1:
أكثر من معلم يؤكد بشكل راسخ الوعي المتقدم الذي تتحلى به المعارضة في البحرين، في مقدمة هذه المعالم التوكيد على (بحرانية) البحرين، واولويتها، البحرين أولا، هذا الشعار الذي يترجم بشكل دقيق الاصالة الوطنية في خطاب وتصور وفلسفة المعارضة الحية، ويلغي كل لون من ألوان التبعية السياسية، ولم يكن الشعار نابعا من فراغ، بل ينتمي الى ثقافة سياسية عريقة عرفت بها المعارضة في البحرين، خاصة وأن شعبها يتميز بحمولة ثقافية عريقة، سواء كانت تنتمي إلى اليسار أو الإسلام، فهي وطنية الجوهر والمحتوى والإطار، وكون البحرين درة الخليج ليس انطلاقا من مواصفات وتقديرات جغرافية وحسب، بل انطلاقا من واقع ثقافي مشع بالقوة والحضور.

2:
لم تكن المعارضة بعيدة عن فهم الواقع بدقة، الملكية تقليد بحريني أصيل، إذا لم يكن اصيلا فهو واقع راسخ، ولكن تقنين النظام الملكي باطار دستوري(الملكية الدستورية) يعتبر قفزة في التفكير السياسي، ويحمي (الملكية) ذاتها من تداعيات ربما ليست في صا لح الملكية، لا من حيث المبدا ولا من حيث المصير، الملكية الدستورية طرح ناضج لا يستهين بالتراث، ويحترم المعاصرة، أو بعض اوجه المعاصرة على صعيدها السياسي.

3:
ابتعدت المعارضة عن كل لون اديولوجي، سواء كان هذا اللون ينتمي الى هذه المدرسة أو تلك من الاديولجيات التي تعرفها البحرين، لقد كانت المطالب دستورية، يومية، شان معاشي، حقوق، حريات، وهي مطالب تحولت إلى خبز يومي بالنسبة للشعوب العربية بل الاسلامية، ولعل لهذا السبب كانت المعارضة شعبية، شيعية / سنية، ا سلامية /ما ركسية، نخبوية / شعبية، إنها المعارضة الحية، معارضة شعب وليس طائفة، معارضة أمة وليس نخبة.

4: معارضة سلمية، بل كانت معارضة تحرص على السلم رغم الاعتداء الغاشم الذي تعرضت له على يد القوات المسلحة الحكومية، كان الاصرار على الطابع السلمي واضحا حتى بالموقف من الاعتداء المسلح على المتظاهرين، الامر الذي احرج السلطة، بل ضغط عليها أدبيا ان تعتذر للقتلى وذويهم، وكان الاولى أن يكون الاعتذار للشعب.
إن المعارضة السلمية تحرج الحكومة، وتضعها أمام موقف صعب، فيما ترسخ حق المعارضة على الاستمرار بمطالبها،كما أنها تكسب المعارضة تعاطف العالم، كل العالم.

5:
لم يكن التحرك الشعبي ضد الحرمان الوظيفي والمعاشي وحسب، بل كان هناك مطلب أعمق وادق، أنه رد على التجنيس السياسي، الذي با ت واضحا أنه مقصود، ومخطط له بدقة ولمستقبل بعيد، والمستهدف الرئيسي بهذا التخطيط هو الاكثرية، لست في معرض دفاع عن طائفة بعينها، ولكن كانت وما زالت السياسة الطائفية أو سياسة التمييز الطائفي كارثة على العالم العربي والاسلامي، سواء كان هذا التمييز ضد الشيعة أو السنة، في العراق او ايران او السعودية او البحرين، فكيف إذا كانت السياسة هي تغيير بنيوي في هيكل المجتمع وقاعدته العريضة؟
اعتقد أن حكومة البحرين تتمتع بوعي سياسي عميق، وتفهم أعمق للواقع الجديد الذي يمر به العالمين العربي والاسلامي، ولذلك سوف تتخذ الخطوات الواعية لحل مثل هذه المشكلة وغيرها،