لا شك أن انتخابات بوليفيا كانت صانعة تاريخ، مثل انتخابات العراق التي نحن شديدو الاعتزاز بها. سيكون الفائز بالرئاسة البوليفية إيو موراليس، أول هندي يتولى إدارة شؤون البلاد، منذ فتحها الأسبان قبل خمسة قرون. ثم إن انتخابه يُنهي حقبة من الرؤساء الضعفاء، والاضطرابات الشعبية بعد عقدين على عودة الديموقراطية الى البلاد. لكن البوليفيين ورئيسهم لا ينتظرون تهنئة من بوش وإدارته. فخلال الحملة الانتخابية قدّم موراليس نفسه باعتباره quot;الكابوسquot; الذي سيحلّ بالولايات المتحدة. إذ هو يعارض تقريباً كل سياسات الإدارة في أميركا اللاتينية، من مكافحة الكوكا الى خصخصة الموارد الطبيعية وحرية التجارة.
أما أصدقاؤه المفضّلون في شبه القارة؛ فهم هوغو شافيز رئيس فنزويلا، وفيديل كاسترو رئيس كوبا. وهذا النمو المستمرّ للأحاسيس المعادية للولايات المتحدة، ليس ظاهرة تنفرد بها بوليفيا أو أكثرية فنزويلا؛ بل هو اتجاه عام في كل أميركا اللاتينية.
إن الميزان السياسي يتأرجح نحو اليسار في كل أميركا اللاتينية. فنحو 300 مليون من 365 مليون إنسان في شبه القارة، يعيشون تحت سيطرة حكام يساريين. وفي حين حاول اليساريون في تشيلي والبرازيل أن يتعاونوا مع الولايات المتحدة؛ فإن فنزويلا أبت ذلك إباء مطلقاً. ويعطي موراليس إشارات تفيد أنه سيتبع طريق شافيز. وقد تظهر في الانتخابات المقبلة حكومات أخرى يسارية بطول القارة وعرضها. والواقع أنه ما من بلاد اتبعت البرناج الاقتصادي الذي وضعته لها واشنطن في الثمانينات والتسعينات، كما اتبعته بوليفيا. لكن على الرغم من غنى البلاد بالمعادن ومصادر الطاقة؛ فقد ظلت أفقر بلدان أميركا اللاتينية، و60% من السكان يعيشون تحت خط الفقر. ولا شك أن الفقراء والمهمّشين هم الذين صوّتوا لموراليس بأعداد كبيرة.
وعندما تبدأ الصرخات ضد اليانكي بالمجيء من القصور والإدارات الرسمية، بعد أن أتت من الشوارع؛ فمعنى ذلك أن على واشنطن أن تغيّر سياستها، لأن صداقة الجيران أمر ضروري.