"ما الذي يمكن أن تخسروه إن صوتّم لنا؟" بهذا السؤال يتوجه نايجل فاراج إلى جمهور من العمال منتقدا المحافظين والعماليين على السواء، سعيا لإقناع الناخبين المحبطين بمعظمهم حيال السياسيين في هذه الدائرة الأساسية في إنكلترا، بالتصويت لحزبه "ريفورم يو كاي" (الإصلاح) المعادي للهجرة.

وتعد التحركات المعادية للهجرة وقوداً لغالبية الأحزاب السياسية في القارة الأوروبية في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من اختلاف الحياة السياسية في بريطانيا، إلا أن هناك تقارباً في هذا "المزاج السياسي" في اللحظة الراهنة.

تقع دائرة آشفيل في "الجدار الأحمر"، المنطقة المعروفة سابقا بمناجمها في وسط إنكلترا وشمالها، والتي ظلت لفترة طويلة مؤيدة للعماليين، غير أنها انتقلت إلى المعسكر المحافظ في الانتخابات التشريعية عام 2019.

وبعدما حل في المرتبة الثالثة في تلك الانتخابات، يتصدر حزب العمال استطلاعات الرأي للفوز مجددا بهذه الدائرة في الرابع من تموز (يوليو).

غير أنه يواجه منافسة شديدة من حزب الإصلاح اليميني المتطرف بزعامة نايجل فاراج الذي كان على رأس حملة بريكست، في هذه المنطقة التي تعاني بشدة من تراجع التصنيع والتي صوتت بكثافة من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبي.

التبدل السياسي
وتجسد مسيرة لي اندرسون، النائب المنتهية ولايته عن دائرة آشفيلد، بشكل جلي التبدل السياسي الحاصل في جزء من المملكة المتحدة في السنوات الأخيرة. فهو كان عماليا قبل ان ينضم إلى حزب المحافظين الحاكم، لينتهي به المطاف الآن مرشحا عن حزب الإصلاح.

أما المرشح المحافظ، فخاض انتخابات 2019 عن حزب بريكست الذي انبثق عنه حزب الإصلاح.

وإن أضفنا إليهما مرشّحا مستقلا يترأس المجلس البلدي غير أنه ملاحق بتهم الاختلاس والتهرب الضريبي، عندها يمكن فهم خيبة أمل الناخبين.

زمرة من المنافقين اللعينين
قالت هيلن هال المتقاعدة ردا على أسئلة وكالة فرانس برس "إنهم زمرة من المنافقين اللعينين"، فيما كان كل من فاراج وأندرسون يعقد تجمعا انتخابيا في منطقة قريبة.

من جهتها، أكدت كارولاين كاتس (56 عاما) "لو كان هناك مربّع عليه عبارة ’لا لأي منهم’ لاخترته" على القائمة الانتخابية.

أما لوك، الشاب العشريني، فهو "عدل" منذ الآن عن التصويت موضحا باشمئزاز "جميعهم أوغاد".

خط متشدد
ورغم قلة اكتراث الناخبين، تعتبر آشفيلد دائرة اختبارية، سواء لطموحات العماليين بالعودة إلى السلطة، أو لآمال حزب الإصلاح باغتنام شعبية مرشحه لتحويل تقدمه في استطلاعات الرأي إلى مقاعد نيابية يمكن أن توصل سياسته المتشددة حيال الهجرة.

ومنح استطلاع للرأي أُجري مؤخرا حزب الإصلاح 19% من نوايا التصويت، مباشرة بعد العماليين، متقدما على المحافظين، ما سمح لنايجل فاراج بأن يؤكد أنه يجسد "المعارضة الحقيقية لحكومة عمالية".

وإن كانت الهجرة ضعيفة في المنطقة، إلا أن لي أندرسون أكد لوكالة فرانس برس أن الظاهرة "تؤثر على البلاد بمجملها" فتفرض ضغطا على النظام الصحي وعلى البنى التحتية.

هل تريدون استعادة بلادكم
وردد "إنها مشكلة كبرى"، فيما كان فاراج يوقّع على لافتة قريبة كتب عليها "هل تريدون استعادة بلادكم؟"

وفي مقهى مجاور، تلقى هذه الرسالة استجابة، فتؤكد آيلين لانغفورد (83 عاما) التي كانت تصوت في ما مضى للعماليين "سأصوّت من أجل الإصلاح" وتضيف "نايجل فاراج يتكلم عن مسائل كثيرة مهمة لنا... بدءا بالهجرة".

وتضيف متقاعدة أخرى تدعى جانيت سميدلي "نحن بلد صغير، من المدهش أننا لم نغرق بعد مع كل هذه الأعداد التي تصل إلى هنا".

"تخلوا عنا"
ويثير نايجل فاراج ولي أندرسون انقسامات، سواء في آشفيلد أو في باقي البلاد، فالأول واجه لفترة طويلة انتقادات واتهامات بالعنصرية.

وبادر أحد المارة النائب الأوروبي السابق هاتفا له "فاراج، أنت غير نافع!"، وقد تعرض مرارا منذ بدء الحملة الانتخابية للرشق بأغراض مختلفة.

أما لي أندروسن، فغادر صفوف المحافظين بعدما صدرت عنه تعليقات اعتبرت مناهضة للمسلمين بحق رئيس بلدية لندن صديق خان.

وهو غالبا ما يدلي بتصريحات تثير جدلا، إلى حدّ أن نايجل فاراج نفسه قال إنه يبدو "رجلا طيبا" مقارنة به.

الإصلاح بداية شيء ما
وأعرب ريتشارد كوبسون العنصر السابق في البحرية البريطانية عن "حيرته" بين حزب العمال الذي دعمه طوال حياته، وحزب الإصلاح. ويقول الرجل الذي درس في المدرسة ذاتها مثل لي أندرسون "نشعر أنهم تخلوا عنا"، ويبدو له أن حزب الإصلاح "قد يكون بداية شيء ما".

ويبدي كوبسون استجابة للخطاب المعارض للهجرة مؤكدا "البلد مفتوح أكثر مما ينبغي، بلغنا الحد الأقصى".