مريم الشروقي

لماذا هذا التعتيم الإعلامي من قبل حكومة جمهورية مصر العربية على ما يحدث في أرض الواقع؟ ولماذا تمّ قطع قناة الجزيرة من البث المباشر؟ وهل هذه الانتفاضة تُعبّر عن الشعب المصري بأكمله أم هي حركات شباب laquo;طالع فيهاraquo;؟!

إنّ الدعوة التي بدأت من قبل فتاة تستخدم الفيسبوك، للوصول إلى وسط القاهرة بمعيّة شباب مصر، للوقوف ضد القمع والفقر والبطالة، والمطالبة بتحسين المعيشة وزيادة الحرية الديمقراطية في 25 يناير/ كانون الثاني 2011، تحوّلت إلى جمعة غضب، ومطالبة شعبية برحيل رئيس الجمهورية حسني مبارك، وتخلّلت هذه الأيام أعمال شغب وتسريح مسجونين من السجون لينشروا الفوضى، ظنّاً من البعض بأنّ هذه الطريقة ستُفشل ما يطمح إليه شباب مصر بجميع طوائفه وجمعياته السياسية وطبقاته في الحصول على مرادهم، إلاّ أنّ السحر انقلب على الساحر، وازداد عدد المؤيّدين لإطاحة حكم مبارك.

وبين كرٍّ وفرّ، ما زالت الحشود تتجمّع في ميدان التحرير، ويشاهدها الشعب العربي قبل الغربي، في مفاجأة لم تكن بالحسبان، وهي نهوض شعب مصر بعد 30 سنة من القمع والبطش، وتتسارع الأحداث في مظاهرة مليونية أمس الثلثاء (1 فبراير/ شباط 2011)، يلتف الشعب حول مطالبة أولى وهي رحيل حسني مبارك، ومن ثمّ التوجه إلى مرحلة انتقالية.

على رغم التعتيم الإعلامي الشديد والواضح قامت مجموعة من القنوات ببث قناة الجزيرة حتى لا تتوقّف عن نشر حقائق يجدها البعض مهمّة جداً من أجل عدم التوقّف عن هذه الانتفاضة، ويجدها البعض الآخر أسلوباً من أساليب التحريض في الإعلام العربي الحديث.

لقد تحسّن مستوى الإعلام العربي بحيث أصبحنا نشاهد الحدث ونشاهد الحقيقة كما هي، وليسمح لنا من يعترض على هذا الكلام، إلا أنّ واقع الشعب المصري كان يتكلّم عن نفسه لسنين عديدة.

2000000 طفل مشرّد، و40000000 شخص يقعون تحت خط الفقر، ويقدّر دخل الفرد اليومي بما لا يزيد عن الدولارين، ناهيك عن السرقات والنهب في أرض الكنانة من قبل بعض المتنفّذين، إذ إنّ هناك طبقة قليلة هي من تعيش في رخاء ورفاهية، والباقون يعانون ويتألّمون من أجل لقمة العيش.

هذه هي نهاية الظلم في الوطن العربي، وهذا ما سيحصل إن لم تغيّر بعض الأوطان مرئياتها في تحسين وضع معيشة شعبها، وهذا هو التاريخ يُعيد نفسه، فنحن على يقين بأنّ الظلم ظلمات يوم القيامة، وأنّ لابد للظلم من الجلاء في يوم من الأيام.

على صعيد آخر تجد دول الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية قلقة من وضع مصر، وكذلك إسرائيل التي تجد في حسني مبارك حاكماً مناسباً لمصر وخاصة في تحريك عملية السلام، وعليه يرى الخبراء السياسيون بأن الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل تدعمان حسني مبارك من أجل المصالح المشتركة بينهم. وقد شاهدنا تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على شاشات التلفاز حيال قلقها حول الوضع في مصر، وتأثيره على عملية السلام.

في حين أنّ إسرائيل تخشى من توقّف إمدادات الغاز الطبيعي من مصر بعد الاضطرابات التي حصلت فيها، وكذلك خشيتها من دخول الجيش في منطقة سيناء بعد الاتفاقية المبرمة على عدم دخوله هذه المنطقة الحسّاسة بين إسرائيل ومصر.

وأخيراً قدّرت الأمم المتحدة عدد القتلى بـ 300 شخص، وتخشى سقوط آخرين، ونعتقد بأنّ سقوط هؤلاء يزيد من المشاركة في ميدان التحرير وغيره من المناطق، للضغط على نظام الحزب الوطني الحاكم وعلى رئيس الجمهورية بالتنحّي عن الحكم والرحيل من أرض مصر.

أهل مصر وقناة الجزيرة دخلا التاريخ من أوسع أبوابه، وكان السبب الحقيقي في دخولهما هو توقّف laquo;الخوفraquo; من الأنظمة الخائفة، أما السبب الثاني فهو ظهور laquo;عصر المعلومةraquo; الذي لا يستطيع أحد إيقافه مهما حاول في ظل التكنولوجيا الحديثة.