إيلاف من بيروت: انسحبت قوات الجيش الإسرائيلي فجر اليوم (الثلاثاء) من عدة قرى وبلدات في جنوب لبنان، لكنها أبقت على وجودها في خمس مواقع استراتيجية على طول الحدود، ما أثار اعتراض السلطات اللبنانية التي دعت إلى تدخل دولي لضمان الانسحاب الكامل.

وذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام أن القوات الإسرائيلية غادرت بلدات يارون، مارون الراس، بليدا، ميس الجبل، حولا، مركبا، العديسة، كفركلا، والوزاني، فيما استمر انتشارها في خمس نقاط حدودية تواجه تجمّعات استيطانية رئيسة داخل إسرائيل.

في المقابل، انتشرت وحدات من الجيش اللبناني في البلدات المحررة، وبدأت بإزالة السواتر الترابية وتمشيط الطرقات بحثًا عن ذخائر غير منفجرة. كما قامت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بتسيير دوريات وإقامة نقاط مراقبة بالتنسيق مع الجيش اللبناني.

تأخير الانسحاب والقرار الإسرائيلي المفاجئ
بموجب الهدنة التي تم التوصل إليها في تشرين الثاني (نوفمبر)، كان من المفترض أن تنسحب القوات الإسرائيلية بالكامل خلال 60 يومًا، لكن المهلة مُدّدت حتى 18 شباط (فبراير) 2025. غير أن الجيش الإسرائيلي أعلن مساء الاثنين أنه سيُبقي قواته في خمس مواقع حدودية إلى أجل غير مسمى، مبررًا القرار بالحاجة إلى "الدفاع عن السكان الإسرائيليين والتأكد من عدم وجود تهديد فوري" من حزب الله.

هذا القرار الإسرائيلي قوبل برفض لبناني، حيث أكدت الحكومة في بيان رسمي تمسكها بانسحاب إسرائيل الكامل، محذّرة من تداعيات استمرار الاحتلال الجزئي. كما دعت اللجنة الخماسية المشرفة على الاتفاق إلى التدخل للضغط على تل أبيب للالتزام ببنود وقف إطلاق النار.

عودة محفوفة بالمخاطر
رغم الدمار الهائل الذي خلّفه النزاع، يتلهّف النازحون اللبنانيون للعودة إلى بلداتهم الحدودية التي أجبروا على مغادرتها منذ أكثر من عام. إلا أن بلديات محلية، بينها ميس الجبل، حذّرت الأهالي من العودة الفورية، مطالبة بانتظار استكمال عمليات التمشيط العسكري لضمان "دخول آمن".

إسرائيل تتوعد
يضع القرار الإسرائيلي الحكومة اللبنانية في مواجهة مع حزب الله، الذي شدّد الأحد على ضرورة العمل لضمان انسحاب إسرائيل وفق الاتفاق. وجاء ذلك بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي قال: "يجب نزع سلاح حزب الله، ونفضل أن يتولى الجيش اللبناني هذه المهمة"، في إشارة إلى الضغوط الدولية على بيروت لضبط سلاح الفصائل المسلحة.

ورغم سريان وقف إطلاق النار منذ 27 تشرين الثاني (نوفمبر)، استمرت إسرائيل في تنفيذ غارات جوية وعمليات تفجير في قرى حدودية، مما أدى إلى مقتل أكثر من 60 شخصًا خلال فترة الهدنة، بينهم 24 شخصًا في 26 كانون الثاني (يناير) أثناء محاولتهم العودة إلى منازلهم.

إحصائيات القتلى وتحذيرات أممية
منذ بدء الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل في تشرين الأول (أكتوبر) 2023، قُتل أكثر من 4000 شخص، وفق حصيلة السلطات اللبنانية، فيما أعلنت تل أبيب مقتل 78 شخصًا داخل إسرائيل، بينهم جنود، إضافة إلى 56 جنديًا قُتلوا في العمليات البرية داخل لبنان.

في السياق ذاته، أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم إزاء استمرار تدمير المنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية في جنوب لبنان، بينما حذّرت منظمة هيومن رايتس ووتش من أن "تعمّد إسرائيل هدم المنازل واستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق السكنية يجعل العودة شبه مستحيلة، في ظل انعدام المياه والكهرباء والاتصالات".