إيلاف من لندن: نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية مقالاً للكاتبة أليس تومسون تناولت فيه أسباب تراجع شعبية حزب المحافظين البريطاني بعد 14 عاماً في السلطة. وأشارت تومسون إلى أن "الطريقة التي نجحوا بها طوال هذه الفترة أدت إلى تنفير شرائح واسعة من الناخبين".

الخلفيات الطبقية وتنوع الحكومة
تطرقت الكاتبة إلى الخلفيات الطبقية لأعضاء كلا الحزبين المرشحين لتولي مناصب وزارية في الحكومة المقبلة، لافتة إلى أنه في حال فاز حزب العمال، فمن المتوقع أن يكون 78 في المئة من أعضاء الحكومة من المتعلمين في المدارس العامة، بينما تتمتع حكومة سوناك بتنوع عرقي أكبر، وتُعد واحدة من أكثر الحكومات التي تلقى أعضاؤها تعليماً في المدارس الخاصة منذ عقود.

أوضحت تومسون أن 7 في المئة فقط من أعضاء حكومة سوناك ينحدرون من أسر من الطبقة العاملة، مقارنة بنحو 46 في المئة من فريق ستارمر، زعيم حزب العمال. ومع ذلك، سيكون لدى ستارمر الفريق الأرقى تعليماً في التاريخ، حيث حصل ما يقرب من نصف وزرائه، 15 من 31، على درجة دراسات عليا واحدة على الأقل، وجميعهم باستثناء اثنين لديهم درجات جامعية. في المقابل، ستة فقط من حكومة سوناك لديهم مؤهلات الدراسات العليا، مما يشير إلى أن الطبقة لم تعد الآن عائقاً أمام التحصيل الأكاديمي.

تُبدي الكاتبة استغرابها من أن أنجيلا راينر، نائبة زعيم حزب العمال، التي تركت المدرسة في سن الخامسة عشرة، قد تصبح نائبة لرئيس الوزراء هذا الأسبوع، وأن ويس ستريتنج، وزير الصحة في حكومة الظل، الذي أدين جده بسلسلة من جرائم السطو المسلح، قد يصبح وزيراً للصحة قريباً.
لكنها تضيف بأنَّ الناخبين سئموا من التشتيت والانقسام. وتعتقد - وفق ما تقول - بأن الأغلبية تريد حكومة عملية واقعية تتابع عملها في تنظيم تقديم خدمات التعليم والصحة والنقل والرعاية الاجتماعية، بدلاً من إثارة المزيد من الانقسام. ويقول أغلبهم إنهم يأملون في مجتمع أكثر مساواة.

سياسات عملية وليست عقابية
تقول الكاتبة إن على حزب العمال أن يكون واضحاً بشأن الدوافع التي يعتمد عليها لإقرار سياساته، وربما يكون فرض ضريبة القيمة المضافة على رسوم المدارس الخاصة بمثابة إجراء عملي لتوفير مزيد من الأموال للقطاع العام، دون أن يكون ذلك هدفه معاقبة الأثرياء.

وتتفهم الكاتبة ما ينوي ستارمر القيام به بزيادة ضريبة الدخل من رأس المال وضريبة الميراث، بعد أن استبعد في خططه زيادة ضريبة الدخل وضريبة الشركات ومساهمات التأمين الوطني. وتشير إلى أنه سيحتاج إلى تمويل خططه لمواجهة انتظار المستشفيات وفقر الأطفال والدين الوطني بأي طريقة.
بيد أنَّ الكاتبة تقول إنّ أي سياسة ستُصوَّر على أنّها مهاجمة الأثرياء من أجل إرضاء اليسار، ستفقد الحزب "شريحة داعمة هامة".

تحديات وفرص
تؤكد الكاتبة أن إحدى أكبر نقاط ضعف حزب المحافظين على مدى 14 عاماً الماضية كانت في كيفية تنفير فئات واسعة من الناخبين، بدءاً من الشباب والخريجين، وحتى الأمهات. وتقول إنَّ مهمة حزب العمال لا ينبغي أن تتلخص في إثارة الصراع بين الطبقات، بل في جمع أكبر عدد ممكن من الناس تحت خيمة للوحدة.
في النهاية، تؤكد تومسون أن التحدي الأكبر لحزب العمال سيكون في الحفاظ على توازن بين فرض سياسات تحقق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وبين عدم فقدان دعم الطبقات الوسطى والعليا، لتحقيق التغيير الذي يتطلع إليه البريطانيون بعد سنوات من الانقسام والتشتت.