صرح مرّة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن الدكتور (علاوي) يخاطر بمستقبله السياسي، ومرة أخرى أبدى أسفه وحزنه لأن العراق شهد فترة زمنية ولو قصيرة كان فيها السيد علاوي ريئسا للوزراء، فتلك كانت فترة مظلمة حسب تصور السيد المالكي.
تدور الايام وإذا بقائمة السيد المالكي تمد يد التعاون، بل التحالف مع كتلة (ا لعراقية)، تلك القائمة ((البعثية المجرمة المتورطة بدماء شعبنا خاصة الدعاة الابرار...)، وعلى حين غرّة تغيب تلك المنشورات التي كانت توزّع في بغداد تحذر من علاوي، والتي كانت بعنوان (من هو علاوي).
لعبها علاوي جيدا إذن!
وإلا كيف يتوسل المالكي بهذا (البعثي العفلقي المتآمر)؟
كان السيد علاوي ــ كما يقول ــ يكتب الرسائل الى السيد رئيس الوزراء نوري المالكي يخبره بزياراته الى بلدان العالم، ويسأله إنْ هناك ثمة خدمة يقدمها له في هذه الزيارة، ولكن امين عام حزب الدعوة الاسلامية لم يجبه، ولم يرد حتى على تلفونه الذي كان يضربه علاوي من داخل الطائرة، ذلك إن (علاوي) عبارة عن مستقبل منته، ولم يكن الماضي يسمح لقائد حزب روحاني، نزيه، متشامخ أن يرد على (بعثي قديم)!
إذن لعبها السيد علاوي جيدا!
كيف؟
الدكتور أياد علاوي لم يقطع شعرة معاوية مع أي فصيل سياسي عراقي، يختلف ولكن بعد الاختلاف يجتمع، يحاور، يتبادل الضحكات والانخاب مع من يختلف معه!
قواعد اللعبة تقول: لا يمكن اهمال أي فصيل عراقي اليوم!
الدكتور أياد علاوي كان دقيقا، ماهرا في تصريحاته، فهو لم يحمِّل مسؤولية ما تعانيه التجربة العراقية من اخفاقات غيره وسكتْ، بل قال وبملء فمه، أننا كلنا مسؤولون، بما فيهم (أنا).
قواعد اللعبة تقول: لا تفرز نفسك خارج الاطار باي شكل من الاشكال، اجعل من نفسك شريكا في كل خطا وقع ويقع في العراق حتى إذا كان المسؤول بالكامل عن الخطا غريمك، واشرك غيرك بكل انجاز حتى وإن كان من جهدك وحدك.
الدكتور أياد علاوي أصرّ على مصطلحات واضحة، ممّا يعكس أو يفيد أو يوهم أو يقنع بأنه يتحرك بمقاييس مضبوطة، محكمة، وجعل الاخرين يفهمون ما يريد، بل وكيف يتحرك، لم يخلط بين مصطلحي الحكومة والدولة، لم يخلط بين المشاركة السياسية والشراكة السياسية، لم يخلط بين المحاصصة الطائفية وحكومة الوحدة الوطنية، لم يفاجا الناس كل يوم بمصطلح يخالف ما فاجاهم به أمس!
قواعد اللعبة السياسية تقول: كل ما تكون واضحا فيما تريد أن تقول تكون اقرب الى الناس، الناس في عراق اليوم تريد كلاما واضحا...
الدكتور اياد علاوي يصرح جهارا أنه علماني، مديني، يريد ابعاد الجيش والشرطة وكل مؤسسات الدولة من التسيس، ولم يلبِّس علمانيته بدين، ولا بروحانية، فيما الاخرون تخلوا عن اسلامهم وراحوا يلبسون الدين مسوح الديمقراطية، بل صرح بعضهم ــ وهو مرتزق معروف ـ إن السيد المالكي إسلامي شخصا، ولكنه علماني موضوعا!
قواعد اللعبة السياسية تقول: العراقيون حساسون تجاه أي تلون، يمتلكون حساسية مفرطة في هذه النقطة بالذات، ولا يتساهلون بمثل هذا اللعب المزدوج، وتاريخ العراق مجبول على المحاسبة على المفارقات.
لماذا فشل اتفاق السيد المالكي مع السيد ابو ريشة في خوض الانتخابات النيابية الاخيرة، فيما كان السيد المالكي يلوِّح بهذا الرقم الكبير الى صديق الامس عدو اليوم، الائتلاف الوطني؟!
لان العملية كانت تفتقر الى العلم بقواعد اللعبة السياسية في العراق!
بل لان العملية كانت تفتقر الى فهم آليات التحليل السياسي ليس في العراق وحسب، بل في المنطقة كلها.
لقد اعطى الدكتور أياد علاوي للخارج دورا مهما في تقرير مصير العراق، لأن الرجل كان يخوض السياسة خارج نطاق الحسينيات والجوامع، ومن خلال التواصل مع شبكات هائلة من المنظمات الدولية والاقليمية..
إنها أحد قواعد اللعبة السياسية الناجحة في القضية العراقية!
القائمة العراقية تقريبا هي الوحيدة التي تملك جسور التواصل مع مختلف ا لقوائم الاخرى، وهي القائمة (البعثية!) فيما قائمة السيد رئيس الوزراء التي اختلفت مع قائمة التحالف الوطني على ا ساس أنها قائمة (طائفية) محشورة اليوم في زاوية حرجة!
قائمة السيد المالكي هي (العراقية) حسب مقاسات الطرح التي كانت يطرحها صناع القرار السياسي في قائمته!
كم هي مفارقة كبيرة إذن؟
صرّ ح مستشار السيد المالكي مرّة: (إن القائمة العراقية أبدت مرونة واضحة في تنازلها عن منصب رئاسة الوزراء)!
بعد ساعة صرحت (العراقية) بان مثل هذه التصورات من أختلاق صاحبها!
اللعبة السياسية تقول: أن وحدة التصريحات وانسجامها يشكل أحد مجسات الرصد العراقي ومن ثم محاسبة المسؤول عن أي تناقض في التصريحات.
لا ننسى..
إن المستشار المذكور كان قد تبرع يوما لنصح السيد مبارك في كيفية مواجهة مصر للارهاب...
علاوي لا يفعل ذلك...
ترى كيف يدير علاوي اللعبة في حواره مع السيد المالكي؟
كل الكتل السياسية الفائزة اليوم تخطب ود القائمة العراقية، هي القائمة الوحيدة التي لم تصرح أي قائمة اخرى انها تقا طعها، ولا تلتقي بها...
سوف يقولون: كاتب هذه السطور (؟ )!
- آخر تحديث :
التعليقات