القدس: تعرّضت مناطق عدة في قطاع غزة الاثنين لقصف دام، وسط استمرار المعارك بين حركة حماس وإسرائيل، بينما تتزايد الشكوك بشأن إمكانية التوصل إلى هدنة مع تمسّك الطرفين بشروطهما التي قد تعيق استئناف المفاوضات التي يدعو اليها الوسطاء.
ميدانيا، قتل خلال الليل 20 شخصاً على الأقل في غارات وقصف مدفعي، من بينهم ستة أشخاص قضوا في مخيّم النازحين في البريج (وسط)، بينهم طفل، وعشرة آخرون شرق خان يونس في جنوب القطاع، وفقاً لمصادر طبية.
وذكر الدفاع المدني في قطاع غزة أنه تمّ صباح الاثنين انتشال أربع جثث بعد قصف استهدف منزلهم في حي الزيتون في مدينة غزة.
وتتواصل المعارك بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في مناطق في شمال القطاع ووسطه وجنوبه، بعد قرابة ثمانية أشهر من حرب مدمّرة اندلعت إثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس على جنوب إسرائيل.
وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنّ قواته ضربت "أكثر من خمسين هدفاً في قطاع غزة" خلال الأيام الماضية. وقال إنّه يواصل عملياته "المحدّدة الأهداف القائمة على المعلومات الاستخباراتية في منطقة رفح"، وأنّ قواته "أجرت عمليات مسح وعثرت على بنية تحتية إرهابية وكميات كبيرة من الأسلحة في المنطقة".
ودخل الجيش الإسرائيلي رفح في السابع من أيار (مايو)، رغم تحذيرات دولية من أنّ أي هجوم على رفح الحدودية مع مصر سيفاقم الوضع في ظل اكتظاظ المدينة بأكثر من 1,4 مليون نازح. وفرّ منذ بدء العمليات أكثر من مليون فلسطيني، بينهم عدد كبير نحو منطقة المواصي الساحلية التي تصنّفها إسرائيل "منطقة إنسانية".
وتقدّمت القوات الإسرائيلية نحو وسط رفح خلال الأيام الماضية، وفق شهود.
وقال أسامة الكحلوت من غرفة عمليات الطوارئ في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة لوكالة فرانس برس "تصلنا إشارات يومية ومستمرة من رفح، لكن الاستجابة للإصابات والشهداء صعبة جداً، فالوصول صعب للغاية نتيجة استمرار القصف الإسرائيلي بالإضافة الى استهداف الطواقم".
ضغوط
وتؤشر التطورات على الأرض والمواقف السياسية الى أن إمكانية التوصل الى اتفاق هدنة كانت دعت اليه الدول الوسيطة، الولايات المتحدة وقطر ومصر، لم تنضج بعد.
وعرض بايدن الجمعة "خارطة طريق" قال إنها إسرائيلية من أجل التوصل الى وقف لإطلاق النار يتم خلاله الإفراج عن رهائن محتجزين في قطاع غزة وعن معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيلية.
وتنصّ المرحلة الأولى التي تستمرّ ستّة أسابيع على "وقف لإطلاق النار، وانسحاب القوّات الإسرائيليّة من كلّ المناطق المأهولة بالسكّان في قطاع غزة، والإفراج عن عدد من الرهائن بمن فيهم النساء والمسنّون والجرحى. في المقابل، يتمّ إطلاق سراح مئات من المساجين الفلسطينيين".
وأشار الرئيس الأميركي إلى أنّه سيتمّ التفاوض على الخطوط العريضة للمرحلة الثانية خلال وقف إطلاق النار. كما أوضح أنّه إذا نجحت المفاوضات قد يصبح وقف إطلاق النار "المؤقت... دائماً... في حال وفت حماس بالتزاماتها". وتتضمن هذه المرحلة انسحاب الجيش من قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن الأحياء المتبقين.
ودعا مسؤولون أميركيون حماس مرّات عدة الى الموافقة على الاقتراح.
وكانت حماس أكّدت بعد إعلان بايدن، أنّها "تنظر بإيجابية" إلى المقترح، مشدّدة في الوقت نفسه على أن أي اتفاق يجب أن يضمن وقفا دائما لإطلاق النار وانسحابا إسرائيليا كاملا من غزة.
كذلك تتمسّك إسرائيل بشروطها.
فقد أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بعد إعلان بايدن أنّ "شروط إسرائيل لوقف الحرب لم تتبدّل"، مشدّدا على ضرورة "القضاء على قدرات حماس العسكرية وقدرتها على الحكم، وتحرير جميع الرهائن وضمان أن غزة لم تعدّ تشكّل تهديداً لإسرائيل".
ويواجه نتانياهو ضغوطاً داخلية لتأمين عودة الرهائن تتجسّد في تظاهرات منتظمة تطالب بوقف الحرب وأحيانا بإسقاط حكومة نتانياهو. في المقابل، هدّد وزيران من اليمين المتطرف هما إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش السبت بالانسحاب من الائتلاف الحكومي إذا مضى قدما بمقترح الهدنة.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الأحد إن إسرائيل تجري "تقييماً لتسلّم جهة بديلة لحماس الحكم" في قطاع غزة.
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) بعد هجوم نفّذته حركة حماس على الدولة العبرية أسفر عن مقتل 1189 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين، وفقاً لتعداد أجرته وكالة فرانس برس بالاستناد إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
واحتُجز خلال الهجوم 252 رهينة ونقلوا إلى غزة. ولا يزال 121 رهينة في القطاع، بينهم 37 لقوا حتفهم، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وردت إسرائيل متوعدة بـ"القضاء" على حماس، وهي تشن منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة تترافق مع عمليات برية، ما تسبب بسقوط 36439 قتيلا، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الإثنين العثور على جثة مسعف إسرائيلي كان يعتقد أنه محتجز لدى حماس في قطاع غزة قبل أن يتبين أنه قُتل إبان هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
وعثر على جثة دوليف يهود (35 عاما) في تجمّع نير عوز الذي كان من بين المواقع التي هاجمها مقاتلو حماس.
لا حليب للأطفال
في هذا الوقت، تتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة المحاصر، لا سيما في ظل استمرار إغلاق معبر رفح الذي يعدّ منفذاً أساسياً لدخول المساعدات الإنسانية، منذ سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني منه في 7 أيار (مايو).
وخلال اجتماع الأحد في القاهرة مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، جدّدت مصر تمسّكها بـ"ضرورة الانسحاب الإسرائيلي من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح حتى يتم استئناف تشغيله مرة أخرى"، وفق ما نقلت قناة القاهرة الإخبارية القريبة من الاستخبارات المصرية عن مصدر رفيع المستوى.
وتشكو المنظمات الإنسانية والدولية من أن المساعدات لا تكفي حاجات السكان. كما حذرت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس السبت من أنّ "الأطفال يموتون من الجوع".
في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، قالت أميرة الطويل (33 عاما) إنها لم تتمكن من العثور على حليب لطفلها الذي يعاني من سوء التغذية. وأضافت لوكالة فرانس برس وهي تحمل طفلها على ذراعيها "يوسف يحتاج إلى علاج وغذاء جيد، الحليب غير متوافر نهائيا".
وتابعت "أُطعمه حاليا بعض القمح لكن لا حليب. هذا ما يجعله يعاني من الانتفاخ".
في سوريا، قتل 12 شخصاً على الأقل وأصيب آخرون جراء قصف صاروخي إسرائيلي استهدف بلدة حيّان في ريف حلب الغربي فجر الاثنين، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
التعليقات