بات واضحا حسب ما تفيده مصادر مطلعة لبنانية وغير لبنانية إن قرار المحكمة الدولية الإتهامي (الظني) الخاص بمقتل رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحرير سيُعلن عنه في غضون أيام أو أسابيع، ويوعز محللون ظاهرة تصعيد حزب الله وبالخصوص أمينه السيد حسن نصر الله هجومَه ضد المحكمة الدولية اساسا، وضد قرارها المحتمل إلى هذه انقطة بالذات، أي قرب صدور القرار الإتهامي (الظني) الذي يتفق كثير من المحللين بأنَّه قد يتضمن إتهاما صريحا الى شخوص في حزب الله، وإن لم تكن التهمة موجَّهة صراحة إلى الحزب ذاته، وربما مما يؤكد إن القرار المذكور في طريقه الى الصدور عن المحكمة النداءات التي أخذت توجهها بعض قيادات ورموز حزب الله إلى الدول العربية

استفتاء: برأيك من هي أفضل دار نشر عربية في مجال الأدب؟

بضرورة التدخل لمنع المحكمة الدولية من إصدارها للقرار المعضلة، متهما إياها بانها مسيسة على كل حال، استطرادا، وبفعل هذه الوقائع الضاغطة يدور حديث في كثير من الاوساط اللبنانية والعربية عن كيفية مواجهة الآثار التي سوف تتمخض عن صدور القرار وليس القرار من حيث الأساس حيث يبدو أنه صار بحكم المؤكَّد.
الخوف من تبعات إصدار القرار في محلها بطبيعة الحال، مهما كانت الدوافع التي تكمن وراء إصدار القرار، سواء كانت سياسية أم قضائية بحتة، وقد أعلنت عنه تصريحا وتلميحا كل فرقاء العمل السياسي في لبنان، أحزاب وطوائف، كذلك الدول المعنية بالشأن اللبناني بشكل مباشر أو غير مباشر، وعلى رأسها سوريا وإيران والمملكة العربية السعودية.
السؤال الذي ينتظر الاجابة عليه هو عن هذه المخاطر أو الأثار التي يمكن أن تترتب على إصدار القرار المعضلة...

1: القرار ربما يكون سببا في تصعيد التوتر أو التجاذب أو الاحتقان الطائفي في لبنان، وهو الامر الذي طالما أشار إليه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، كذلك الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، بل حتى فريق 14 آذار، ولذلك كانت دعوة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري المتكررة إلى ضرورة عدم تأثر الوضع اللبناني بما ستنتهي إليه المحكمة الدولية من نتائج فيما يخص مقتل والده رفيق الحريري، مما يعني أن الجميع متخوفون من نتائج القرار وما يمكن ان تسببه من مشاكل، وفي مقدمتها تصعيد التجاذب والتوتر الطا ئفي في البلد.

2: القرار ربما يكون سببا مباشرا أو غير مباشر في تعميق الخلافات الخفية المبطنة والعلنية الواضحة بين الانظمة العربية، وبين بعض هذه الانظمة من جهة والجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة أخرى ، لان جميع هذه الدول أو أكثرها تملك أجندة ونفوذا طاغيا في لبنان، كما أن لها مواقف متناقضة من المحكمة الدولية وما يصدر عنها من قرارات، حيث بعض هذه الانظمة ترى في المحكمة الدولية بأنها مسيسة، تهدف أساسا الى إتهام (المقاومة) وفي الجوهر منها حزب الله، فيما دول أخرى أنها محكمة دستورية، تستمد شرعيتها من مصدر تنصيبها الاول، أي مجلس الامن الدولي، وتصر على أن تأخذ طريقها في ممارسة عملها من دون تاخير، ومن دون عرقلة، بل يجب تسهيل مهامها ليس معنويا من خلال الدعم الاعلامي بل حتى دعمها ماديا وماليا.

3: أن القرار قد يتسبب في تعميق التجاذب الطائفي الذي بدا يعم منطقة العالم الاسلامي بقوة وبتنامي غير معهود، فهناك تجاذب منظور بشكل واضح بين السنة عموما والشيعة عموما، خاصة في البلدان التي يشترك فيها شيعة وسنة، سواء كانت الاغلبية لهذه أو تلك، هذا التجاذب موجود في العراق بصورة جلية، كذلك في الكويت، وهو خفي الى حد ما في البحرين، وليس سرا، لقد صدر أكثر من تحذير على لسان زعماء دول كبيرة في المنطقة تحذر من تنامي شيعي مذهبي في مجتمعات سنية تكاد تكون بحتة!

4: إن القرار قد يستوجب تغيير بعض ملامح ستراتيجية ا لولايات المتحدة الامريكية في المنطقة بشكل عام، خاصة في العراق وافغانستان، فقد يؤدي القرار الى إرجاء إنهاء العمليات القتالية للقوات الامريكية في افغانستان، كذلك قد يؤجل انسحاب القوات الامريكية تماما من العراق في تاريخها المحدد، فقد تتطلب الظروف الجديدة التي يفرزها القرار المعضلة بقاء هذه القوات إن لم يكن زيادتها، سواء على صعيد كونها مقاتلة أو مدربة.

5: قد يتسبب القرار في تنامي مبررات ظهور تيارات متطرفة جديدة، سواء سنية أو شيعية، على غرار القاعدة، لأن ظروف الاضطراب السياسي والطائفي تساعد على إنبثاق مثل هذه التيارات، بل قد تتحول إلى ظاهرة عادية.
هذه النتائج وغيرها محتملة فيما لو صدر القرار الاتهامي (الظني) عن المحكمة الدولية فيم يخص قضية مقتل رفيق الحريري، ولكن هل هناك بادرة أمل أن يتم تدارك كل هذه المحتملات ولو وقتيا بتأجيل صدور القرار المعضلة؟ وهل هناك خطة يمكن أن يتفق عليها جميع الافرقاء اللبنانيين لمعالجة مثل هذه النتائج المحتملة؟
لا أحد يعلم