عبدالعزيز حسين الصويغ

لا تتعلق التهمة التي اعتقل بموجبها جوليان أسانج، مؤسس موقع ويكيليكس، حتى الان، بكشف وثائق سرية تدين الولايات المتحدة وأصحاب القرار السياسي فيها وفي غيرها من الدول، ولكن بـجريمة laquo;اغتصابraquo; يُزعم أنه ارتكبها في شهر أغسطس عام 2010. هذه التهمة تكشف عن علاقة خاصة بينه وبين طرف آخر سيلقى عليها العقاب المناسب إذا ما تم إدانته من المحكمة المختصة. لذا فإن سؤالنا هنا: ماذا عن الاتهامات التي كشفتها الوثائق التي نشرها موقع laquo;ويكيليكسraquo; والتي تدين الحكومة الأمريكية laquo;بالاغتصابraquo; الجماعي لحقوق كثير من دول العالم وشعوبه،والاستهانة بكل القيم والمبادئ الإنسانية؟!
لقد وصفت المرشحة لمنصب نائب الرئيس عن الحزب الجمهوري الأمريكي خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، سارة بيلين، جوليان أسانج بأنه laquo;عميل معادٍ للولايات المتحدة ويداه ملطختان بالدماءraquo;. ونحن نسأل هذه المرشحة التي تُمثل نموذجا للسذاجة الأمريكية، وتعكس عقلية فئة من الساسة الأمريكان الذين يفتقدون الثقافة السياسية ولا يفقهون شيئاعن العالم الذي يحيط بهم، نسألها عن أي دماء تتحدثين وقد غاصت أقدام الجنود الأمريكيين في دماء ملايين الأبرياء الذين كشفت بعض هذه الوثائق laquo;إن كل ما كان يحدث من جرائم سواء في العراق ولبنان أو أفغانستان والسودان وفلسطين، لم يكن نتيجة حوادث فردية أو بسبب نيران صديقة، بل سياسات إستراتيجية اتخذت على أعلى المستوياتraquo;؟!
لقد أكد مارك ستيفينز، محامي أسانج، في دفاعه عن موكله : laquo;لقد حان الوقت لكي نصل إلى نهاية المطاف، وللحصول على بعض الحقيقة والعدالة وسيادة القانونraquo;. وهو نفس ما تتوخاه الدول والشعوب التي دنس الجنود الأمريكيون أراضيها تحت إدعاءات تحقيق الحرية والديموقراطية ورفع الظلم عن الشعوب،
وانتهت إلى ما أسماه كاتبنا الكبير الدكتور عبدالمحسن هلال بـ ldquo;السقوط الأخلاقي للغرب وعلى رأسه أمريكاrdquo;، فقد عمدت واشنطن إلى استغلال الدول وارتكاب جرائم ضد شعوبها laquo;بعضها كان يتم لتسلية الجنود الضجرين البعيدين عن وطنهم وأهلهم وأصدقائهم وملاهيهم. بل إن كل ما كان يحدث من جرائم سواء في العراق ولبنان أو أفغانستان والسودان وفلسطين، لم يكن نتيجة حوادث فردية أو بسبب نيران صديقة، بل سياسات استراتيجية اتخذت على أعلى المستوياتraquo;، وهي جرائم laquo;يصل بعضهاraquo;، كما يقول الدكتور عبدالمحسن، laquo;إلى درجة جرائم ضد الإنسانية، ويكشف عن مرتكبيها ثم لا يحاسبونraquo;.
وهكذا .. وقبل أن تسعى الولايات المتحدة للقبض على جوليان أسانج، صاحب التسريبات الأساسية لأنه أتاح المعلومات للغير كاشفاً وجه أمريكا القبيح، وقبل أن تجرمه وتعلق له المشانق، عليها أن تراجع سياستها التي لا تضع قيمة للإنسان laquo;غير الأمريكيraquo; .. وصدق المثل العربي الذي يقول: laquo;إذا كان بيتك من زجاج .. فلا ترم الناس بالحجارةraquo;؟!