مازال الرد الإيراني المحتمل على إسرائيل، يهيمن على مقالات وافتتاحيات الصحف العالمية في ظل توقعات بأن يكون خلال ساعات أو أيام قليلة، فيما ركزت صحف أخرى على سيناريوهات محتملة في حال فشل المفاوضات، بالإضافة إلى مستقبل حركة حماس بعد اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية.

ونستهل جولتنا في الصحف لهذا اليوم من صحيفة فايننشال تايمز البريطانية التي نشرت مقالاً كتبه جون سورز بعنوان "نتنياهو مستعد للتصعيد في الشرق الأوسط".

يرى الكاتب أن ملامح الصراع في الشرق الأوسط بدأت تكشف عن حقائق هامة، أبرزها أنه صراع ذو "توليفة من الاستراتيجيات العليا، يُضاف إليها القليل من السياسة".

وأشار المقال إلى أن حكومة نتنياهو استطاعت في الأسابيع القليلة الماضية، إظهار مواطن قوتها، وخاصة تلك التي يتمتع بها جهاز مخابراتها "الموساد"، والذي استطاع بـ"قدراته أن يستهدف ويغتال زعماء مثل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران والقائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر في بيروت".

ورجح الكاتب أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي قد كشف بذلك عن أولوية استراتيجيته التي "يعتقد أنها قد تبقيه في منصبه رئيساً للحكومة وتحقق أهداف الأمن الإسرائيلي"، معتبراً أن نتنياهو "مستعد من أجل تحقيق ذلك للتصعيد بدلاً من التهدئة، ولا يكترث لأمر صفقة وقف إطلاق النار مقابل الرهائن".

ويقول سورز إن رئيس وزراء إسرائيل "يريد أيضاً أن يضع إدارة بايدن في مأزق سياسي وأن يساعد دونالد ترامب على العودة إلى البيت الأبيض".

ويرى الكاتب أن اغتيال هنية يسلط الضوء على أن تحرير الرهائن الإسرائيليين ليس من بين بنود استراتيجية رئيس الحكومة الإسرائيلية، إذ أن قتل أكبر مسؤول عن التنسيق بين الوسطاء الدوليين الأمريكيين والقطريين والمصريين في حماس – الذي يقوم بدور سياسي فقط ويُستبعد أن يكون قد شارك في التخطيط لهجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي – يُعد من أكثر العوامل التي تدفع بالأمور في المنطقة نحو مزيد من التصعيد.

كما يبدو أن نتنياهو يستهدف من خلال اغتيال هينة وشكر، نقل الحرب مع حزب الله – الذي يرى أنه يشكل خطراً أكبر على إسرائيل بترسانة أسلحة وصواريخ ضخمة – إلى مستوى آخر يلعب فيه الشأن الاستراتيجي الدور الأكبر بحسب الكاتب.

ويختتم الكاتب بأن الأوضاع على الأرض ترجح كفة دخول حزب الله في حرب مع إسرائيل، إذ أنه من المرجح أن تدفع إيران بحزب الله في اتجاه هذه المواجهة لعدة أسباب، أبرزها: أن "إسرائيل لم تقتل قائداً إيرانياً، كما أن طهران تمر بظرف دقيق بسبب عملية التحول السياسي في ظل قيادة رئيس لم يُختبر بعد ويصعب خوض صراع بهذا الحجم تحت قيادته، مما يجعلها حريصة على تفادي مواجهة مباشرة مع إسرائيل" على حد تعبيره.

ضمانات أمريكية جديدة لإسرائيل!

نتنياهو وغالانت
Getty Images
أشارت صحيفة يديعوت أحرونونت إلى أن هناك انعدام ثقة بين نتنياهو ورؤساء أجهزته الأمنية

أما صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية فتناولت العلاقة بين واشنطن وإسرائيل في ظل التطورات الأخيرة، ونشرت مقالاً للكاتب ناداف إيال بعنوان: "الولايات المتحدة تضمن لإسرائيل إمكانية استئناف الحرب إذا فشلت صفقة الرهائن".

أشار الكاتب في مقاله إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ينتظر تعهداً أمريكياً لضمان الاستمرار في الحرب، إذا فشلت المرحلة الثانية من صفقة تحرير الرهائن.

وينقل الكاتب عن مسؤول إسرائيلي أن الخطاب المرتقب، لن يُسلّم من البيت الأبيض إلا بعد وضع اللمسات النهائية على صفقة وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن الإسرائيليين لدى حماس، وهو ما يرى الكاتب أنه "يعكس وجود قدر كبير من انعدام الثقة بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ونتنياهو والولايات المتحدة".

ويرى الكاتب أن الرسالة وراء كشف المسؤول الإسرائيلي عن خطاب التعهد أو الضمان الأمريكي الذي يتم الحديث عنه، هي اثبات أن "انعدام الثقة حاضر في المشهد إلى حدٍ كبيرٍ، ليس فقط بين نتنياهو ورؤساء الأجهزة الأمنية، لكن بين نتنياهو والبيت الأبيض".

"من يخلف هنية؟"

إسماعيل هنية
BBC
هناك تكهنات بأن خليفة هنية قد يكون السنوار أو مشعل

ونختتم من صحيفة القدس التي تساءلت: "ما العوامل التي ستحكم اختيار زعيم لحماس بعد استشهاد هنية؟".

يقول الكاتب مثنى عبد الله إن الرمزية تُعد من أهم العوامل التي تتحكم في بناء الكيانات والمؤسسات المادية والمعنوية في منطقة الشرق الأوسط، إذ أن الكثير من "الكيانات انهارت بعد غياب القائد والرمز في هذه البقعة من العالم".

ويضيف الكاتب أن "غياب الشهيد إسماعيل هنية أطلق مرحلة التوقعات بشأن من سيخلفه في الزعامة السياسية، في ظل ظروف طارئة لا بد من أن تنعكس على عملية اختيار الخليفة"، موضحاً أن الظروف الحالية وحالة الحرب والأوضاع الطارئة "قد تفرض على واقع الحركة قيادة للمكتب السياسي من بين الأصوات المتشددة في حماس، علاوة على أنه ينبغي أن يكون من داخل غزة، وهو الشروط التي تتوافر في رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار".

ويرى الكاتب أن هناك عاملاً آخراً هاماً قد يتحكم في اختيار قائد سياسي جديد للحركة يتمثل في أهمية علاقات حماس الخارجية في المرحلة الراهنة – سواء على مستوى المنطقة العربية أو دول الغرب – وهو ما قد يجعل من الرئيس السابق للمكتب السياسي لحماس خالد مشعل مرشحاً مثالياً للمنصب.

ولم يغفل الكاتب الديمقراطية داخل الحركة قائلاً: "تبقى العملية الديمقراطية في داخل الحركة هي التي تحكم، وربما تتقدم لشغل المنصب أسماء ليست معروفة كثيراً في الأوساط الإعلامية، فلا حاكم مطلق يسود في داخل الحركة وقرارها في هذا الشأن وغيره قرار مؤسسة وليس قرار أشخاص، وقد تفرض الشخصية والكاريزما وقائع ما في العملية الانتخابية، لكن ذلك لن يكون هو العامل الحاسم في عملية الاختيار".

وشدد الكاتب في ختام مقاله على "ضرورة أن توازن حماس بين الحاجة إلى من يمولها في هذه الظروف العصيبة أثناء صراعها مع إسرائيل من جهة، وأن تراعي من الجهة الأخرى توافر حاضنة شعبية عربية لا يمكنها الاستغناء عنها في المرحلة الراهنة على الأقل".