إيلاف من بغداد: تواصل العاصمة العراقية بغداد احتضان النسخة الرابعة من مؤتمر الإعلام العربي، المنعقد للمرة الأولى في العراق، بتنظيم من شبكة الإعلام العراقي، وبرعاية ومشاركة اتحاد إذاعات الدول العربية، تحت شعار: "دور الإعلام في مواجهة التغير المناخي".

ويُعد الحدث تتويجًا واضحًا لعودة العراق التدريجية إلى المشهد الإعلامي العربي، في ظل حضور رسمي وإعلامي لافت شمل أكثر من 150 صحفيًا ومفكرًا وممثلي مؤسسات إعلامية من مختلف الدول العربية.

تأكيد على الدور العراقي المتجدد
في كلمته خلال المؤتمر، قال رئيس شبكة الإعلام العراقي، كريم حمادي، إن "بكلِّ فخرٍ واعتزازٍ، نحتفي اليوم بانعقادِ مؤتمرِ الإعلامِ العربيِّ الرابعِ على أرضِ بغدادَ، المدينةِ التي استعادتْ عافيتَها، ونهضتْ من رمادِ التحدّياتِ، لتعودَ من جديدٍ مركزاً للحوارِ العربيِّ، ومنصّةً للقاءِ العقولِ والكفاءاتِ، ومسرحاً يعكسُ أصالةَ التاريخِ وعمقَ الحاضرِ وتطلّعاتِ المستقبلِ".

وأوضح أن "استضافة بغداد لهذا الحدث الإعلامي الكبير، بمشاركة أكثر من 150 إعلامياً وصحفياً عربياً، تعكس الثقة المتزايدة بالدور الذي تضطلع به شبكة الإعلام العراقي كمؤسسة وطنية تسعى إلى تكريس خطاب إعلامي واقعي يعكس صورة العراق المزدهرة والمتطلعة إلى مستقبل أفضل".

موسيقى تعبّر عن التحول في المزاج العام
افتُتحت أعمال المؤتمر بمقطوعات موسيقية حيّة قدّمها الفنان العراقي مصطفى زاير، الذي قال "أشعر أننا نعيش أيامًا استثنائية في بغداد، حتى موسيقانا تغيّرت؛ كانت حزينة، واليوم صارت أكثر فرحًا، طلبوا أعمال ناظم الغزالي، وهذا دليل على أن الموسيقيين هم خير سفراء لهذا البلد، وهو ما عملنا عليه لسنوات، وها هو يتحقق اليوم".

وأضاف في تصريحه لوكالة الأنباء العراقية (واع) أن "الحضور كانوا سعيدين بالاستماع إلى الموسيقى العربية على يد موسيقيين عراقيين والذين مزجوا في افتتاحية المؤتمر ما بين الألحان العراقية ونبضات من موسيقى الوطن العربي، وقدّموا ما يشبه تحية صوتية لعاصمةٍ عادت بقوة وبخطى واثقة إلى الحياة".

مشاعر عربية تنعكس على صورة العراق
الصحفية التونسية ضحى طليق، عبّرت عن مشاعرها تجاه العراق خلال زيارتها الثالثة، قائلة: "كل مرة أحمل الشوق إلى هذا البلد، حين علمت أن شبكة الإعلام العراقي تنظّم المؤتمر، لم أتردد، العراق تغيّر كثيراً، رأيت حركة إعمار، واستعادة للأمل، لأنني عرفتُ العراق حتى في الحرب، واليوم أراه يستعيد عافيته ومكانته على الساحة العربية".
وتابعت: "نحن والعراق بحاجة لبعضنا، كي تستعيد أمتنا مكانتها، وهذا المؤتمر، بعد القمة العربية، هو دليل على أن العراق يسير في الطريق الصحيح. ما تابعته في الجلسات من دعوات لتحالف عربي مناخي، كان مهمًا للغاية، نحن بحاجة إلى صوت موحد، وإلى اتحاد إعلامي عربي، يضم جهودنا ضمن إطار وهيكل واضح، يعالج التغير المناخي بصوت واحد ووعي مشترك."

أما الصحفية التونسية سماح موزلاتي، رئيسة تحرير مجلة "أصيل" للمرأة العربية، فقالت: "أملك صداقات عراقية كثيرة، لكنني لم أزر البلد من قبل، وأنا سعيدة للغاية أن أزوره اليوم حاملة كل الفخر بما رأيته من تنظيم وكرم وترحيب بالضيوف من مختلف دول العالم".
وأضافت: "الموضوع الذي يناقشه المؤتمر في غاية الأهمية، ونتمنى أن تصل الآراء والمداخلات إلى الناس عبر الإعلام. حين يكون الإعلام واعيًا بأهمية التغير المناخي، يستطيع أن يبسّط المسائل المعقدة، ويوصلها للمتلقي بطريقة مفهومة. هناك حاجة إلى مسؤولية إعلامية مضاعفة، خاصة مع تطور أدوات التغطية مثل الذكاء الاصطناعي، الذي يجب أن يُوظف في فهم ومعالجة الظواهر المناخية، وهذا ما طُرح بعمق في المؤتمر، وخصوصًا على مستوى الدول العربية."

من جزر القمر... شهادة في تنظيم العراق
في مداخلة من جزر القمر، قال أحمد يحيى، المدير الفني في هيئة الإذاعة والتلفزيون ونائب المدير العام: "انبهرنا بالتقدّم الكبير في طرح المواضيع والتعامل معها، سواء على مستوى العناوين أو طريقة النقاش. العراق بلد جميل، وتجربته في مواجهة التغير المناخي جديرة بالاهتمام، خاصة مع ما يعانيه من التصحر والجفاف".

وأوضح في تصريح لوكالة الأنباء العراقية أن "التحديات المناخية في بلده مختلفة، لكنها لا تقل خطورة"، مشيراً إلى أن "الورش التي تم تنظيمها على هامش المؤتمر كانت غنية بالمعلومات، واطلعنا على تجارب الدول الأخرى في تغطية هذه المرحلة الصعبة. من المهم أن نؤكد على دور الإعلام في إيجاد حلول حقيقية ومؤثرة".

خارطة طريق جديدة للعمل العربي
أمّا المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم محمد ولد أعمر، فقد قال في كلمته بالمؤتمر: "الرسالة التي يحملها اختيار العراق لعقد الدورة الرابعة من مؤتمر الإعلام العربي هي رسالة الأمان والسلم والسلام في العراق وتغير صورة العراق".

وأكد أن المؤتمر "سيخرج بجملة من التوصيات التي ستكون موجهة للمنظمات المختصة، سواء المتعلقة بالمناهج التربوية أو القوانين الإعلامية البيئية، وستشكّل هذه التوصيات خارطة طريق لمنظمات العمل العربي المشترك خلال السنوات المقبلة".

وأضاف أن "الإعلام العراقي جيد جداً، وكما هو الحال في بغداد والعراق في تحسن كبير، وهذا ما لاحظناه في الأيام الماضية من وسائل الإعلام العراقية والسعي إلى تحسين صورة العراق".

وشهدت جلسات المؤتمر حضور شخصيات بارزة من مفكرين وإعلاميين وصناع قرار عرب، اتفقت في مداخلاتها على أن الإعلام لم يعد مجرّد أداة لنقل الأخبار، بل بات عاملاً فاعلاً في تشكيل الرأي العام والتأثير في السياسات العامة، لا سيما في قضايا البيئة والاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة.