صرحت مصادر اعلامية ذات صلة بالسيد مقتدى الصدر أن زيارة الاخيرالى قطر تهدف فيما تهدف إليه توسيط أمير قطر لدى حكومة البحرين لمعالجة مشكلة المعارضة البحرينية، وأفادت هذه المصادر بان أمير قطر وعد السيد مقتدى الصدر (بالتدخل شخصيا من موقعه كامير لدولة قطر للتوسط لحل أزمة البحرين، وأنه شخصيا سليتقي رؤوساء وملوكا عربا من أجل حل هذه الازمة بما يضمن سلا مة الشعب البحريني)، والتصريح هذا بما يحمل من قوة واشراقة قد يفيد أن دعوة أمير قطر للسيد مقتدى الصدر لزيارة قطر إنما مبيتة أو مخطَّطة لهذا الغرض بالذات، أي لحل أزمة البحرين، والتصريح القطري قوي وعميق، لانه يتضمن وعدا بطرح القضية عربيا، مما يعطي أنطباعا بان أمير قطر ربما قد تباحث مع بعض الملوك والرؤوساء العرب في هذه القضية بالذات، فمن المستبعد أن يعد الامير بمثل هذه المحاولة دون بدايات مشجعة يكون الامير مطمئنا إليها.
الزيارة بهذه الحيثيات تؤكد أن القوة ليست طريقا ممتازا لحل هذه المشكلة،إنْ كانت من طرف الحكومة أو طرف المعارضة، وإن لعبة رفع سقف المطالب يجب أن تكون عقلا نية وبما يتناسب مع الواقع، وربما أدركت المعارضة هذه الحقيقة المرة، فاعلنت بشكل واضح رفضها لكل تدخل خارجي بشؤون البحرين، واعلنت عن استعدادها بالخلي عن بعض المطالب ذات البعد الخيالي، ومنها ما تسميه بالملكلية الدستورية فضلا عن تلك الشعارات التي تلوح باسقاط النظام، حيث ثبت أنها شعارات تهدد المعارضة ذاتها أكثر مما تهدد الحكومة.
لقد دخلت قطر العالم العربي من الباب الواسع، وتمكنت أن تبرهن با نها قادرة على التقريب بين المتخاصمين، وإنْ صوريا، فهي التي جمعت بين حزب الله وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الاحرار، وهي التي جمعت بين الحوتيين والحكومة اليمنية، وهي التي جمعت بين منظمة التحرير الفلسطينية وحماس، وهي التي جمعت بين شمال السودان وجنوبه، ومن الواضح لكل متتبع لسياسة قطر، إنها تتدخل لحل المشكلة عندما تتفاقم، وعندما تلوح في الافق إمكان التاثير وإن ْ بمستويات ليست عميقة، ولكنها تفيد على أي حال، ولعل أقل ما يمكن أ ن تفيده، هو تأجيل نزاع دموي محتمل، أو الوعد بايجاد حلول مستقبلية، أو طرح بدائل للدراسة والنظر....
شخصيا كنت أقول لبعض الساسة العراقيين إن قطر تنتظر فرصة دخولها على خط الازمة بين العراقيين، وكنت أشجع بعضهم على التواصل مع قطر لطرح المشكلة العراقية عليها، من أجل ان تساهم في حل الازمة العراقية - وهي ازمة حقيقية رغم تجاهلها من قبل البعض - وكنت أقول لهم، اذا تحركت الدبلوماسية القطرية باتجاه قضية معينة، فهذا يعني دخول هذه الازمة زمنا جديدا، ولكن لا حياة لمن تنادي، ذلك أن قطر بدات تساهم بشكل واضح في رسم معالم مرحلة جديدة للعالم العربي، وذلك بدا من مشروعها المتمثل في قناة الجزيرة، وربما اتهام علي عبد صالح لقطر بانها وراء ما يحصل في العالم العربي من ثورات واحتجاجات يدل على أهمية قطر ودورها دون التورط باحكام علي عبد صالح بشكل مطلق وجزافي...
والسؤال هنا، هل ستفي قطر بوعدها للسيد مقتدى الصدر؟
يبدو لي، نعم، خاصة وإن الاخبار تفيد بان السيد مقتدى الصدر تحرك بالتنسيق مع مراجع الشيعة في النجف الاشرف، وهذه نقطة حساسة، لانها تبعد الدور الايراني في صلب القضية، وهو أمر يفرح دول الخليج العربي، كما أن الاخبار اشارت بان السيد مقتدى الصدر اجتمع بالمعارضة البحرينية مسبقا لهذا الغرض، مما يبرهن على رغبة هذه المعارضة في معالجة مشاكلها مع الحكومة بالحوار لا بالقوة، وبإرادة بحرينية لابارادة خارجية.
قيادة قطر اكتسبت مهارة جيدة من خلال دخولها في عمق المشاكل التي تعصف في العالم العربي والا سلامي، واصبحت لديها خبرة عميقة بطبيعة وحقيقة هذه الازمات، سواء على صعيد الاسباب أو صعيد الحلول، ومن هنا يأمل الكثيرون بهذه الوساطة، وسوف يسجل التاريخ للسيد مقتدى الصدر أنه كان من المتقدمين في إدراك طبيعة هذه الازمة وكيفية التعامل معها.
بقي أن تدرك كل من حكومة البحرين والمعارضة بان الزمن ليس بصالح أحديهما إذا لم يضع الطرفان نهاية حقيقية لهذه الازمة، وإن القوة الغاشمة عاجزة عن الحل، وأن الواقعية هي الطريق الناجح في طرح المطالب...