رغم كل مآسي العراق... السيارات المفخخة... العبوات الناسفة... الحرائق المفتعلة... الحر اللاهب... العطش... الجوع... الارهاب الديني... اكاذيب السياسيين... الفساد الاداري والمالي... الجدران العازلة... رغم كل هذه المآسي بدأ الحب في العراق يعلن انتصاره، الحب، الجسد الانثوي العراقي بدأ يتنفس الحرية، يمارس الحرية، يهرع الى الحرية يعانقها ليصرخ بوجه الكذابين والمزيفين.... تجار السياسة... أدعياء الاخلاق المبطنة بالغش والخداع والدجل... يصرخ بوجه الطغاة، لا يصرخ خوفا، ولا طلبا للنجدة، ولا دعوة الى التمرد، بل يصرخ متحديا، الجسد العراقي بدا يستعيد عافيته، أحلامه، حبه للحياة، رغم كل هذه الحرائق والمقاتل والجدال الزائف...
مئات من الشباب اليافع، ذكور وأناث، على شاطيء دجلة، يرقصون، كل أنواع الرقص، رقص شرقي، غربي، روك اند رول، تويست، حتى الباليه، يرقصون وبراءة الحب تطفح على شفاههم، تنبض بها كلماتهم الشبابية الشفافة، لا يخافون احدا، يغنون، ينشدون، يتبادلون تحيات الحب، مئات اللقاءات تجترح تاريخا لها هناك، الموعد غدا، هنا الموعد، الموعد مقدس، عندما ننسى الموعد نكون قد كذبنا على الله، الله يحب الحب، لانه تبارك وتعالى حب بحد ذاته، على طول كورنيش الاعظمية، وتحت اشعة الشمس اللاهبة الحب صريح هو الاخر هناك، عناق حار طويل، الاجساد تتبادل الحب بامانة، بهدوء، همسات خفيفة، اياد متشابكة، رؤوس متمايلة على بعضها، قبلات في الهواء، تخطيط للمستقبل، مستقبل الليلة السعيدة...
العيون الشرهة محتقَرة، لم يعرها أحد اي اهتمام، صور السيارات المفخخة لم يعد لها مكان في الذاكرة، جفت، ماتت، اصداء الانفجارات المدوية لم يعد لها صدى في الذاكرة، لم تعد قادرة على قمع هذا الفرح الجسدي الكوني العراقي، إنه فرح نابع من الاعماق، ليس نتيجة حرمان، إنه الحب الاصيل، لهذا يحمل شحنة مهيبة، شحنة مشتعلة، متقدة من التحدي.
سيارات المسؤولين تزعق... تزعق... بالقرب من سفح دجلة تزعق... تحذير... تخويف... أصوات تزلزل الارض، ولكن كل ذلك لم يوقف رعشة رقصة بريئة، رعشة الروح، رعشة الجسد، لقد تهاوى طاغوت الخوف، نحن هنا، لكم سياراتكم المصفحة ولنا اجسادنا ترقص بشهوة الحب، لكم أزلامكم بأجسامهم المخيفة، الجبارة، المتحفزة بروح الشر والعدوان، ولنا ابتسامتنا البريئة، أنتم خائفون، نحن فرحون، انتم تحرسكم الجدران المسلحة ونحن يحرسنا الحب، انتم تفكرون كيف تتأمرون غدا، كيف تجابهون الضغط الامريكي، نحن هنا على الضد من كل ذلك، نفكر كيف بالحب، كيف نحميه من سلطانكم الغاشم باسم الدين، وباسم الاخلاق، وباسم الحق العام...
اجسادنا بدأت تنتصر، اشعة الشمس هجرتكم، تعرف اجسادنا ولا تعرف اجسادكم، الشقق التي اشتريتموها في بيروت سوف تتحول الى قبور عفنة، هناك تودعون اجسادكم واجساد بنيكم للاسف الشديد، اما اجسادنا فسوف تغمرها الشمس حتى عندما تفارق الحياة، فللحب حياة بعد الموت أيضا، ولكن لا تفقهون.
- آخر تحديث :
التعليقات