يرتبط التعاون في التكنولوجيا العسكرية والتعاون العسكري بين طهران وموسكو، بالحرب في أوكرانيا – التي بدأتها روسيا في 2022 – كما أن له صلة بالضربات الإيرانية التي وجهت إلى إسرائيل، والتي يمكن أن تتصاعد إلى صراع واسع النطاق في المستقبل القريب.

وزودت إيران روسيا بالفعل بطائرات مسيرة هجومية يستخدمها الجيش الروسي لضرب أوكرانيا. وكانت هناك أيضاً طلبيات أسلحة أخرى أصغر حجماً تم تسليمها.

مع ذلك، فإن هذا التعاون العسكري التكنولوجي قد يرقى إلى مستوى مختلف. فعلى سبيل المثال، يمكن لروسيا أن تبيع لإيران مجموعة من الطائرات المقاتلة من طراز سوخوي-35 (فلانكر)، والتي كانت في الأصل مجهزة من أجل صفقة مع مصر لكنها لم تتم. وأبدت إيران بالفعل اهتمامها بالحصول على هذه الطائرات.

وإذا حصلت إيران على هذه المقاتلات، فمن شأن ذلك أن يجعل العمليات الجوية ضد إيران معقدة. فالقوات الجوية الإيرانية ليس لديها في الوقت الراهن سوى بضع عشرات من الطائرات المقاتلة، معظمها من الطرازات الروسية القديمة والطرازات الأمريكية التي عفا عليها الزمن من مخلفات النظام الذي سبق الثورة الإسلامية عام 1979.

وفي ربيع عام 2023، نقلت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (IRIB) عن موظف لم تذكر اسمه، في بعثة إيران لدى الأمم المتحدة قوله إن "الصفقة قد اكتملت بالفعل"، ولكن منذ ذلك الحين لم يتم الإعلان عن أي تقارير حول تسليم الطائرات إلى طهران.

مجموعة فاغنر في سانت بطرسبرغ
Getty Images

أكثر من 20 طائرة مقاتلة لا تزال متوقفة في مدرج مصنع كومسومولسك-أون-أمور للطائرات (KnAAZ)، عليها ألوان العلم المصري وفق ما أشار إليه مركز التحليل العسكري الروسي لتحليل الاستراتيجيات والتقنيات؛ ويُمكن رؤية هذه الطائرات حتى على خرائط جوجل.

كما يمكن لروسيا أن تنقل أنظمة دفاع جوي إلى إيران، مثل قاذفات الصواريخ قصيرة المدى "بانتسير-إس1" التي قد تستخدم في حماية أنظمة الدفاع الجوي الأطول مدى أو غيرها من الأهداف الحيوية، من الضربات الصاروخية الإسرائيلية.

وذكرت وثائق مخابراتية أمريكية سرية مفرج عنها في 2023، أن مجموعة المرتزقة الروسية فاغنر، كانت تخطط لنقل مثل هذا النظام إما إلى حزب الله أو إلى إيران.

وقال جون كيربي، منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي للاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، إن الولايات المتحدة تستعد لفرض "عقوبات مكافحة الإرهاب ضد الأفراد والكيانات الروسية" في حالة حدوث مثل هذه التسليمات.

ولم تظهر أي تقارير أخرى في هذا الشأن عن تنفيذ هذه الخطط.

في المقابل، يمكن لإيران أن تزود روسيا بالصواريخ الباليستية، سواء العملياتية التكتيكية أو قصيرة المدى. وإذا أضيفت مثل هذه الصواريخ إلى ترسانة الجيش الروسي، فسيؤثر ذلك بشكل كبير على الوضع في أوكرانيا.

وفي حالة نشوب حرب مع إسرائيل، فإن إيران – التي تقع على بعد ألف كيلومتر من إسرائيل – ستحتاج إلى صواريخ متوسطة المدى. وروسيا بدورها ستحتاج إلى صواريخ تشغيلية تكتيكية أو صواريخ قصيرة المدى يصل مداها إلى 500 كيلومتر. ولذلك فإن نقل هذه الإمدادات إلى روسيا لن يؤثر على قدرة إيران على ضرب إسرائيل.

وتقع هذه القضية من الخطورة بمكان لدرجة أنها أثارت المزيد من توتر الدبلوماسي بين موسكو وواشنطن. ففي أوائل سبتمبر/ أيلول الماضي، بدأ الرئيس الأمريكي جو بايدن، دراسة منح أوكرانيا الإذن باستخدام الصواريخ الأمريكية ضد أهداف داخل روسيا.

في ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة توجه اتهامات رسمية لإيران بتزويد روسيا بالصواريخ الباليستية. وبحسب تقارير إعلامية ظهرت في تلك الفترة، وصلت هذه الصواريخ بالفعل إلى روسيا.

وعلى الرغم من أن كييف لم تكن لتحصل على إذن لضرب أهداف في عمق روسيا بأسلحة غربية بعيدة المدى، إلا أن موسكو امتنعت أيضاً عن استخدام الصواريخ الإيرانية في أوكرانيا. ونفت إيران رسمياً توريدها إلى روسيا.

وتُعد الطائرات المقاتلة والصواريخ الباليستية هي أكبر صفقات الأسلحة غير الناجحة التي أصبحت كُشف عنها النقاب بسبب تسرب المعلومات إلى الصحافة.

ومع ذلك، تسلط هذه المعلومات الضوء على الإمكانات الكبيرة للتعاون العسكري التقني بين إيران وروسيا، والتي يمكن أن تؤثر على الوضع الإقليمي.

لكن هذا التعاون يؤثر على مصالح إسرائيل، فعلاقات روسيا مع إسرائيل ليست متوترة كما هي الحال مع الدول الغربية الأخرى، حتى لو لم تكن جيدة بما فيه الكفاية.

وحتى الآن، لم تزود إسرائيل أوكرانيا بأسلحة قتالية، على الأقل ليس بشكل علني، على الرغم من الطلبيات التي طال انتظارها من جانب القيادة الأوكرانية.

وتهتم كييف بشكل خاص بأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية عالية الكفاءة، مثل القبة الحديدية. وفي حين أنه من غير المرجح أن تنقل إسرائيل أنظمة الدفاع الجوي من قواتها العسكرية العاملة، إلا أنها تصنع مثل هذه الأنظمة للتصدير. كما أن هناك بطاريتان في الولايات المتحدة يمكن إرسالهما إلى أوكرانيا بموافقة إسرائيل.

ولا تقدم إسرائيل مساعدات عسكرية كبيرة لأوكرانيا، إذ تشارك فقط في توصيل المساعدات الإنسانية.

وفي فبراير/ شباط 2023، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه قد يفكر في تقديم مساعدة عسكرية لأوكرانيا، دون تحديد نوعها. ومع ذلك، لم يتم اتخاذ أي قرار في هذا الشأن حتى الآن.

يُضاف إلى ذلك التعقيد الذي تتسم به العلاقات بين إسرائيل وروسيا بسبب وجود الطيران العسكري لكلا البلدين فوق أجواء سوريا، إذ تحلق طائراتهما غالباً على مسافة قريبة من بعضها البعض. لذا يجب عليهم تنسيق أعمالهم باستمرار لتجنب وقوع حوادث كما حدث عندما أسقطت طائرة استطلاع روسية في سوريا في 2018. وعلى الرغم من أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت الطائرة عن طريق الخطأ، إلا أن روسيا زعمت أن الطائرات المقاتلة الإسرائيلية كانت قريبة وكان الهدف مقصوداً.

العلاقات الدولية في الشرق الأوسط متشابكة بشكل كبير لدرجة أن أي تدخل كبير يمكن أن يؤدي إلى سلسلة من ردود الفعل التي قد تسفر عن مشاكل مع دول أخرى.

على أي حال، يبدو أن موسكو وطهران حاولتا التفاوض على جميع التفاصيل قبل أي تصعيد في المنطقة.

في 30 سبتمبر، زار رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين طهران. وبحسب صحيفة "فيدوموستي" الروسية، فإن الزيارة كانت تهدف إلى مناقشة كامل نطاق التعاون الروسي الإيراني، مع التركيز بشكل خاص على المشاريع المشتركة الكبرى في مجالات النقل والطاقة والصناعة والزراعة.