اكثر من سبب موضوعي يهدد الامن القومي البحريني، فيما تصورنا إن الامن القومي لا يعني أمن الحاكم، او امن الحزب، أو أمن هذه الطائفة أو تلك، بل هو امن الأمة بكل ما تعنيه من بشر و من قيم وخيرات وتاريخ، أول هذه الاسباب هو التناقض الطبقي، او التفاوت الطبقي، بين الحاكم والمحكومين، وبين محكوم وآخر لدواعي دينية أو مذهبية او قومية، وثانيا، حرمان الكثير من ابناء الوطن من حق المشاركة في صناعة القرار السياسي، وحصر ذلك بثلة من ابناء الوطن، مهما كانت هوية هذه الثلة وموقعها الاجتماعي والثقافي، حيث يشكل ذلك خرقا لابسط مباديء الديمقراطية التي تحولت إلى مطلب عالمي، وثالث هذه الاسباب الموضوعية وجود المتطرفين، من سنة أو شيعة، وانتشار ثقافة التطرف المستندة أساسا على نفي الاخر، ورابع هذه الاسباب التدخل الخارجي في شؤون البلد، خاصة عندما يجد التدخل هذا اجندته في الداخل، ويندر ان لا تستند القوى المتطرفة في بلدان العالم الاسلامي إلى داعم ومساند ومتبن من الخارج، بشكل من الاشكال أو صورة من الصور، وخامس هذه الاسباب عدم التجاوب مع التغيرات التي تجتاح المنطقة، وفي مقدمتها إمضاء حقوق الانسان نظريا وعمليا، وسادس هذه الاسباب فقدان التنسيق والتفاهم بين الحكومة والمعارضة، وسابعها اعتماد القوة والعناد في التعامل بين الحكومة والمعارضة، وعدم الاحتكام إلى العقل والحوار، وثامنها عدم وتفهم المعارضة لكثير من الحقائق على الارض واللجوء لمنطق المطالب التعجيزية ومنها أيصا استناد الحكومة الى سياسة التسويف والتأجيل في التعامل مع مطالب المعارضة خاصة إذا كانت هذه المطالب تتصل بواقع طائفة أو قومية لها وزنها السكاني والتاريخي في البلد، ومنها الاساءة الى اديان معينة أو مذاهب مسماة في المناهج التربوية، والاعلام الرسمي.
ومنها أيضا حرمان بعض المواطنين من التواجد الفعلي في دوائر الدولة الحساسة لاسباب لا تخص قضية الاخلاص للوطن وليس لها علاقة بالسلوك العام للمواطن.
هذه وغيرها من المقتربات تهدد الامن القومي البحريني، وفيما كان أمن هذا البلد الجميل يكون عرضة للخطر، فلم ينج من هذا الخطر أرض ولا قيم ولا حكومة ولا شعب، لان البحرين بلد صغير، قليل الموارد، ضعيف القوة العسكرية، نسبته العددية أقل من المليون، وبالتالي، فإن الامن القومي البحريني، مسؤولية الحكومة والشعب، وبكلمة أكثر صراحة الحكومة متمثلة بالملك والمعارضة، الأمر الذي يضع الطرفين أمام مسؤولية تاريخية مصيرية، ويبدو ان كلا الطرفين أدرك هذه الحقيقة، ومن علامات ذلك دعوة الملك للحوار غير المشروط واستجابة المعارضة غير المشروطة ولكن السؤال هو ترى مالذي سيحدث لو ان تفاهما مشتركا لم يحصل بين الطرفين، لا شك إن في مثل هذه الحالة سوف لا تدخل قوات مجاورة فقط إلى البحرين، بل اكثر من طرف واكثر من دول وأكثر من حلف، ربما حتى الصين، والحجة قائمة على الحكومة والمعارضة، الا وهي حماية وصول النفط الى الدول الصناعية، فالخليج ضرورة أمنية ليس لاهله فحسب، بل حتى للصين، نعم، حتى للصين.\
خمى الله البحرين واهلها جميعا من كل مكروه.، ...
التعليقات