إيلاف من الرباط :كشف مصدر دبلوماسي مغربي موثوق أن موضوع ترحيل المغاربة المقيمين بفرنسا بطرق غير شرعية أصبح من الماضي، ولم تعد هناك صعوبات تواجه الترتيبات الإدارية لإعادتهم. وعبّر المصدر ذاته عن الاستعداد المغربي الدائم لاستقبال مواطنيه من المهاجرين الذين يقيمون بطريقة غير شرعية ، ليس في فرنسا فحسب، بل في أوروبا ايضا . وقال إن "القنصليات المغربية في الخارج لا تقوم بعرقلة عمليات استعادة المغاربة، بل كان الخلاف حول عملية التحقق من هوية المهاجر غير الشرعي، وإصدار تصريح مرور قنصلي إلزامي من أجل أن تتمكن السلطات الفرنسية من تنفيذ الترحيل"، مبرزًا التعاون الجيد الجاري الآن بين المصالح الدبلوماسية المغربية والفرنسية، خصوصًا بعد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب وإعلانه اعتراف فرنسا بأن مستقبل الصحراء لا يمكن أن يكون إلا تحت السيادة المغربية.
مرحلة جديدة من التعاون الوثيق
هذا الانفراج في العلاقات، علّق عليه المستشار محمد زيدوح، رئيس لجنة الصداقة المغربية-الفرنسية بمجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية للبرلمان ) في تصريح لـ"إيلاف" قائلًا إن "العلاقات بين المغرب وفرنسا تشهد اليوم مرحلة جديدة من التعاون الوثيق في مختلف المجالات"، مشيرًا إلى أن التعاون يشمل مجالات الأمن، والتنمية الاقتصادية، والتعليم، وتبادل الخبرات، ودعم المشاريع المشتركة.
وأضاف زيدوح أن هدف البلدين يتمثل في تعزيز التنسيق والتشاور في القضايا الدولية والإقليمية المهمة من أجل بناء مستقبل مشترك يستند إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل.
واعتبر رئيس لجنة الصداقة المغربية-الفرنسية بمجلس المستشارين أن فرنسا شريك استراتيجي، تربطها مع المغرب علاقات تاريخية وسياسية قوية، زادت من متانتها جهود الدبلوماسية البرلمانية التي تمكنت من رفع اللبس الذي كان يسقط فيه المسؤولون الفرنسيون حول قضية الصحراء المغربية. وزاد زيدوح قائلا : "كل جهودنا هي من أجل مستقبل مغربي-فرنسي واعد، تُوّج بانفراج أزال كل التوترات، بما فيها عراقيل التأشيرات وتنقل المغاربة إلى فرنسا".
أزمة التأشيرات اصبحت من الماضي
في السياق ذاته، أعلن السفير الفرنسي بالمغرب، كريستوف لوكورتيي، في وقت سابق أن أزمة التأشيرات التي أثارت انتقادات واسعة أصبحت الآن من الماضي، مبرزًا الإرادة المشتركة للبلدين في تجاوز الأزمات وتعزيز شراكتهما التاريخية.
وبينما كشف السفير الفرنسي عن استعادة بلاده مستويات منح التأشيرات للمغاربة إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، مسجلًا أن المغرب يحتل المرتبة الثانية بعد الصين من حيث عدد التأشيرات الممنوحة خلال العامين الماضيين.
وشدد لوكورتيي على أن هذه الخطوة تعكس أهمية التبادل الإنساني والثقافي بين البلدين، مع التركيز على تسهيل حركة الأفراد في المجالات العائلية، والفنية، والمهنية. كما أشار إلى الجهود المبذولة للقضاء على ظاهرة "السماسرة" الذين يستغلون مواعيد التأشيرات، حيث تم اعتماد نظام جديد في العاصمة المغربية الرباط، مع خطط لتوسيع نطاق تطبيقه في مراكز أخرى.
واعتبر السفير الفرنسي هذا التطور مؤشرًا على رغبة فرنسا في تحسين آلياتها الإدارية بما يخدم مصالح الجالية المغربية، التي تُعد من أكبر الجاليات المقيمة بفرنسا.
التسهيلات للطلبة
استحضر السفير الفرنسي الدور المهم للطلبة المغاربة في تعزيز الروابط الثقافية والتعليمية بين البلدين، حيث يدرس حوالي 50 ألف طالب مغربي في فرنسا.
في سياق ذلك ،أعلن السفير لوكورتيي عن جهود متزايدة لتسريع إجراءات التأشيرات الموجهة للطلبة وآبائهم، بالإضافة إلى تسهيل حصول الخريجين المغاربة من الجامعات الفرنسية على تأشيرات دائمة.
تعكس هذه المبادرة إدراك الجانب الفرنسي للدور الحيوي الذي يلعبه التعليم الدولي في توطيد العلاقات الثنائية.
دبلوماسية الوساطة المغربية والأدوار الاستراتيجية الجديدة
إلى جانب معالجة القضايا المتعلقة بالتأشيرات، برز المغرب، مع نهاية سنة 2024، كوسيط فعّال في تعزيز العلاقات الثنائية، خاصة في ظل نجاحه الدبلوماسي الأخير الذي تمثل في التوسط لإطلاق سراح أربعة فرنسيين كانوا محتجزين لدى دولة النيجر. هذا الحدث يُبرز الدور الاستراتيجي الذي يلعبه المغرب ليس فقط كحليف لفرنسا، بل كشريك إقليمي قادر على التدخل في القضايا الدولية الحساسة.
التعليقات