المعركة على رئاسة الوزراء محصورة بين هؤلاء الاربعة، ولا يشك مراقب أنها معركة شرسة كما صرح بذلك الدكتور أياد علاوي في احد مؤتمراته الصحفية، والمشكلة ليس في عدد المرشحين بطبيعة الحال، بل المشكلة تكمن في هذا التعارض في الممكنات بحيث تتقابل بشكل مذهل على صعيد الاهمية والوزن والحاجة والضرورة!
السيد نوري المالكي وبحكم استلامه زمام السلطة لسنوات اربع يكون قد امتلك تجربة مهما قيل عن عمقها وسعتها إلا أنها تظل تجربة في حكم الواقع، ولا يمكن أن نغفل أن الرجل كان المتقدم في نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة، ويمتلك موقعا في ضمير الكثير من العراقيين، ولكن السيد نوري المالكي نفسه محاصر اقليميا، ليس خفية بل صراحة وعلنا،كما أنه محاصر من الداخل، فلا العراقية ولا الصدريون ولا المجلس الاعلى ولا عموم سنة العراق يرتضونه، أو يترضّونه، ومن هنا يمكن القول بانه محاصر من الخارج ومن الداخل، وهناك حصار اخر يعاني منه السيد المالكي، فهو محاصر من قبل جماعته بالذات، وهو حصار غير مباشر، وذلك بسبب الموقف السلبي من قبل قطاعات كبيرة من الشعب العراقي تجاه بعض نماذج هؤلاء الجماعة، خاصة ممن هو محسوب علنا على دولة جارة بشكل وآخر.
السيد أياد علاوي يمتلك هو الاخر تجربة حكم، ويمتاز بقدرة رائعة على التحليل السياسي، خطابه ناجح، كما أنه دؤوب وصبور، وقد تمكن من فك الحصار المفروض عليه بطريقة وأخرى، وقبل كل ذلك كونه مقبول إقليميا، بل ربما هو الرجل المرحَّب به من قبل بعض الانظمة العربية، ولكن السيد علاوي نفسه مرفوض إيرانيا، وايران لا عب قوي في الساحة العراقية، كما أن السيد علاوي مثار جدل كبير في الوسط الشيعي بشكل عام، وكثير من الشيعة يخافون أن يتصرف بقانون الفعل ورد الفعل، ولأنه محسوب على حزب البعث سابقا، فإن ذلك يشكل احدى اسباب التوقف عند الكثير من الناس، خاصة الوسط والجنوب، ومن ثم هناك التوجس الكردي من بعض أعضاء العراقية، بل من منهج العراقية الذي يكرس أو يركز بشكل واضح على عروبة العراق!
السيد ابراهيم الجعفري هو الاخر يمتلك تجربة حكم غنية، وقد كتب في ذلك كتابا، وقد اشتهر بنزاهته السياسية والمادية، ولا يشك احدهم ببعض قدراته الفكرية، ولكن السيد الجعفري رغم ما يقال عن عدم اعتراض بعض الانظمة العربية عليه، إلا أنه يبقى محل نظر بالنسبة للولا يات المتحدة الامريكية، كما أن الاكراد غير متفاعلين مع السيد الجعفري، ومن ثم هناك الموقف الصارم من حزب الدعوة بشكل عام تجاه الرجل، فهو موقف يكاد أن يكون سلبيا، يحمل تا ريخا اشبه بالتاريخ الثأري، وبالتالي يكون السيد الجعفري شبه محاصر، وما يمتلك من وزن روحي لدى الصدريين غير كاف لفك هذا الحصار.
السيد عادل عبد المهدي، ملك التصريحات الموضوعية الهادئة، يمتلك عقلية ستراتيجية واضحة، وليس في ذلك غرابة، فهو اختصاص في العلوم الاقتصادية، وصاحب تجربة سياسية شاقة وطويلة في تاريخ العراق، وقد قاوم كل محاولات اقصائه وحصره بذكاء وحنكة، وقدم خدمة رائعة للعراق باطفاء الديون الامركية، ويحضى بقبول كردي كما يقول أصحاب الشا ن السياسي العراقي، وهناك تقارب بالرؤى والتوجه العام بينه وبين بعض الرموز في العراقية، كما أن له جماهيريته في سياق التيار المجلسي ـ وإن كانت متواضعة ـ وليس هناك رفض عربي صارم للرجل، بل ليس هناك ممانعة اقليمية ما عدا ايران، وهنا نقطة الحرج الكبيرة، كذلك يشاع عن عدم ارتياح صدري لترشيحه للمنصب المحنة.
هذه هي عموم خارطة الممكنات بين هذه الرموز الاربعة وهي تتنافس على منصب رئاسة الوزراء، ونظرة بسيطة تكشف عن عدم امكانية حسم الموقف في ضوء هذه الممكنات المتساوية من حيث القوة والوزن والاهمية، والمتناقضة من حيث الحصيلة والاتجاه والإمضاء والتقرير!
لا يمكن حل المعضلة إلا بأمرين، التنازل المتقابل أو قوة خارجية تفرض على الجميع الحل بشكل وآخر...
التنازل المتبادل خرافة....
والقوة محصورة بين امريكا والسيد السيستاني على وجه التقريب وليس الحصر بطبيعة الحال، فهل تتحرك أحد القوتين لانقاذ الموقف؟
ولكن أين نضع لغة التحالفات؟
أليست جديرة بحل المعضلة الكبيرة؟
ان التحالف تحول إلى مشكلة هو الاخر، (منْ) يتحالف مع (منْ) ما دام عنصر الثقة مفقود بين الجميع؟
الزمن ربما كفيل بتمزيق الكتل الفائزة ومن ثم يؤدي ذلك الى بروز كتلة كبيرة تفرض وجودها، مما قد يؤذن بالحل، أو مشروع حل، ولكن ما زال ذلك مجرد تصورات، وربما تمزق الكتل يزيد من ضراوة المشكلة أكثر...
قبل ايام صرح المستشار الاعلامي للسيد رئيس الوزراء نوري المالكي بما معناه: ان التحالف بين القانون والعراقية يمتلك الكثير من المبررات الموضوعية!