مجرد أن أ طلق عاهل البحرين محمد بن خليفة آل عيسى دعوته للحوارالوطني، حيث أوعز بتهيئة كل مستلزمات هذا الحوار الى السلطتين التشريعية والتنفيذية، حتى استجابت لحد كتابة هذا الموضوع أربع جمعيات بحرينية مهمة لنداء الدعوة، التجمع الوطني الديمقراطي، والمنبر التقدمي الوطني،وجمعية وعد، وجمعية الوفاق الوطني، هي قوى بحرينية ناشطة، وتملك قاعدتها الشعبية، وجاء في بيان تلبية الدعوة دعوة للجميع بضرورة الحفاظ على السلم الأ هلي، وتعزيز ا لصف الوطني، وكان من جملة ما أكد عليه البيان التشديد على حاجة الجمعيات (إلى دعم الحكومة)، والاستجابة يبدو كانت بمتسوى دعوة الملك، فقد جاءت الدعوة للكل البحرين، من أجل عملية التطوير والبناء، وبالاستفادة من التجربة البحرينية، وأهم ما في الدعوة إنها جاءت (بلا شروط مسبقة)، فالدعوة والاستجابة جاءتا بمستوى السمؤولية، ومن منطلق التجربة.
الخوف من أن تفُسَّر هذه المبادرة من بعض المعارضين بانها دليل ضعف، أو إنها جاءت استجابة لضغط دولي، أو لأن المعارضة أقوى من الحكومة، كما أن الاستجابة قد تفسَّر من قبل الحكومة بأنها جاءت بسبب عجز المعارضة من أن تستمر في نهجها المعارض، وإنها تمر بحالة من الهزال والضعف، مما اضطرها للتجاوب مع الدعوة.
هذه التفسيرات، سواء من طرف المعارضة أو طرف الحكومة لا تخدم ذات الدعوة ولا ذات الاستجابة، أي كلا الطرفين، الحكومة والمعارضة، والمطلوب أن يكون حسن النية هو المتحكم في تفسير الدعوة الى الحوار والاسراع بالاستجابة، وإن انطلاقة للتعامل مع الدعوة أو الاستجابة من أنماط تلك التفسيرات يضع عراقيل ومشاكل أمام المشروع برمَّته، وحسن النية يجب أن يكون هو الدافع حتى لو توفرت بعض المؤشرات على هذا التفسير أو ذاك، من طرف الدعوة أو الاستجابة، إنطلاقا من مبدا بسيط، يقول بكل صراحة، إن نفس الدعوة الى الحوار شيء جميل، وبداية مشجعة على كل حال.
الدعوة أيضا تكون عرضة للتهديد بالفشل فيما تدخل أجندة خارجية على الخط، سواء الى جانب الحكومة أو جانب المعارضة، فإن هذه الاجندة تهدف مصالحها في الدرجة الاولى، وليس الحكومة ولا ا لمعارضة، وبالتالي، ليس البحرين بعنوانه الوطني.
الدعوة الى الحوار من طرف الحكومة حتما تنطوي على اعتراف ببعض مطالب المعارضة، كما أن الاستجابة السريعة من قبل المعارضة حتما تنطوي على تصور بان بعض مواقفها أو بعض المواقف المحسوبة عليها كانت خطا، وكلا الاعترافين يساهم في دفع مشروع الحوار إلى الأمام.
ملك البحرين كان واضحا في دعوته، دعوة وطنية لكل أبناء البحرين، من منطلق أن الجميع هم أبناء البحرين، ودعوة للمستقبل، كما أن بيان الاستجابة كان هو الآخر واضحا، تشديد على ضرورة السلم الاهلي، وتوكيد غير مباشر على ضرورة التلاحم مع الدولة، بدليل الاشارة الى حاجة الجمعيات الموقعة على البيان إلى دعم الدولة.
هناك نقطة أخرى ربما تضر أيضا بمشروع الدعوة، هو البداية بمطالب صعبة من اي طرف من أطراف المعادلة، الحكومة والمعارضة، من الحكمة أ ن تكون هناك وفي البداية مطالب بسيطة، يمكن أن تجد لها أذنا صاغية لدى الملك من جهة والمعارضة من جهة ثانية، وربما الاسراع في تكميل الكراسي الشا غرة في البرلمان يمكن أن يكون نقطة بدء توافقية في هذا المجال، كما أن مبادرة الحكومة لاعادة المفصولين السياسيين، والافراج عن المعتقلين السياسيين، والناي عن وصفها للمعارضة بنعوت لا تمت الى القاموس الوطني يشيد لبداية موفقة وفاعلة، واعتقد كل ما كان أحد الطرفين أكثر شفافية يكون المشروع قد حقق خطوة جيدة على الطريق.
إن التفكير بعقلية الكسب لا يساهم ايجابيا في دعم مشروع الحوار، والانطلاق من ثوابت وطنية هو الاساس في هذه القضية بالذات، وكلما تلوَّن طيف المعارضة المستجيبة أفضل، وكلما سارعت الحكومة في معالجة بعض الاخطاء في التعامل مع المتظاهرين والمحتجين أفضل أيضا بطبيعة الحال، وذلك لان كلا النهجين يلتقي مع روح المشروع...
لقد كان كثيرون يراهنون على استمرار الازمة بين الحكومة والمعاضة، ولكن مبادرة الملك البحريني بددت هذه الاوهام...
هل تتحق تلك الصورة الرائعة في البحرين؟
ملك، ولكن قاعدته الشعبية المعارضة،أو كانت المعارضة!
اكتب عن البحرين لاني احبها شعبا وقيما وتاريخا....