ثانية في الشمال لكن سمح لهم بالعودة للعمل من المكتب في كانون الأول (ديسمبر).

لكن بعض زملائهم قرروا عدم العودة والعمل من طبريا أو القدس أو تل أبيب وحتى إيلات في أقصى الجنوب.

عدم يقين
قرر ولي أن يأتي إلى المكتب والمرور عبر الحواجز العسكرية من قريته في هضبة الجولان المحتلة باتجاه الشرق، ليكسر رتابة العمل عن بعد وشعور العزلة.

ومع استمرار مهام العمل من قبيل مساعدة العملاء الذين يواجهون مشاكل في اتصالات الإنترنت أو الهاتف، يبقى تهديد الحرب حاضرا في الأذهان.

ويقول ولي وهو أب لطفلين "لا نعرف ما إذا كانت الحرب ستندلع أما لا، لا أحد يعلم ... الانتظار حقا صعب".

وتؤكد زميلته مليا حاصباني البالغة 27 عاما "هذا الأمر في أذهاننا دائما".

وتقطع حاصباني يوميا مسافة 100 كيلومتر ذهابا وإيابا من طبريا إلى كريات شمونة. وقد واظبت على ذلك حتى خلال الأشهر الأربعة الماضية.

وتقول "عندما أكون هنا في المكتب يبدو الوضع طبيعيا أكثر".

وتضيف "الأجواء في العمل أفضل بكثير، نحن بحاجة للالتقاء بالناس".

بالنسبة للموظفين، غالبا ما يتخذ قرار البقاء في المنطقة من منطلق عملي مثل المسؤوليات تجاه الآباء المسنين والأسرة.

ويقول آخرون إنهم لا يريدون الإقامة في غرفة فندق مع عائلاتهم في مكان آخر من البلاد وسط حالة من عدم اليقين.

وقال الجيش الإسرائيلي إن كريات شمونة تعرضت الخميس مجددا لعدة صواريخ أطلقت من لبنان.

لم تسجل إصابات لكن شكل ذلك تذكيرا قويا بالتهديد الآتي من وراء التلال على الرغم من الهدوء الخادع.

ويأمل المتواجدون في المكتب أن ينتهي التهديد وأن تختفي حالة عدم اليقين وتعود الحياة إلى طبيعتها.

يقول ولي "الشيء الجيد الوحيد أن مواقف السيارات مجانية في الوقت الحالي، يمكننا ركن السيارة أينما نريد".