سيريل تاونسند
على غرار والده، يحظى الملك عبدالله الثاني بمحبة وإعجاب في المملكة المتحدة. فهو يملك منزلاً غير بعيد من مدينة لندن كما أنه زائر دائم لهذا البلد. وفي بداية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أجرى اتصالاً بالملكة اليزابيث وبرئيس الوزراء ديفيد كاميرون وبوزير الخارجية وليم هيغ. وهو يتمتع بتأثير كبير في دوائر الحكومة البريطانية.
وخلال مقابلة مع صحيفة laquo;التايمزraquo; البريطانية (في 25 تشرين الثاني) دعا الملك عبدالله الثاني الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي. وأصبح بذلك أول زعيم عربي يدعو إلى ذلك. فقال laquo;تمكنت بفضل تعاملي مع بشار من معرفته جيداً. وأنا أعلم أنّ الإصلاح يجري في عروقه. لقد جلست معه واستمعت إلى رؤيته حيال سورية. وأظن أنه يدرك الوضع. ولكن هل يسمح النظام السوري لشخص يريد إجراء إصلاح ان يقوم بذلك؟ لا أظن أن النظام يسمحraquo;.
لا شكّ في أنّ الملك عبدالله يدرك جيداً النزاع القائم في سورية بين العلويين الذين يسيطرون على المراكز العليا في الدولة والأكثرية السنية، والآراء المختلفة للمسيحيين والأكراد والدروز. فقد أضاف في تلك المقابلة laquo;لا نريد أن يتصدّع المجتمع السوري لا سيّما أنّ البلدان المجاورة له فيها ايضاً مجموعات إثنيةraquo;. وحذّر من laquo;أن العراق يملك ثلاث مجموعات مختلفة ... وتعدّ سورية أحجية أكثر تعقيداً وهذا ما يقلق الجميع. فنحن لا نرغب ان نرى حمام دمraquo;.
وأقر الملك عبدالله بصعوبة العمل مع الحكومة اليمينية في إسرائيل وعن الربيع العربي قال laquo;تنتقل بعض البلدان من الربيع العربي إلى الشتاء العربي ومن ثمّ إلى الربيع العربي ... إنها لحظة مصيرية بالنسبة إلى الشرق الأوسطraquo;.
وفي الأردن، تمّ تشكيل حكومة جديدة ومن المتوقع اجراء الانتخابات عام 2012. ويقيم الملك لقاءات عامة مع المواطنين حول مسائل متعددة مثل الصحة والتربية. واعتبر أنّ laquo;الإخوان المسلمين وحزب البعث هما من الماضي. عندما يكون 70 في المئة من الشعب دون سن الـ 30 فهم يبحثون عن شيء جديد. لذلك أنا اشجعهم وأحضهم على تشكيل أحزاب سياسية قائمة على برنامج سياسي محدّد أو خطط اقتصاديةraquo;.
وصل الملك عبدالله الثاني والرئيس الأسد إلى السلطة في الوقت نفسه وانتظر العديد من الأشخاص الكثير منهما. كان الرئيس الأسد يملك روابط وثيقة مع المملكة المتحدة إذ تدرّب كطبيب عيون في لندن كما ان زوجته مولودة في لندن.
وعقب الأحداث التي وقعت في سورية خلال الأشهر الأخيرة، يجب القول إن الحرب الأهلية اندلعت في هذا البلد. ولا أرى كيف يمكن لنظام الرئيس الأسد أن يصمد لكنني أتوقع أن يأخذ انهياره وقتاً طويلاً. لقد فات اوان النقاش في الإصلاحات الممكنة فيما تزداد وتيرة العنف. ويجب أن نأمل في أن ترفض وحدات كاملة من الجيش السوري اوامر الحكومة وأن تنضم إلى المنشقين الذين يشنّون اليوم هجمات على مراكز الحكومة وينصبون الكمائن للدوريات التابعة لها. ومن شأن هذا التحول السريع في ميزان القوى ان ينقذ حياة العديد من الأشخاص، بعد هذا النزاع الذي بدأ منذ ثمانية أشهر مع إطلاق النار على تظاهرات سلمية.
ويجب تهنئة جامعة الدول العربية على الموقف الحازم الذي اتخذته في بداية الشهر الماضي ضد سورية. فقد دعا المؤيدون للمعارضة في سورية إلى تجميد عضويتها في الجامعة وصوّت 18 بلداً مع هذا القرار مقابل رفض اثنين. لقد غير الربيع العربي سلوك الجامعة بشكل جذري.
لقد ساهم دعم الجامعة للمجلس الانتقالي في ليبيا في تمهيد الطريق أمام النقاش الناجح في مجلس الأمن في الأمم المتحدة والسماح لحلف الأطلسي بالتدخّل لحماية المدنيين. وسيؤدي قرار الجامعة حول سورية دوراً أساسياً في عزلة هذا البلد وسيشجع على فرض عقوبات أكثر قسوة عليه.
وفيما ترتفع حدّة القتال الداخلي وتزداد الضغوط الخارجية، من الواضح أنّ الرئيس الأسد في خطر مواجهة النهاية نفسها التي لحقت بالعقيد معمر القذافي.
* سياسي بريطاني ونائب سابق
- آخر تحديث :
التعليقات