هناك رغبة واضحة بعقد تحالف بين السيد مقتدى الصدر ورئيس الوزراء العراقي الاسبق الدكتور إيّاد علاوي، أو بين بكلمة أكثر موضوعية بين تيار الصدري والقائمة العراقية، وذلك رغم الاختلاف بالنهج الفكري بين الطرفين، فالتيار الصدري إسلامي يسعى إلى أسلمة المجتمع على اقل تقدير، فيما القائمة العراقية (علمانية)، تدعو بصراحة الى الفصل بين الدين والدولة، وإنْ تطرح بين فترة وأخرى عن إمكانية الاستفادة من القيم الروحية للدين في بناء الدولة والمجمتع، وربما تزداد غرابة بعض المحللين من هذه الرغبة الملحة أو الجنوح نحو التحالف بين الكيانين عندما يذكّرون بما حصل بين الصدريين والسيد علاوي من مواجهة عنيفة، في النجف الاشرف عندما كانت مسؤولية العراق بعهدة السيد علا وي، ولكن السياسة لا تعرف عدواة دائمة ولا صداقة دائمة، بل مصلحة دائمة، وبالتالي ليس من غرابة في الموضوع، ومن هنا يحق لنا أن نتساءل عن المصلحة التي تعود على كلا الطرفين في هذا التحالف!
هناك أكثر من مقترب يدفع كلا القائمتين الى مثل هذا التحالف، بل ربما التحالف نتيجة طبيعية بلحاظ هذه المقتربا ت، ولكن ما هي ؟
أولا : إن هذا التحالف قد يكون من شانه انفتاح العالم العربي على التيار الصدري، نظرا للموقف السلبي من بعض هذه الانظمة من التيار، لا نه شيعي، ولانه متهم بعلاقات سريّة ومصيرية مع إيران، وفي المقابل، فإن هذا التحالف (قد) يساهم في اتخاذ موقف جديد من ايران تجاه القائمة العراقية، باعتبار العلاقة القوية بين طهران والتيار الصدري كما هو مشاع، أي هي رغبة مشتركة في فك الحصار الخارجي، كل فريق يحاول بواسطة هذا التحالف فك الحصار الاقليمي المضروب عليه.
ثانيا : إن هذا التحالف قد يمكِّن التيار الصدري من الالتحام بدرجة اوسع واعمق مع كل أطياف ومكونات الشعب العراقي، فهناك موقف عام من السنة تجاه التيار الصدري يتسم بالسلبية، من جهة إنه يشكل الجناح العنيف أو المتشدد أو المتطرف ــ كما يرون ـ من الشيعة، فيما ينعكس المقترب بالأثر ذاته بخصوص القائمة العراقية، فإن تحالفا كهذا يتيح فرصة ارحب للتلاحم مع قاطعات اوسع من الشعب العراقي، أي هي محاولة من كل طرف لفك الحصار أو شبه الحصار في الداخل عن كيانه وتحركه وفاعليته.
ثالثا : إن هذا التحالف يحاصر (الخصم) المشترك، أي حزب الدعوة بقيادة السيد نوري المالكي، وهو خصم مشترك لاسباب عديدة، خاصة وإن حزب الدعوة ولأنه على سدة الحكم قد يصادر كلا الوجودين بطريقة وأخرى، بل أن كلا التيارين يخشى اي تحالف مع دولة القانون انطلاقا من كون دولة القانون هي الماسكة بالمفاصل الخطرة في الدولة، وفي مقدمتها القوات المسلحة، والتيار الصدري يستذكر دائما، وحتى من خلال حواراته ومناظراته العلنية الموقف الذي اتخذه السيد المالكي من التيار، ذلك الموقف الذي تجسد بتوجيه ضربات قوية للتيار ــ كما يقول التيار ــ، كما أن العراقية تستذكر دائما تصريحات السيد المالكي حول السيد أياد علاوي، خاصة عندما وصف فترة حكمه بالمظلمة من تاريخ العراق.
رابعا : المعروف أن للتيار الصدري موقف حاسم تجاه الكثير من القضايا، منها ما يتعلق بحقوق الاكرا د في الشما ل، ومنها مشروع الفيدرالية، ومنها فكرة المحاصصة، هناك تطابق أو شبه تطابق بين القائمتين حول هذه المفردات الحاسمة في مستقبل العراق، فكلا الطرفين لهم تحفظاتهم من مادة 140 في مجال سعتها وكيفية تنفيذها، وكلا الطرفين يمتلكان حساسية مفرطة تجاه مشروع الفيدرالية فيما يخص وسط وجنوب العراق، تتمثل بالرفض المطلق، وكلاهما يعلنان صراحة إن العراق بحاجة الى تغييرات هائلة في البنية الإدراية بحيث تتعدى هوية التقسيم الطائفي و التوزيع العرقي.
خامسا : الاستقواء بالآخر، فإن ذلك قد يكون من المصالح المشتركة بالتحالف، سواء كان تكتيكا او سترا تيجية، فإن بإمكان التيار الصدري أن يستخدم هذا التحالف ورقة ضغط على الأخرين ممن يشترك معهم في جبهة واحدة، اي الائتلاف الوطني، كما أن بإمكان القائمة العراقية أ ن تلعب من هذا المقترب ورقة ضغط مع الآخرين، غرماء أو أصدقاء داخل حلبة اللعبة السياسية.
سادسا : وربما يحقق التحالف بين الكيانين الى كسر الموقف الأمريكي شبه المشترك من كلا التيارين، فإن الامريكان كما هو معروف يملكون حساسية مفرطة ومتخوفة من التيار الصدري، بسبب سياسته المتطرفة ــ كما يبدو من الخارج ـ من (المحتل الأمريكي)، وفي نفس الوقت إنّ للأمريكان حساباتهم القلقة من القائمة العراقية، خاصة تجاه المسؤول الاول بالقائمة، اي الدكتور إياد علاوي، فالامريكان يحسبون حسابا كبيرا لاتجاهات الطوائف في العراق كما هو في لبنان أزاء أي قرار خطير يتخذونه، كما هو قرار تشكيل الحكومة، حيث يرى الامريكيون أن حظ السيد علاوي ليس بالحجم المطلوب والكبير في المناطق الشيعية، وبالتالي، إن موقف الامريكان من السيد علاوي يتاثر بهذه الناحية بشدة، ولكن تحالف السيد علاوي مع السيد الصدر قد يرغم واشنطن على تليين موقفها من الاثنين!
والسؤال... هل هذا التحالف آت...
لا أحد يعرف.
- آخر تحديث :
التعليقات