أثار إعلان الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول المفاجئ ليلة الثلاثاء الماضي، بفرض الأحكام العرفية، أزمة سياسية في كوريا الجنوبية لم تشهد البلاد مثيلاً لها منذ ثمانينيات القرن الماضي.
- المعارضة الكورية الجنوبية تعتزم مقاضاة الرئيس بتهمة "التمرد"، وعدد من كبار معاوني الرئيس يقدّمون استقالاتهم
- قرار الأحكام العرفية ينقلب على الرئيس الكوري الجنوبي، في ماذا كان يفكر سوك يول؟
ودفعت الأزمة المتفاقمة بين يون والمعارضة بشأن الميزانية العامة، الرئيس لاتخاذ خطوته المفاجئة، مبرراً إياها بمواجهة "قوى معادية" وتهديدات من الجارة الشمالية، غير أن محاولته انتهت بالفشل بعد ساعات، بسبب الضغوط الشعبية والسياسية، حيث سارع البرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة، إلى عقد جلسة طارئة صوت خلالها على رفض الأحكام العرفية.
فما هي قصة كوريا الجنوبية التي تركزت عليها الأضواء في الأيام الأخيرة؟
تاريخ كوريا الجنوبية
في القرن الرابع قبل الميلاد كانت مملكة جوسون موجودة في شبه الجزيرة الكورية ومنشوريا، وفي القرن الثالث قبل الميلاد تشكلت دولة جين في جنوب شبه جزيرة كوريا.
وبين عامي 57 قبل الميلاد و 668 بعد الميلاد، تطورت ممالك غوغوريو وبايكجي وشلا في شبه الجزيرة ومنشوريا باعتبارها الممالك الثلاث في كوريا.
ثم نجحت مملكة شلا في توحيد شبه الجزيرة الكورية بين عامي 668 و935.
وبين عامي 918 و1392 توحدت كوريا مرة أخرى تحت حكم مملكة كوريو، التي اشتق منها اسم "كوريا" الحديث.
وقد خضعت مملكة كوريو بين عامي 1231 و1270 لتأثير الإمبراطورية المغولية، ثم لنفوذ سلالة يوان في الصين حتى منتصف القرن الرابع عشر.
وأسس الجنرال يي سونغ جاي سلالة جوسون التي أطاحت بسلالة كوريو وحكمت المنطقة بين عامي 1392 و1897.
وبين عامي 1418 و1450، نفذ الملك سيجونغ العظيم إصلاحات إدارية واجتماعية وعلمية واقتصادية وأنشأ الهانغول، الأبجدية الكورية.
وقد تعرضت البلاد لغزو الياباني بين عامي 1592 و1598، وانتهى الصراع بانسحاب القوات اليابانية بعد حالة من الجمود العسكري.
لكن في عام 1876 فرضت اليابان على كوريا معاهدة صُممت لإجبارها على الانفتاح على التجارة اليابانية، وأنهت المعاهدة وضع كوريا كمحمية صينية.
وبين عامي 1897 و1910 عمل الملك جوجونغ من سلالة جوسون على التحديث الجزئي والتحول إلى الغرب في الأنظمة العسكرية والاقتصادية والتعليمية، وفي عام 1910 ضمت اليابان كوريا، التي أصبحت مستعمرة يابانية.
وبعد الحرب العالمية الثانية، انتهى الاحتلال الياباني باحتلال القوات السوفيتية للمنطقة الواقعة شمال خط العرض 38، والقوات الأمريكية في الجنوب.
ومنذ تقسيم شبه الجزيرة الكورية عام 1948، تمكنت كوريا الجنوبية من أن تصبح واحدة من أكثر الدول الآسيوية ثراءً، بينما لم تتمكن كوريا الشمالية من التخلص من الفقر وتسلط النظام الشمولي.
وتأسست جمهورية كوريا (كوريا الجنوبية) في عام 1948، وحظيت بدعم الولايات المتحدة والأمم المتحدة بعد أن تعرضت لغزو عسكري من الشمال عام 1950.
ووضعت الحرب الكورية أوزارها عام 1953 دون التوصل الى اتفاق للسلام، مما يعني ان الكوريتين ما زالتا رسمياً في حالة حرب.
الجمهورية الأولى
تبنت الجمهورية الأولى، التي تأسست في أغسطس/آب من عام 1948، نظاماً رئاسياً، وانتُخب سينغ مان ري لاحقاً كأول رئيس لها. كما تبنت كوريا الجنوبية قانون الأمن القومي، الذي حظر الجماعات التي تعارض الدولة أو تعبر عن الدعم لكوريا الشمالية.
أُعيد انتخاب ري في أغسطس/ آب من عام 1952 بينما كانت البلاد في حالة حرب، وكان هناك صراع بين ري والجمعية الوطنية التي تهيمن عليها المعارضة بسبب مشروع قانون تعديل دستوري قدمته المعارضة في محاولة للإطاحة بري من خلال استبدال النظام الرئاسي بنظام برلماني. وقد رُفض مشروع القانون، لكن النزاع استمر.
وعندما قدمت المعارضة مشروع قانون تعديل آخر لصالح النظام البرلماني، رد ري في عام 1952 بدفع مشروع قانون ينص على الانتخاب الشعبي للرئيس.
وفي وقت لاحق، في عام 1954، نجح ري في دفع الجمعية الوطنية، التي كان يهيمن عليها الحزب الحاكم آنذاك، على تمرير تعديل يعفيه من الحد الأقصى للرئاسة، والذي كانت مدته آنذاك، ولايتين.
وبموجب الدستور المعدل، ترشح ري بنجاح لولاية ثالثة في مايو/أيار 1956. وأُعيد انتخابه للمرة الرابعة، في مارس/آذار 1960، بعد فترة من التوتر والعنف، تبعها اتهامات بأن الانتخابات كانت مزورة.
وخرجت مظاهرات طلابية حاشدة بلغت ذروتها في 19 أبريل/نيسان من عام 1960 في صدام كبير لقي فيه العديد من المتظاهرين مصرعهم. واستقال ري تحت الضغط بعد ستة أيام وهرب إلى المنفى في هاواي، حيث توفي عام 1965 عن عمر يناهز 90 عاماً.
الجمهورية الثانية
لم تستمر الجمهورية الثانية التي قامت بعد مغادرة ري، والتي اعتمدت النظام البرلماني سوى تسعة أشهر. وفي ظل الجمهورية الثانية قصيرة العمر، انتخب يون بو كرئيس صوري من قبل مجلسي الهيئة التشريعية، ونُقلت السلطة إلى مكتب رئيس الوزراء تشانغ ميون، الذي انتُخب من قبل مجلس النواب بفارق ضئيل بلغ 10 أصوات.
وقد بذلت حكومة تشانغ جهداً لبدء الإصلاحات، ولكنها فشلت في التعامل مع الوضع غير المستقر الذي خلقه التغيير السياسي العنيف.
ومع انتقال السلطة إلى مكتب رئيس الوزراء، انخرطت جميع الفصائل، المحافظة والمعتدلة، في مناورات مستمرة لكسب مجموعة من المستقلين من أجل تشكيل الأغلبية في الهيئة التشريعية.
وقبل أن يتسنى لتشانغ الوقت لإطلاق برنامج كامل للإصلاح الاقتصادي، أصيبت قيادة الحزب الديمقراطي الحاكم بالشلل بسبب الصراعات داخل صفوفها.
الحكم العسكري
في 16 مايو/ آيار من عام 1961، استولى الجيش على السلطة وتولى مجلس عسكري بقيادة الجنرال بارك تشونغ هي زمام الأمور في البلاد وحل الجمعية الوطنية وفرض حظر صارم على النشاط السياسي.
ووُضعت البلاد تحت الأحكام العرفية، وتولى المجلس الأعلى لإعادة الإعمار الوطني، برئاسة بارك، زمام الأمور في الحكومة وبدأ في تنفيذ سلسلة من الإصلاحات.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1962، نشر المجلس الأعلى لإعادة الإعمار الوطني مشروع قانون لتعديل الدستور ينص على رئيس قوي ومجلس وطني ضعيف من غرفة واحدة.
ولكن سرعان ما غيّر بارك رأيه واقترح تمديد الحكم العسكري لأربع سنوات. وقد قوبل الاقتراح بمعارضة شديدة من الزعماء السياسيين المدنيين، ولكنّ نحو 160 من القادة العسكريين، معظمهم من الجنرالات، أيّدوا التمديد.
وفي أبريل/نيسان من عام 1963، أعلن بارك، تحت ضغط محلي ودولي كبير (وخاصة من الولايات المتحدة)، عن خطة لإجراء انتخابات نحو نهاية العام. وفي أواخر شهر مايو/آيار، سُمّي بارك مرشحاً رئاسياً للحزب الديمقراطي الجمهوري الذي تشكل حديثاً.
الجمهورية الثالثة
أُجريت انتخابات رئيس الجمهورية الثالثة في 15 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1963.
وهزم بارك بفارق ضئيل يون بو، مرشح المعارضة والرئيس الرمزي السابق، وذلك بناءً على طلب المجلس العسكري لتوفير الاستمرارية الدستورية للحكومة العسكرية.
وعندما سُمح باستئناف النشاط السياسي، قاد يون مجموعات المعارضة المتجمعة وأصبح المرشح الرئاسي لحزب الحكم المدني.
وفي مايو/ آيار 1967، انتُخب بارك لفترة ولايته الثانية، وفاز حزب جمهورية كوريا الديمقراطية بأغلبية كبيرة في الجمعية الوطنية.
وادعى أعضاء الحزب الديمقراطي الجديد المعارض، الذي كان رئيسه يون، الذي هُزم مرتين، حدوث تزوير ورفضوا لبعض الوقت الجلوس على مقاعدهم في الجمعية الوطنية.
وخلال فترة ولايته الثانية، واجه الرئيس بارك البند الدستوري الذي حد من ولاية الرئيس بفترتين متتاليتين مدة كل منها 4 سنوات.
وفي خضم الاضطرابات السياسية الواسعة النطاق التي أحدثتها مظاهرات الساسة المعارضين والطلاب، أقر أعضاء الحزب الديمقراطي التقدمي في الهيئة التشريعية تعديلاً دستورياً من شأنه أن يجعل الرئيس مؤهلاً لثلاث فترات متتالية مدة كل منها 4 سنوات.
وتمت الموافقة على التعديل من خلال استفتاء وطني في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1969.
وفي الانتخابات الرئاسية التي عقدت في أبريل/ نيسان من عام 1971، هزم بارك منافسه كيم داي جونغ من الحزب الديمقراطي الجديد، ومع ذلك، حقق الحزب الديمقراطي الجديد مكاسب كبيرة، وخاصة في المناطق الحضرية الكبرى، وحصل على 89 مقعداً في انتخابات الجمعية الوطنية مقابل 113 مقعدًا فاز بها الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم.
الجمهورية الرابعة
في ديسمبر/ كانون الأول 1971، بعد وقت قصير من تنصيبه لفترة رئاسية ثالثة، أعلن بارك حالة الطوارئ الوطنية، وبعد 10 أشهر (أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1972) علق الدستور وحل الهيئة التشريعية.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 1972 صدر دستور جديد، يسمح بإعادة انتخاب الرئيس لعدد غير محدود من الفترات التي تبلغ مدة كل منها 6 سنوات، مما أدى إلى إطلاق الجمهورية الرابعة.
وفي إطار الجمهورية الرابعة تم تشكيل المؤتمر الوطني للوحدة "للسعي إلى توحيد الوطن سلميًا" برئاسة رئيس الجمهورية ويتراوح عدد أعضائه بين 2000 و 5000 عضو يتم انتخابهم مباشرة من قبل الناخبين لمدة 6 سنوات.
وكُلّف المؤتمر الوطني للوحدة بسلطة انتخاب الرئيس، وبموجب هذا الترتيب، انتُخب بارك بدون معارضة في عام 1972 وأعيد انتخابه عام 1978.
وازدادت الاضطرابات السياسية في أعقاب اختطاف كيم داي جونغ، الذي كان يدير حملة مناهضة للحكومة في الولايات المتحدة واليابان، من طوكيو إلى سول في أغسطس/ آب من عام 1973، من قبل عملاء وكالة الاستخبارات الكورية.
ومنذ أغسطس/ آب من عام 1978 أصبحت حركة المعارضة أقوى حيث أدى طرد زعيم الحزب الديمقراطي الجديد كيم يونغ سام من الجمعية الوطنية إلى تصعيد التوترات السياسية المتزايدة بالفعل بين الحكومة وزعماء المعارضة.
وفي عام 1979، اندلعت أعمال شغب مناهضة للحكومة في بوسان وماسان وقمعتها القوات الحكومية، وبلغت الأزمة ذروتها في 26 أكتوبر/ تشرين الأول من ذلك العام، عندما اغتيل الرئيس بارك على يد كيم جاي كيو، صديقه القديم ومدير وكالة المخابرات المركزية الكورية.
وأصبح رئيس الوزراء تشوي كيو ها رئيسًا بالنيابة بموجب الدستور، وانتخب رسمياً رئيساً في ديسمبر/ كانون الأول من قبل المؤتمر الوطني للوحدة.
وفي غضون ذلك، وُضعت البلاد تحت الحكم العسكري الصارم من قبل الجنرال تشون دو هوان، وقمع المجلس العسكري انتفاضة للطلاب المطالبين باستعادة الديمقراطية في غوانغجو في مايو/ آيار من عام 1980 مما أسفر عن مقتل مئات المدنيين.
في ذلك الشهر، أزال الجيش كل مظاهر الحكم المدني، ومدد الأحكام العرفية، وحظر مرة أخرى كل الأنشطة السياسية، وأغلق الجامعات والكليات.
الجمهورية الخامسة
في أغسطس/ آب من عام 1980، انتخب تشون دو هوان رئيساً من قبل المؤتمر الوطني للوحدة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول، تمت الموافقة على دستور جديد، بموجبه باتت فترة الرئاسة مُقتصرة على ولاية واحدة مدتها 7 سنوات، مما أدى إلى الجمهورية الخامسة.
ورُفعت الأحكام العرفية في يناير/ كانون الثاني 1981، وفي فبراير/ شباط، انتخب تشون رئيساً بموجب الدستور الجديد.
ومع السماح للأحزاب مرة أخرى بالعمل، تشكل حزب حاكم جديد هو حزب العدالة الديمقراطي من قبل أعضاء سابقين في الحزب الديمقراطي التقدمي والحزب الديمقراطي الجديد.
وبحلول عام 1987، أصبح الاستياء الشعبي من الحكومة واسع النطاق، ولمعالجة الأزمة، أعلن روو تاي وو (رئيس الحزب الديمقراطي للعدالة والمساواة منذ عام 1985) عن برنامج للإصلاحات الدستورية من شأنه أن يعيد المؤسسات الديمقراطية والحقوق المدنية الأساسية التي اغتصبت في ظل الحكم العسكري.
وأشرف تشون، الذي اضطر إلى قبول هذا البرنامج، على صياغة دستور مُنقح، تمت الموافقة عليه من خلال استفتاء وطني في أكتوبر/ تشرين الأول 1987.
ومن بين أحكامه الرئيسية تقليص فترة الرئاسة من 7 إلى 5 سنوات والانتخاب الشعبي المباشر للرئيس.
وانتخب روه، وهو جنرال سابق في الجيش، رئيساً في ديسمبر/ كانون الأول، وتولى منصبه في فبراير/ شباط 1988. ومع تنصيبه، انتقلت السلطة سلمياً لأول مرة في تاريخ كوريا الجنوبية، وانتهى التاريخ المعقد للجمهورية الخامسة.
الجمهورية السادسة
استضافت كوريا الجنوبية، في ظل المناخ السياسي الأفضل كثيرًا في الجمهورية السادسة، الألعاب الأولمبية الصيفية الناجحة للغاية في سول عام 1988.
وفي عام 1990، نجح روو في تحقيق اندماج الحزب الديمقراطي للعدالة والمساواة مع حزب إعادة التوحيد الديمقراطي بزعامة كيم يونغ سام والحزب الديمقراطي الجمهوري الجديد بزعامة كيم جونغ بيل، الذي كان لفترة من الوقت رئيساً للوزراء أثناء الجمهورية الرابعة.
وقد حاز الحزب الديمقراطي الليبرالي الناتج عن هذا الاندماج على أغلبية ساحقة في الجمعية الوطنية.
وفي حين كانت حكومة روو تعمل على إعادة إرساء الديمقراطية في الساحة السياسية المحلية، فقد بدأت ما يسمى بسياسة "الدبلوماسية الشمالية" تجاه الاتحاد السوفييتي وحلفائه. وقد أدت هذه الجهود إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع المجر وبولندا ويوغوسلافيا عام 1989 ومع الاتحاد السوفييتي في عام 1990.
كما تحسنت العلاقات بين كوريا الجنوبية والصين، وفي عام 1992 أقام البلدان علاقات دبلوماسية كاملة. وفي ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام، انتُخِب كيم يونغ سام رئيساً.
وسعى كيم، أول رئيس مدني منذ أكثر من 30 عاماً، إلى انتزاع السلطة من المؤسسة العسكرية وإعادة تأكيد تفوق المدنيين على المؤسسة العسكرية. وبعد فترة وجيزة من توليه منصبه، قام بعملية تطهير شملت آلاف البيروقراطيين والقادة العسكريين ورجال الأعمال، وأفرج عن آلاف السجناء السياسيين، وأطلق مبادرة كبرى لمكافحة الفساد (ولا سيما حظر الحسابات المصرفية بأسماء مستعارة).
وارتفعت شعبية كيم، ولكن الركود الاقتصادي الشديد واستمرار ترسيخ الفساد (تم القبض على نجل كيم نفسه بتهمة الرشوة والتهرب الضريبي) قلصا من مكانته بحلول نهاية ولايته.
وأعيدت الانتخابات المحلية، التي تم تعليقها إلى أجل غير مسمى في عام 1961، بشكل محدود في عام 1991 واستُعيدت بالكامل في عام 1995، مما سمح للناخبين باختيار حكام وعمد المدن الكبرى.
وخلال فترة حكم كيم، تم اعتقال سلفيه تشون دو هوان وروه تاي وو، وأدين الرجلان بالفساد وتخطيطهما للانقلاب الذي أوصل تشون إلى السلطة في عام 1979 والخيانة في مذبحة المتظاهرين في غوانغجو عام 1980 وحُكم على تشون بالإعدام وعلى روه بالسجن 22 عاماً ونصف العام (تم تخفيفها إلى السجن مدى الحياة و 17 عاماً على التوالي).
بالإضافة إلى ذلك، أدين 9 من المديرين التنفيذيين لشركات الأعمال الكورية الجنوبية برشوة تشون وروه مقابل مزايا حكومية.
وفي ديسمبر/ كانون الأول من عام 1997، انتُخب مرشح المعارضة الدائم كيم داي جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية. وبعد فترة وجيزة من الانتخابات، تم العفو عن تشون وروه في بادرة حسن نية، وفي 25 فبراير/شباط من عام 1998، أدى كيم اليمين الدستورية رئيساً للبلاد.
ونفذ كيم ما يسمى بسياسة "الشمس المشرقة" تجاه الشمال، والتي أدت في عام 2000 إلى عقد قمة تاريخية بين كيم والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل، واختيار كيم داي جونغ كمرشح لجائزة نوبل للسلام في ذلك العام.
ومع ذلك، عانت إدارته أيضاً من فضائح الفساد، وواجهت سياساته الدولية مقاومة من الولايات المتحدة لكن استمتعت كوريا الجنوبية في عام 2002 بنجاح نهائيات كأس العالم لكرة القدم، التي استضافتها بالاشتراك مع اليابان، والتي وصل فيها فريقها الوطني إلى الدور نصف النهائي، وهي المرة الأولى التي يتقدم فيها فريق آسيوي إلى هذا الحد. وفي نفس العام، استضافت البلاد أيضاً دورة الألعاب الآسيوية في بوسان.
في عام 2003، خلف كيم في منصب الرئيس روه مو هيون من حزب الألفية الديمقراطي الذي أسسه كيم، وكان محامياً ومؤيداً قوياً للإصلاحات الديمقراطية، وقد أثبت نفسه كمدافع عن المتظاهرين اليساريين.
وواجه روه معارضة شديدة من الحزب الوطني الذي اتهمه بالفساد، وفي عام 2004 عزلته الجمعية الوطنية. وانسحب روه مؤقتاً من منصبه في وقت كانت فيه المحكمة الدستورية تنظر في الاتهامات التي وجهتها المعارضة إليه.
وفي الانتخابات البرلمانية في ذلك العام، حصل حزبه على الأغلبية في الجمعية الوطنية، فتمت تبرئته لاحقاً، واستأنف عمله.
وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2007، فاز عمدة سول السابق لي ميونغ باك، بأغلبية ساحقة، ومنحت الانتخابات التشريعية في العام التالي حزبه، الحزب الوطني الكبير، أغلبية ضئيلة في الجمعية الوطنية. وقد أدين بعد تركه السلطة عام 2018 بتهم فساد وسُجن.
وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2012. فازت المرشحة بارك غيون هيه، ابنة بارك تشونغ، وهي أول امرأة تُنتخب رئيسة لكوريا الجنوبية. وخلال حملتها الانتخابية في عام 2012، قدمت بارك اعتذارًا عن انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في ظل حكم والدها.
وتعرضت إدارة بارك لانتقادات شديدة في أبريل/نيسان من عام 2014 بعد غرق العبارة سول في طريقها من إنتشون إلى جزيرة جيجو، مما أسفر عن مقتل 328 راكب من أصل 500 كانوا على متنها، معظمهم من طلاب المدارس الثانوية، وذلك بسبب الحمولة الزائدة.
كما تعرضت أيضاً لانتقادات شديدة بسبب التراخي السائد في لوائح السلامة. بالإضافة إلى ذلك، اعتبر الكثيرون أن جهود الإنقاذ واستجابة إدارة بارك للأزمة كانت غير فعّالة وغير كافية، وأثار الحادث نقاشاً حول عواقب التحديث السريع للبلاد.
في أواخر عام 2015، اندلع الجدل حول قرار الحكومة بإطلاق كتاب مدرسي واحد للتاريخ صادر عن الدولة لجميع المدارس العامة. وأكدت الحكومة أن الاختيار الحالي للكتب المدرسية كان له ميل يساري وتحيز لصالح كوريا الشمالية.
في الانتخابات البرلمانية في أبريل/نيسان 2016، خسر حزب سينوري المحافظ الذي تنتمي إليه بارك الأغلبية التي احتفظ بها لفترة طويلة.
وتدهورت حظوظ الرئيسة أكثر عندما اعتقلت تشوي سون سيل، المقربة منها منذ فترة طويلة، للاشتباه في استخدامها لعلاقتها ببارك لإجبار شركات كبرى، مثل عملاق التكنولوجيا سامسونغ وسلسلة التجزئة لوتي، على إبرام صفقات ضخمة ودفع تبرعات لمؤسساتها.
وخرج مئات الآلاف إلى الشوارع احتجاجاً، وفي 9 ديسمبر/كانون الأول من عام 2016، عزلت الجمعية الوطنية بارك.
وأيدت المحكمة قرار العزل في 10 مارس/ آذار من عام 2017، وعُزلت بارك رسمياً من منصبها. ومهد عزلها الطريق لمحاكمتها حيث لم تعد محمية بالحصانة الرئاسية وصدر الحكم ضدها بالسجن ، وحُدد موعد لإجراء انتخابات مبكرة.
وسرعان ما ظهر مون جاي إن، من الحزب الديمقراطي الموحد والذي كان قد هُزم بفارق ضئيل أمام بارك في الانتخابات الرئاسية لعام 2012، باعتباره المرشح الأفضل لخلافتها.
وعندما ذهب الناخبون الكوريون إلى صناديق الاقتراع في 9 مايو/أيار من عام 2017، منحوا مون انتصاراً مقنعاً. ووعد مون بمزيد من المشاركة مع الشمال وبرنامج جديد لخلق فرص العمل للشباب، في حين تعهد بالعمل مع الأحزاب الأخرى للحكم بفعالية.
وكانت النقطة الأخيرة مسألة ضرورة وليس اختياراً، حيث كان الحزب الديمقراطي الموحد يفتقر إلى الأغلبية في الجمعية الوطنية، ولم يكن من المقرر عقد الانتخابات التشريعية حتى عام 2020.
وفي انتخابات عام 2022 فاز المدعي العام السابق يون سوك يول، الذي دخل السياسة فقط في عام 2021، بنسبة أقل من 1 في المئة.
وفي حفل فوزه، قال إنه "سيهتم بسبل عيش الناس، وسيقدم خدمات الرعاية الاجتماعية للمحتاجين، وسيبذل قصارى جهده حتى تعمل بلادنا كعضو فخور ومسؤول في المجتمع الدولي والعالم الحر". لكنه فجر أزمة سياسية في البلاد مؤخراً بإعلانه فرض الأحكام العرفية ومازالت توابع هذا الإعلان تزلزل أركان الدولة الكورية.
التعليقات