مع اقتراب نهاية عام 2024، ووصول فصل الشتاء، تواصل القوات الروسية صد خصومها الأوكرانيين.

استولت روسيا على حوالي 2350 كيلومتراً مربعاً من الأراضي في شرق أوكرانيا وفي منطقة كورسك الغربية في روسيا واستعادتها.

لكن التكلفة في الأرواح كانت مروعة.

وتقول وزارة الدفاع البريطانية إن روسيا تكبدت في نوفمبر تشرين الثاني 45680 قتيلاً، وهو أكثر من أي شهر منذ غزوها الكامل في فبراير/شباط 2022.

ووفقًا لأحدث تقديرات استخبارات الدفاع البريطانية، خسرت روسيا ما معدله 1523 رجلا يوميا، ما بين قتيل وجريح.

وتضيف أنه في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، خسرت روسيا أكثر من 2000 رجل في يوم واحد، وهي المرة الأولى التي تصل فيها إلى هذا الرقم.

وقال أحد المسؤولين، شريطة عدم الكشف عن هويته: "إننا نرى الروس يحققون المزيد من التقدم. ولكن بتكلفة باهظة".

وقال المسؤولون إن أرقام الخسائر تستند إلى مواد مفتوحة المصدر، وأحياناً يتم ربطها ببيانات سرية.

وفي المجمل، تشير التقديرات إلى أن روسيا خسرت نحو 125,800 جندي خلال هجماتها في الخريف، وفقاً لمعهد دراسة الحرب في واشنطن.

ويقول معهد دراسة الحرب إن تكتيكات "مفرمة اللحم" التي تنتهجها روسيا تعني أن موسكو تخسر أكثر من 50 جندياً لكل كيلومتر مربع من الأراضي التي استولت عليها.

ولا تسمح أوكرانيا بنشر خسائرها العسكرية، لذا لا توجد تقديرات رسمية تغطي الأشهر القليلة الماضية.

وتقول وزارة الدفاع الروسية إن أكثر من 38 ألف جندي أوكراني فقدوا (قتلوا وجُرحوا) في كورسك وحدها ــ وهو رقم من المستحيل التحقق منه.

وقال يوري بوتوسوف، وهو مراسل حربي أوكراني مطلع ولكن مثير للجدل، إن 70 ألف جندي أوكراني قُتلوا منذ فبراير/شباط 2022، واختفى 35 ألف جندي آخر.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، نفى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تقارير إعلامية أمريكية تفيد بمقتل ما يصل إلى 80 ألف جندي أوكراني، قائلاً إن العدد "أقل بكثير".

ولم يذكر زلينسيكي العدد وفقا لإحصائياته.

ولكن إذا نظرنا إلى الأرقام الروسية والأوكرانية مجتمعة، فإنها تشير إلى شدة القتال المرعبة في كورسك والمناطق الشرقية لأوكرانيا.

ولا يرى المسؤولون الغربيون أي علامة على تغير الأمر.

وقال مسؤول غربي: "من المرجح أن تستمر القوات الروسية في محاولة استنزاف القوات الأوكرانية باستخدام الكتلة العددية لسحق المواقع الدفاعية وتحقيق مكاسب تكتيكية".

وزادت وتيرة تقدم روسيا في الأسابيع الأخيرة (ولكنها لا تقارن بسرعة تقدمها في الأشهر الأولى من الحرب)، ولم ينجم ذلك إلا عن تغيير كبير في نسبة نيران المدفعية بين الجانبين.

في حين كانت روسيا قادرة ذات يوم على إطلاق ما يصل إلى 13 قذيفة مقابل كل قذيفة تطلقها أوكرانيا، أصبحت النسبة الآن حوالي 1.5 إلى 1.

ويُفسَّر هذا التحول الدرامي جزئياً بزيادة الإنتاج المحلي، فضلاً عن الهجمات الأوكرانية الناجحة على المستودعات التي تحتوي على ذخيرة روسية وكورية شمالية.

ولكن المدفعية، على الرغم من أهميتها، لم تعد تلعب مثل هذا الدور الحاسم.

وقال أحد المسؤولين الغربيين: "الخبر السيئ هو حدوث زيادة هائلة في استخدام القنابل الانزلاقية الروسية، مع آثار مدمرة على خط المواجهة".

وقال المسؤول إن استخدام روسيا للقنابل الانزلاقية، التي تُطلَق من طائرات نفاثة تحلق داخل المجال الجوي الخاضع لسيطرة روسيا، زاد بمقدار 10 أضعاف خلال العام الماضي.

وغيرت القنابل الانزلاقية والطائرات بدون طيار الصراع، حيث يتسابق كل جانب إلى الابتكار.

وقال لي سيرجي، وهو جندي في الخطوط الأمامية عبر تطبيق واتساب: "لقد وصلنا إلى النقطة التي جعلت فيها حرب الطائرات بدون طيار المشاة بلا أنياب، إن لم تكن لا جدوى منها".

أما بالنسبة للقوى العاملة، فإن كل من أوكرانيا وروسيا لا تزالان تواجهان صعوبات، ولكن لأسباب مختلفة.

لم تكن أوكرانيا راغبة في خفض سن التجنيد إلى أقل من 25 عامًا، مما حرمها من جميع الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عامًا - باستثناء المتطوعين.

ومن ناحية أخرى، لا تزال روسيا قادرة على تعويض خسائرها، على الرغم من أن إحجام الرئيس فلاديمير بوتن عن إجراء جولة جديدة من التعبئة يشير إلى عدد من الاعتبارات المحلية.

التضخم المرتفع، والمستشفيات المكتظة، والمشاكل المتعلقة بمدفوعات التعويضات للأسر المكلومة كلها عوامل.

وفي بعض مناطق روسيا، ارتفعت المكافآت المقدمة للمتطوعين الراغبين في التسجيل للحرب في أوكرانيا إلى ثلاثة ملايين روبل (حوالي 30 ألف دولار).

وقال المسؤول: "إن الاقتصاد الروسي على وشك الانهيار، والضغوط مستمرة في التصاعد هناك".

وقد تضيف الأحداث الأخيرة في سوريا تضيف إلى محنة موسكو، حيث يقرر الكرملين الموارد التي يمكنه تخصيصها للدفاع عن نظام الرئيس بشار الأسد.

ولكن مع تطور الوضع في سوريا بسرعة، يقول المسؤولون إنه من السابق لأوانه معرفة التأثير الذي ستخلفه الأحداث هناك على الحرب في أوكرانيا.

وقال أحد المسؤولين: "من المؤكد أن هناك معضلات أولوية طويلة الأجل محتملة بالنسبة لروسيا. يعتمد الأمر على كيفية تطور الوضع في سوريا".