نقلت وكالة الأبناء الفرنسية عن حاكم منطقة خاركييف، وليغ سينيغوبوف، قوله إن نحو عشرة آلاف شخص اضطروا للفرار من منازلهم في المنطقة التي تقع شمال شرق أوكرانيا، مذ بدء الهجوم الروسي البري المباغت عليها قبل أكثر من أسبوع.

وأوضح الحاكم أن "ما مجموعه 9907 شخصاً تم إجلاؤهم" منذ بدء الهجوم في 10 أيار/مايو، والذي حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أنه قد يكون تمهيداً لعملية واسعة النطاق في هذه المنطقة.

وأعلنت أوكرانيا يوم الجمعة أن القوات الروسية بدأت بتدمير مدينة فوفتشانسك الحدودية، وأنها تواصل تقدمها في منطقة خاركيف المستهدفة بالهجوم البري.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الهجوم هدفه الرد على الضربات الأوكرانية التي استهدفت الأراضي الروسية خلال الأشهر الأخيرة، مشيراً إلى أن قواته تتقدم "كما هو مخطط".

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، أن جيشها يواصل التقدم في شمال شرق أوكرانيا وأنه سيطر على 12 قرية في منطقة خاركيف خلال أسبوع منذ إطلاق الهجوم البري الكبير.

دبابة مدمرة تظهر على الطريق في منطقة خاركيف بأوكرانيا.
REUTERS
دبابة مدمرة تظهر على الطريق في منطقة خاركيف بأوكرانيا.

بناء منطقة عازلة

ويرى خبراء أن الجيش الروسي ربما يحاول، من خلال دخول قواته لمدينة فوفشانسك، على بعد خمسة كيلومترات فقط داخل أوكرانيا، والاستيلاء على مناطق واسعة من الأراضي الأوكرانية في منطقة خاركيف، إنشاء منطقة عازلة لصد الهجمات الأوكرانية عبر الحدود.

ويعزز خبراء هذا الطرح، لاسيما وأن القوات الروسية شاهدت الحالة السيئة "نسبياً" لدفاعات أوكرانيا، وقد تكون لدى موسكو كذلك خطط أكثر طموحاً.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أكد، الجمعة، أن هدف الهجوم الجديد هو إقامة "منطقة عازلة" لمواجهة أي هجمات أوكرانية على الأراضي الروسية، مشيراً الى عدم نية قواته غزو مدينة خاركيف.

كما تحدث بوتين عن إنشاء نوع من "المنطقة الصحية" التي من شأنها حماية منطقة بيلغورود الجنوبية من الهجمات الصاروخية أو الطائرات بدون طيار. إذ أثبتت بيلغورود أنها عرضة للتوغلات عبر الحدود من قبل قوتين من القوات شبه العسكرية الروسية المتمركزة في أوكرانيا.

ويعتقد معهد دراسات الحرب ومقره الولايات المتحدة أن الهدف الرئيسي هو إنشاء منطقة عازلة. ويتفق كذلك المحلل العسكري الروسي أناتولي ماتفيتشوك مع هذا الطرح.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
Getty Images
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

زيلينسكي يخشى هجوماً روسياً واسع النطاق في شرق وشمال أوكرانيا

من جانبه، أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة حصرية مع وكالة الأنباء الفرنسية الجمعة، عن خشيته من أن يكون الهجوم البري الذي بدأته روسيا في منطقة خاركيف بشمال شرق البلاد، مجرد تمهيد لهجوم على نطاق أوسع في الشمال والشرق.

كما قال زيلينسكي إن كييف ستواصل القتال، على الرغم من تحقيق القوات الروسية تقدماً في خاركيف منذ بدء الهجوم البري، إلا أن الوضع في هذه المنطقة بات أفضل من ذي قبل.

وكانت كييف تعلم أن موسكو تخطط لهجوم خلال فصل الصيف، لكنها لم تكن تعلم تاريخ بدءه. وأصبح ذلك واضحا في العاشر من مايو/أيار، عندما توغلت القوات الروسية في المنطقة الحدودية بالقرب من خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا.

ومنذ ذلك الحين، سيطرت القوات الروسية على عدد من القرى على الحدود الشمالية الشرقية لأوكرانيا، وتحاول المضي قدماً في الوقت الذي تحاول فيه القوات الأوكرانية تأمين خط الدفاع الأول لتلك الحدود .

الحرب الروسية الأوكرانية
Getty Images
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الهجوم على مدينة فوفتشانسك المتاخمة لخاركيف، هدفه الرد على الضربات الأوكرانية التي استهدفت الأراضي الروسية.

كييف تطالب حلفاءها الغربيين بمزيد من الأسلحة

وفي حديثه مع وكالة الأنباء الفرنسية طالب زيلينيكسي حلفاء بلاده تزويد الجيش الأوكراني بنظامين باتريوت مضادّين للطائرات من أجل الدفاع عن سماء المنطقة والجنود الذين يدافعون عنها.

كما أعلن زيلينسكي أن هناك نقصاً في أعداد القوات الأوكرانية، موضحا أن ذلك سيؤثر على معنويات الجنود، تزامناً مع دخول قانون جديد للتعبئة حيز التنفيذ، السبت، لزيادة أعداد الجنود المنضمين إلى صفوف الجيش، بحسب ما صرح به الرئيس الأوكراني.

وأضاف قائلاً إن أوكرانيا ليس لديها سوى رُبع أنظمة الدفاع الجوّي التي تحتاجها، موضحا أنها تحتاج كذلك من 120 إلى 130 طائرة مقاتلة من طراز إف-16 لمواجهة القوة الجوية الروسية .

الحرب الروسية الأوكرانية
Reuters
كانت معركة سيطرة القوات الروسية على مدينة مدينة فوفتشانسك شرسة.

هل تواجه خاركيف خطراً؟

بلغ عدد سكان منطقة خاركيف قبل الحرب حوالي 1.4 مليون نسمة. وتأتي خاركيف في المرتبة الثانية بعد كييف ودنيبرو نظراً لأهميتها الاقتصادية فقط لأوكرانيا.

فهي قريبة للغاية من الحدود بحيث لا تتمتع بدفاع جوي كافٍ، وقد تعرضت مرارأً وتكراراً لقصف روسي مميت باستخدام الصواريخ الباليستية والصواريخ المضادة للطائرات المُعاد تشكيلها والقنابل المنزلقة.

ويقول أولكسندر موسيينك، رئيس مركز الدراسات العسكرية والسياسية في كييف: "إن الهدف الاستراتيجي للقوات الروسية هو تطويق خاركيف كمركز إقليمي".

ويضيف موسيينك أنه من خلال هذا التكتيك، لن يقتصر الأمر على إنشاء منطقة عازلة يتراوح عمقها ما بين 10 إلى 15 كيلومتراً فحسب، بل سيمنح ذلك روسيا أيضاً خياراً لمهاجمة خاركيف لاحقاً.

ويقول المدون العسكري الأوكراني، يوري بوتوسوف، إنه تم ارتكاب الكثير من الأخطاء في الدفاع عن الحدود، والآن وبعد أن رأت القوات الروسية مدى ضعف انتشار الدفاعات، يمكنها محاولة إنشاء منطقة عازلة ورأس جسر(المساحة التي يحتلها جيش بعد إنزاله في منطقة وينطلق منها لمواصلة الهجوم والتقدم أو التراجع في حالة الخوف من الهزيمة) للانطلاق بشكل أعمق في الأراضي الأوكرانية.

ويوضح، قائلا: "بالطبع هذا هو هدفهم".