كاد المجلس الأعلى الاسلامي في الانتخابات العراقية البرلمانية الاخيرة أن يغادره التاريخ السياسي في العرا ق لولا دور شخصيتين مهمتين في المجلس، الشخصية الأولى هو نائب رئيس الجمهورية السيد عادل عبد المهدي نظرا لقابلياته الفكرية المتميزة على صعيد تحليل الأوضاع الاجتماعية والسياسية في العراق، وتقديم جملة حلول من جهة،،، وحضوره الانتخابي الكبير في ذي قار من جهة ثانية، والشخصية الثانية هي السيد عمار الحكيم المسؤول الأول في المجلس الاعلى بسبب خطابه المتميز في الأقضية و النواحي من جنوب العراق، ولا يمكن هنا، وفي السياق ان نهمل دور السيد وزير المالية باقر صولاغ من جهة أ نه أثبت شيئا من الحنكة في عمله الوزاري، كما أنه بقي بعيدا عن مضنات شبهة الفساد الاداري والمالي، كانت حصة المجلس الاعلى من مقاعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة 17 (زائدا ثلاثة مقاعد لمنظمة بدر)، وهي نسبة متواضعة جدا بلحاظ عدد مقاعد البرلمان العراقي أصلا (325)، كذلك بالنسبة لعدد المقاعد التي حصل عليها الإئتلاف الوطني (70)، وهي متواضعة بل خجولة جدا بلحاظ مقاعده ا لتي حصدها في الانتخابات البرلمانية السابقة.
النسبة القليلة لا يني انعدم فرصة السعة وا لعمق في الدور السياسي في العراق، نظرا لتشابك المصالح وتضاربها بين الكتل الفائزة في الانتخابات، وربما أنطلاقا من هذا المبدأ يحاول المجلس الاعلى أن يكون محورا قويا في العملية السياسية في العراق، خاصة على صعيد تشكيل الحكومة ألمقبلة، وعلى وجه اخص اختيار رئيس الوزراء. فالمجلس الاعلى أعن بوضوح رفضه لترشيح المالكي، وكان قد شكك احيانا بقبول علا وي، ولما كاانت العلاقة بينه وبين الصدريين سلبية، فيكون موقفه من ترشيح (صدري) مباشر أو غير مباشر محل رفض أ و شك، مما يكشف إنه في نضال من أجل أن يكون رئيس الوزراء مرشحا مجلسيا.
إن قواعد اللعبة السياسية في العرا ق رغم مرونتها ورخا وتها وكونها خاضعة لمفاجآت غير متوقعة، ولكن يبنغي أن نحسب بأنها ليست كذلك على نحو مطلق، وبالتالي،إذا كان المجلس ينطلق من هذه المقتربات في هدفه ا لمذكور، فعليه أن يقدر بأن ذلك نوعا من المغامرة، بل هي المغامرة التي وقع بها ا لسيد نوري المالكي، وها هي تحاصره من جوانب عديدة للاسف الشديد.
كيف يحسبها والقائمة العراقية مصرة أن يكون رئيس الوزراء منها، كذلك دولة إئتلاف القانون، كذلك الصدريون؟
إذن مغامرة بيضة القبان، أو مغامرة الورقة التي تحسم الترجيح مبا لغ بها، فإن المعادلات قابلة للتحول بشكل مذهل في العراق، وإلا من يتوقع أن يكون هناك حديث جدي بتحالف العراقية مع التيار الصدري وبلسان كلا القائمتين؟ ثم أن أوراق الترجيح ما أكثرها في العراق.
أن وضع المجلس الاعلى بكل الاحوال لا يساعدهعلى تحقيق هذا الهدف، وربما إيغاله في العمل من أجل ذلك قد يقلص من تواجده المعنوي والشعبي في العراق، وإذا كان كلام الكثير من العراقيين اليوم من أن المالكي اربك العملية السياسية في العراق، وأ نه قسّم شيعة العراق ووجه لهم ضربة قاصمة من حيث يشعر أو لا يشعر، فإن الحديث ربما سيكون عن المجلس الاعلى من أنه كان من المعرقلين في تشكيل الحكومة!
رئاسة الوزراء لحد هذه اللحظة محصورة بين المالكي وعلاوي، شعبيا ودوليا واقليميا، بل ربما وحتى مرجعيا، فما على المجلس سوى تحديد أختياره النهائي بين المالكي أو علاوي، ويمكن للورقة الترجيحية أن تلعب دورها هنا في الحصول على مكاسب كبيرة على صعيد تشكيل الحكومة من هذا الطرف أو ذاك،بما في ذلك الوزرات السيادية.
هل سيبقى المجلس مترددا في موقفه بين علاوي والمالكي؟
أو بالاحرى هل سوف يبقى أسير حلم رئاسة الوزراء؟
كلاهما مضيعة للوقت...
وربما مضيعة حتى لقواعده الشعبية المتبقية.... بل ربما يرسم كل ذلك للمجلس صورة سلبية بشكل عام في الضمير الشعبي العراقي.، فيما حسم الموقف ربما يجلب للمجلس الكثير من المكاسب الشعبية والسياسية خاصة على مستوى الوزارات السيادية.