حليمة مظفر

صحيح أن الثقافة العربية من الشتات الذي تعيشه تكاد تحتضر، بعد أن باتت كـثقافة quot;الكورةquot; تركلها الأقدام؛ ولسان حالها يقول quot;كدة كدة يا تريلاquot; ولكن أن يصل بها الحال إلى أن تحمل quot;جنازتهاquot; بنفسها لينثر عليها التراب؛ فذلك ما لم يكن في quot;البال ولا في الحسبانquot;، ويبدو أن المثل الشعبيquot;اللي اختشوا ماتوا quot; صار يصدق أيضا على بعض المثقفين العرب؛ لماذا؟! لأنه ببساطة؛ تناولت إحدى الصحف الجزائرية وهي صحيفة quot;الفجرquot; خلال الأسبوع الماضي خبر كشف الزميل الناقد والصحافي المصري عبدالله السمطي عن سرقة أدبية كبيرة في مقال له فصل معلومات عنها؛ وكان بطلها ناقد جزائري وأستاذ التعليم العالي الجامعي حفناوي بعلي؛ الذي سرق من كتاب الناقد السعودي الدكتور عبد الله الغذامي، المعنون بـquot;النقد الثقافيquot; فقرات مطولة وضمها لكتابه quot;مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارنquot; دون أن ينسبها إلى صاحبها الغذامي.
وكم فُجعت حين اطلعت على المعلومات التي كشفها الزميل السمطي والموثق بصور من صفحات الكتابين لكشف الفقرات المطولة التي سرقها حفناوي دون تغيير صياغة أكثرها!! وهي في ثلاثين موضعا من كتابه؛ خمس منها فقط أشار فيها لكتاب الغذامي، والمواضع الأخرى تجاهل فيها ذكره ونسبها لجهده الشخصي. والمأساة الحقيقية؛ أن هذه السرقة الأدبية التي تمت على غفلة من الغذامي؛ حصلت على جائزة كبرى وأيضا على غفلة من الغذامي الذي كان أحد مستشاريها؛ حيث فاز الدكتور حفناوي بجائزة الشيخ زايد للكتاب لعام 2010م؛ ولا أعلم كيف مرّ ذلك على الدكتور الغذامي صاحب الجهد الحقيقي في كتابه الذي أصدره عام 2000م، والذي يفترض أنه اطلع على الكتاب المُرشح للجائزة وتقييمه ؟!! وحصول هذا الأمر يجعلنا نتساءل كمثقفين عرب: ما هي المعايير التي على أسسها يتم تقييم تجارب الفائزين في هذه الجوائز العربية!؟ هل هي معايير حقيقية تقوم على تقييم الجهد المبذول أم معايير تعتمد المجاملات والشهرة الثقافية أم معايير شكلانية فقط؟!
ما زادني دهشة فعلا هو اعتبار الدكتور حفناوي في صحيفة quot;الفجرquot; السمطي الذي كشف سرقته للغذامي؛ بأنه متحامل وحاقد على كل ما هو جزائري؛ بينما يخبرني الزميل بأنه لا يعرف أحدا في الجزائر سوى اسم quot;بو تفليقةquot; وأن الكتاب وقع في يده صدفة؛ ويزيد حفناوي الأمر دهشة بقوله إن هذه الاقتباسات quot;قد اطلع عليها الناقد والدكتور عبدالله الغذامي، الذي التقاه على هامش توزيع جائزة الشيخ زايد للكتاب، في دورتها الرابعة بدبي مطلع السنة الجارية، وأشاد بالإضافات القيمة التي أضافها على بحثه بالإضافة إلى الإشادة التي نالها الكتاب من قبل أعضاء اللجنةquot;!!ماذا أقول بعد هذا التصريح لحفناوي؛ سوى أن الأمر يحتاج إلى توضيح فعلا من قبل الدكتور الغذامي: فهل فعلا أشاد بسارق كتابه كما يزعم هذا ؟! ثم ما موقف مؤسسة الجائزة من هذه السرقة؟! إذ ينبغي فعلا سحب الجائزة منه إن صدقت هذه السرقة؛ فذلك أدعى إلى تنقية الثقافة العربية من متسولي الثقافة والمتسلقين والمتطفلين على مجهود وفكر غيرهم.