إيلاف من دبي: واجه موظفو شبكة "سي أن أن"، وبينهم مذيعة الأخبار العالمية الشهيرة كريستيان أمانبور، المديرين التنفيذيين للشبكة بشأن ما وصفوه بإخفاقات قيادية لا تعد ولا تحصى في تغطية الحرب الإسرائيلية على غزة، وفقًا لتسجيل مسرب لاجتماع شامل عقد مؤخرًا وحصل عليه موقع "ذا إنترسبت" الأميركي.

ففي اجتماع استمر ساعة في مكتب الشبكة بلندن في 13 فبراير المنصرم، تناوب الموظفون على استجواب لجنة من المديرين التنفيذيين حول بروتوكولات تغطية الحرب في غزة وما وصفوه بالمناخ العدائي للصحفيين العرب، ووصف العديد من موظفي "سي أن أن" الصغار والكبار شعورهم بالتقليل من القيمة والإحراج والعار بسبب تغطية الحرب.

رد أعضاء اللجنة - الرئيس التنفيذي للشبكة ورئيس تحريرها مارك طومسون، والمحررة التنفيذية فيرجينيا موسلي، والمدير العام لشبكة "سي أن أن" الدولية مايك مكارثي - بتأكيدات واسعة بأن مخاوف الموظفين قد تم الاستماع إليها، بينما دافعوا أيضًا عن عمل الشبكة وسياساتها.

بحسب "ذا إنترسبت"، إحدى القضايا التي ظهرت بشكل متكرر هي توجيه الشبكة الأميركية التغطية المتعلقة بإسرائيل وفلسطين تقريبًا من خلال مكتبها في القدس، "فإن البروتوكول - الذي كان موجودًا منذ سنوات ولكن تم توسيعه وتغيير اسمه إلى SecondEyes في الصيف الماضي - يبطئ التقارير عن غزة ويصفي الأخبار حول الحرب من خلال الصحفيين في القدس الذين يعملون في ظل الرقابة العسكرية الإسرائيلية".

انتقاد داخلي وحارجي
قالت أمانبور، التي تم التعرف عليها في التسجيل عندما ناداها أحد المسؤولين التنفيذيين باسمها: "لقد سمعت مني معاناتي الحقيقية مع SecondEyes ، من تغيير النسخ والمعايير المزدوجة، وغير ذلك، وأسمع ردك وآمل أن يقطع شوطا طويلا".

ورفض جوناثان هوكينز، المتحدث باسم "سي أن أن"، التعليق على الاجتماع، وأشار إلى البيان السابق للشبكة حول SecondEyes، والذي وصفه بأنه عملية لجلب 'المزيد من الخبراء' إلى التغطية على مدار الساعة. وقال هوكينز: "أود أن أضيف إلى ذلك أن الموظفين في هذه المجموعة يشملون موظفين عربا يقيمون خارج إسرائيل، وهذا ما حدث منذ تأسيس المجموعة".

واجهت "سي أن أن" سيلا من الانتقادات الداخلية والخارجية لتغطيتها الحرب في غزة منذ 7 أكتوبر، متهمة بالتقليل من معاناة الفلسطينيين وتضخيم الروايات الإسرائيلية من دون انتقاد. وفي هذا الأسبوع، وصفت الشبكة "المذبحة الإسرائيلية التي راح ضحيتها أكثر من 100 شخص يتضورون جوعا، والذين تجمعوا للحصول على الطعام، بأنها حادثة فوضوية"، بحسب "ذا إنترسبت". وفي وقت سابق من هذا الشهر، نشرت صحيفة "غارديان" قصة موسعة مصدرها العديد من موظفي الشبكة الذين وصفوا تغطيتها لغزة بأنها 'سوء ممارسة صحفية'.

لا قيمة لحياتنا
خلال اجتماع فبراير، تحدث ستة من الموظفين بصراحة عن المخاوف بشأن تغطية الشبكة للحرب. وقالوا إن التغطية أضعفت مكانة الشبكة في المنطقة، وجعلت الموظفين العرب، الذين دخل بعضهم في حالات مميتة لتغطية الحرب، يشعرون كأن حياتهم يمكن الاستغناء عنها. قال أحد الصحفيين: "كنت في جنوب لبنان خلال أكتوبر ونوفمبر. كان تشغيل شبكة سي أن أن أكثر إيلامًا بالنسبة إلي من سقوط القنابل في مكان قريب مني".

تحدث طومسون بإسهاب عن رؤيته للصحافة المتوازنة وأكد انفتاحه الشخصي على التبادل النقدي والتحقيق. وبمجرد أن فتح كبار المسؤولين المناقشة لأسئلة الموظفين، بدأ الاستجواب. قال الصحفي الذي عمل من لبنان: "سؤالي يتعلق بتغطيتنا لغزة. أعتقد أنه ليس سرًا أن هناك الكثير من الاستياء حول كيفية عملية جمع الأخبار - وكيف جرت الأمور. أجد أن زملائي وعائلتي يستغلون الناس مراراً وتكراراً، إما يدعون إلى موتي، أو يستخدمون لغة مهينة ضدي... وضد الناس الذين يشبهونني. وواضح أن لهذا تأثير كبير في صدقيتنا في المنطقة".

ووجه الصحفي سؤالاً إلى المسؤولين: "أريد أن أسأل أيضاً ماذا فعلتم؟ وماذا تفعلون للتصدي لخطاب الكراهية الذي يملأ أجواءنا ويشكل تغطيتنا، خصوصًا في الأشهر القليلة الأولى من الحرب؟".

رد طومسون بأنه راض بشكل عام عن الطريقة التي غطت بها الشبكة حرب إسرائيل على غزة، في حين أقر بأنه 'من المستحيل تقديم هذا النوع من التغطية حيث يوجد أشخاص لديهم آراء قوية بشكل لا يصدق في الجانبين'، من دون 'ارتكاب الأخطاء في بعض الأحيان'. وأضاف أن الشبكة أصبحت أفضل في الاعتراف بالأخطاء ومحاولة تصحيحها، واقترح، استجابةً لمخاوف الموظفين بشأن التجريد من الإنسانية، أن الثغرات في التغطية هي نتيجة لمحدودية الوصول إلى الخبر في غزة.

لغة إبادة
تدخل موظف آخر في غرفة الأخبار للاعتراض على التغطية غير الناقدة للشبكة لتصريحات المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك وزير الدفاع يوآف غالانت. قال: "أعتقد أن الكثير منا شعر بقوة تجاه حقيقة أن هناك مذيعين رفيعي المستوى لا يتحدون أشخاصًا مثل وزير الدفاع الذي يستخدم ما تعابير تخرق القانون الدولي، مثل لغة الإبادة الجماعية، وكلمات مثل 'الحيوانات البشرية'، وكل هذه الأشياء التي شكلت الصفحات السبع الأولى من قضية جنوب أفريقيا القانونية أمام محكمة العدل الدولية".

أضاف: "إذا أردنا ثقافة تقدر التنوع حقًا، فعلينا أن نكون صادقين حقًا. لا أحد يفهم الأمر بشكل صحيح. لكن لم يكن لدينا منتجونا الرئيسيون في القدس في برنامج 'العيون الثانية للقدس' – ولم يكن لدينا عربي في البرنامج لبعض الوقت، والصحفيون المسلمون أو العرب في الشبكة يشعرون أن عليهم إدانة حماس لتبرئة أسمائهم وأخذهم على محمل الجد".

اعترض موظف آخر على هذا التوصيف وأشار إلى أن الصحفيين العرب والمسلمين يسيرون على خط صعب بين الشعور بالفخر بالعمل لدى "سي أن أن"، وبين مواجهة الضغوط من عائلاتهم ومجتمعاتهم بسبب العمل في شبكة ذات تحيز واضح مؤيد لإسرائيل.

واضاف آخر: "أعتقد أنه من المهم جدًا أن تعرف أن درجة العنصرية التي نواجهها نحن من أصل عربي ومسلم داخل إسرائيل، والتي تغطي أخبار إسرائيل، كانت غير متناسبة، فقد استهدفتنا المنظمات المؤيدة لإسرائيل".