سوسن الشاعر
اجتماع (أهل البحرين) اليوم على طاولة الحوار هو أثمن فرصة ربما لن تتكرر في القريب العاجل، فصناديق الاقتراع في السابق لم تنجح في إيصال العديد من الأطياف إلى السلطة التشريعية، لكنها ستجد فرصة من خلال جلسات الحوار لوضع بصمتها على القرار التشريعي، أو ربما في القرارات التنفيذية، وجود هذا التنوع وجهاً لوجه، وربما للمرة الأولى، فرصة قد لا تتكرر كثيراً. لذلك فإن العديد من التشريعات والتعديلات الدستورية المطلوبة لتكريس الدولة المدنية التي نسعى لها جميعاً لن تجد لها أفضل من هذه الفرصة لطرحها والحصول على توافق حولها من الغالبية العظمى؛ بل قد تكون امتحاناً لكل الادعاءات حول ''المدنية''، وامتحاناً لمصداقية التيار الديمقراطي الذي يدعي اليوم أنه استوعب الدرس وأنه لا يتبع ولاية الفقيه و.. و..، فإذاً هذا الميدان يا حميدان. لابد أن تتواكب التشريعات والإجراءات مع استحقاقات الدولة المدنية التي تبدأ بتقليص السلطة الثيوقراطية؛ أي سلطة رجل الدين لا تقليص الدين، والتأكيد على مبدأ سيادة القانون وإلزام الدولة بتطبيقه. وقانون الأحكام الأسرية واحد من امتحانات الصدقية أمام المتحاورين الذي أعلن الاتحاد النسائي أنه ينوي طرحه للوصول إلى توافق حوله في طاولة الحوار. كما أتمنى أن تتقدم مؤسسات المجتمع المدني بالاتفاق على قانون ''يحظر'' حظراً باتاً وجازماً ازدواجية جمع المنبرين (الديني والسياسي)، يصاحبه تعديل قانون الجمعيات السياسية بحيث توضع ضوابط صارمة وحازمة على العمل السياسي تحمي المجتمع من سيطرة رجال الدين وهيمنتهم على قراراتهم ومصيرهم. بذلك نضع أولى خطواتنا الواقعية والحقيقية في طريق الدولة المدنية، ومعالجة جذرية لأهم عائق يقف أمام الوحدة الوطنية والتعايش الطائفي. كما أتمنى أن تتقدم السلطة التنفيذية بقانون يمنع خروج المال الديني من الدولة، وأن يفرض أطراً قانونية للشفافية تترك مجال استثمار وصرف الأموال في الداخل للمسؤولين عنه، لكنها تجبرهم على إبراء ذمتهم المالية وكشف أوجه الصرف للرأي العام. هذه دعائم أساسية للدولة المدنية، أنبه الجميع بأن تلك فرصة تاريخية تحتاج لمسؤولية تاريخية وتحتاج لشجاعة رجال وشجاعة نساء يضعون مصلحة البحرين أولاً وأخيراً أمام أعينهم، لذلك فعيننا تراقب الموقف وتمتحن الأقوال، وهذه مقترحات بقوانين نتمنى أن تتبناها الجمعيات التي تدعي الديمقراطية وتنكر تبعيتها للولي الفقيه. ثانياً هناك العديد من الإصلاحات لتوسيع وتفعيل الأدوات الرقابية للسلطة المنتخبة ممكنة من خلال تعديل اللائحة الداخلية للمجلس النيابي، وما قد يحتاج إلى تعديل دستوري لابد من النظر له من كل الزوايا، بحيث لا يقتصر على النص بل على ما سينجم عنه من تبعات تقاس من أرض الواقع لا من النص فحسب، فنحن مع تطوير التجربة وزيادة رقعة تلك الصلاحيات، إنما وفقاً للشروط التي ذكرناها في اليومين السابقين. كما إن هذه فرصة لمراجعة العديد من القوانين التي تم استغلال الثغرات القانونية فيها، وضعف العقوبات الرادعة فيها، والتي سمحت باختلاط الديني بالسياسي، والحقوقي بالسياسي، والنقابي بالسياسي، وتلك أنشطة لابد من وضوح الخطوط الفاصلة بينها، كي يصان الدين، وتصان حقوق أصحاب المهن، وتصان حقوق الناس، وتمنع سوء الاستغلال والتوظيف السيئ. ما سبق تعديلات على قوانين مطلوبة لمنع تكرار ما حدث وعودة للأمور إلى نصابها، وإصلاح سياسي يقف على دعائم واضحة المعالم توفر احتياجات تلك القطاعات وتحمي الآخرين من تغول المشتغلين فيها وتسلطهم على المجتمع. نأتي لما ينتظره الناس جميعاً ولا يختلف عليه أحد وكان الحجة والذريعة التي تسلق عليها أصحاب المطالب السياسية؛ وهي أحوال الناس المعيشية. لذلك أتمنى من اتحاد العمال ومن النقابات المهنية وبقية المتحاورين، طرح فكرة قانون لتأسيس صندوق لدعم رواتب القطاع الخاص التي هي أقل من 300 دينار، وذلك نظام تعمل به دولة كالاتحاد السويسري وهي ليست دولة شيوعية أو اشتراكية، وبإمكان ''تمكين'' المساهمة بجزء منه والبقية من الدولة، وهذا حل سيساهم في تخفيف الاحتقان السياسي وتحريك عجلة الاقتصاد. أتمنى أيضاً من غرفة تجارة وصناعة البحرين أن تتقدم بمرئياتها لتنشيط سوق العقار بالتزامن مع حل المسألة الإسكانية، بحيث تجمع بين الحلين؛ من جهة تخفف العبء عن الدولة وتقلص قائمة الانتظار وتدمج ما بين المشاريع العقارية المجمدة الخاصة وبين المشاريع الإسكانية، وتقدم المرئيات التي توائم بين الاثنين من حيث الكلفة أو حتى من حيث إجراء أية تعديلات إنشائية مطلوبة على الوحدات العقارية. وأن تتقدم بمرئياتها التي تسرع بتحريك عجلة البناء العقاري لتساعد بحل المشكلة الإسكانية الأزلية. نتمنى أن تتقدم الغرفة بمرئياتها لتفعيل آلية المحاسبة وآلية الرقابة على المؤسسات والشركات الخاصة والبنوك، بحيث تتطهر هذه البيئة من أكوام الفساد، ونعيد سمعة البحرين التي خسرناها، ونشجع على قدوم مزيد من الاستثمار، ونفتح فرص العمل لأبناء البحرين. كل تلك المرئيات هي خطوات إصلاحية منطلقة من الواقع البحريني، منطلقة من معاناة الناس وآلامهم التي من أجلها ذهبوا للدوار منتظرين أن يأتي دورهم وتلتفت لهم القوى السياسية وتتذكر حقوقهم قبل أن تبدأ بحقوق من سيعمل بالسياسة. أخيراً، وهذا حق لا يمكن التنازل عنه، وهو سيادة القانون وتطبيقه واحترامه وإعادة هيبته التي انتهكت، وإيصال رسالة واضحة أن الشعب لن يتهاون مع أمنه وسلامته ولن يقبل بتجاوز القانون أو العفو عمّن ثبتت إدانته، نريد أن نعيش بأمان، ولا أمن بلا قانون. تلك مطالب لم تنطلق من فرضيات أو أوراق، أو تقفز في الهواء، ولم تفكر بحقوق النخبة السياسية، بل هي مطالب مستمدة في حلولها من أزمات تبحث لها عن حلول آنية، لا يهم أن يحققها لهم الأشباح أو الجن، أو تحققها هذه الجمعية أو تلك، وليس بالضرورة أن تقدمها لهم الوفاق، المهم أن تطبق وتنفذ ويخرج الحوار بآلية متابعة فورية تعيد الجميع لطاولة الحوار إن تأخر تنفيذ تلك المرئيات عن سنة على أقصى حد. ؟ ملاحظة.. ردنا على مؤتمر الوفاق الصحافي؛ كل ما قيل كان ''كلام مأخوذ خيره''، أهم ما في المؤتمر عبارة واحدة ''بعدنا ما قررنا بنجي الحوار لو ما بنجي''، فإلى أن تقرروا وإلى أن تتشاوروا مع (المجتمع الدولي) وتستأذنوا من (العالم) المصدوم، فإلى أن تنتهوا من هؤلاء كلهم وتقرروا، لن نكلف أنفسنا بالرد
التعليقات