تناولت الرواياتُ التاريخية رأس الحسين عليه السلام بمزيد من العناية والاهتمام، وليس في ذلك ما يثير الغرابة، لانه بن بنت نبي المسلمين، ولأن الرأس الشريف يحتل أهم جزء في جسد له قيمته المعنوية والروحية بل والدينية لدى المسلمين بشكل عام والشيعة بشكل خاص، ولأن هذا الرأس الكريم تحول إلى رمز إيثاري وتثويري واستنهاضي، واصبح تراثا حيا، يسري في أحاسيس الامة، وشعورها، وله حضور مستمر ومتصاعد ومتوتر مع تقادم الزمن ـ شئنا أم أبينا ــ أ حببت أ ن اجلي بعض الحقائق في خصوصه، والهدف هو توكيد (زمنيَّة) الرأس الرمز، وتحريره من ألاعيب التاريخ المزيف، واباطيل طغاة التحايل على الحقيقة.
رواية عمار الدّهني (ت 133)
في روا ية (أبو معاوية عمار بن معاوية الدُّهني البجلي الكوفي) المتوفي سنة 133 للهجرة، عن محمّد بن الحسين بن علي الباقر، وهذا الرجل وثّقه بن معين والنسائي وابن حبان من علماء السنة في الرجال، وقطع أحدهم بتشيعه 1 / تهذيب التهذيب 7 رقم 661 / ووثّقه النجاشي من الشيعة في ترجمته لابنه معاوية: (... وكان وجها في أصحابنا ـ أي معاوية بن عمار ـ وكان أبوه ثقة في العامّة، وجها يُكنَّى أبا معاوية وأبا القاسم، وأبا حُكيم...) / 2 النجاشي رقم 1096 /، وقد استفاد بعضهم من هذه العبارة وبعض المؤشر ات الاخرى من أنَّ الرجل شيعي أمامي، ولكنَّ الخوئي ينا قش ذلك وينفيه بادلة قولة / 3 معجم الرجال 12 رقم 8362 /.
رواية الدهني عن الامام الباقر تقول: (... حتى قُتِل ـ الحسين ـ صلوات الله عليه، قتله رجل من مَذْحِج، وحزّ رأسه، وا نطلق به إلى عبيد الله بن زياد وقال:
أوقر ركابي فضّة وذهبا فقد قتلتُ الملِك المحجّبا
وأوفده ـ أي أوفد (عبيد الله بن زياد) الذابح ـ إلى يزيد بن معاوية ومعه الرأس، فَوُضِع بين يديه وعنده أبو برزة الاسلمي، فجعل ينكتُ بالقضيب على فيه ويقول:
يُفْلَقْنَ هاما من رجال أعزَّة علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلَمَا
فقال له أبو برزة: ارفع قضيبك، فوالله لربما رأيت فاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على فيه يلثمه...) / 4 الطبري 6 ص 312، 313 / وتستمر روا ية الدّهني متصلة بما سبق مباشرة لتقول: (وسرَّح عمر بن سعد بحرمه وعياله ـ اي حرم وعيال الحسين ـ إلى عبيد الله،ولم يكن بقى من أهل بيت الحسين بن علي عليه السلام إلا غلام كان مريضا مع النساء، فأمر به عبيد الله ليقتل، فطرحت زينب نفسها عليه وقالت: والله لا يُقتل حتى تقتلوني،فرّق لها، فتركه وكفَّ عنه) / 5 نفسه ص 314 /.
نفهم من لحن الرواية أ ن إيفاد راس الحسين من قبل عبيد بن الله بن زياد لـ (يزيد بن معاوية) كان قبل إيفاد أهل الحسين وعياله إلى يزيد، وإن الذي أوفد العيال والاهل هو عمر بن سعد، فيما الذي اوفد الرأس المعطر هو عبيد الله بن زياد.
تعاني رواية عمّار الدهني عموما من خلل في السند، إذ في السند (خالد بن يزيد بن أسد بن عبد الله القسري) أمير العراق / 6 المصدر نفسه ص 267 / ولم يرتض أهل الرواية والدراية رواية خالد هذا، حتى (ذكره بن عدي، فساق له جماعة أحاديث، وقال: أحاديثه لا يُتابع عليها كلها، لا إسنادا ولا متنا، ثم قال: ولم أر للمتقدمين الّذين يتكلمون في الرِّجال فيه قولا hellip;) / 7سير أعلام النبلاء 9 رقم 133 /، وهناك نقطة ضعف اخرى في الرواية، حيث خلت من اسم (الذّابح) هذا، ومن الصعب اغفاله بطبيعة الحال، على أني اتعجب ان يقدم (مذحجي)على ذبح الحسين والذين بقوا مع الحسين في المعركة اكثرهم من هذه القبيلة المتشيعة العلوية، على أن رجال السنة يقولون هذا اسناد منقطع، لانه يقف عند الامام الباقر!
رواية أبي مخنف (ت )
تعتبر روا ية ابي مخنف أوسع رواية في قصّة الحسين، وقد روى لنا كثيرا فيما يخص الرأس الشريف، وتختلف في بعض مفرداتها عمّا جاء في روا ية عمار الدُّهني، يطغي عليها الطابع التراجيدي، المأساوي بشكل مذهل.
تعين رواية أبي مخنف اسم الذي ذبح الحسين في سياق حديثه عن مجرى المعركة في لحظاتها الاخيرة.
جاء في الطبري: [ قال ابو مخنف: حدَّثني الصعقب بن زهير، عن حُميد بن مسلم، قال: كانت عليه جبة من خز ــ يعني الحسين عليه السلام ـ وكان معتمَّا hellip; وحمل عليه في تلك الحال (سنان بن عمرو النخعي) فطعنه بالرمح فوقع، ثم قال لـ (خوليّ بن يزيد الاصبحي): أحتز رأسه، فأراد أن يفعل فضعف فأرعِد، فقال له سنان بن أنس: فتَّ الله عضديك، وأبا يديك! فنزل فذبحه واحتز راسه، ثم دّفِع إلى خولي بن يزيد،وقد ضُرِِب قبل ذلك بالسيوف ] /8 الطبري ص 382 /
ففي هذه الرواية (المخنفية) يتعيَّن قاتل الحسين بشكل وا ضح وصريح، وهو من نخع وليس من مذحج، إنّه (سنان بن أنس).
ولكن هل تسلم الرواية من نقاش ونظر ؟
يبدو أن الطبري يروي عن كتاب أبي مخنف الذي اسمه (مقتل الحسين)، بدليل أنه صدَّر روايته بـ (قال ابو مخنف)، و(الصعقب بن زهير) وثّقه علماء السنة، ولكن يبقى عمدة الرواية، اي (حُميد بن مسلم)، فهو مجهول بالمرّة! ليست له ترجمة على الاطلاق! الامر الذي يشكل ضربة موجعة لرواية أبي مخنف هذه فيما أنفرد بها.
جاء في الطبري: (قال ابو مخنف: حدّثني سليمان بن ابي راشد،عن حُميد بن مسلم قال: دعاني عمر بن سعد فسرّحني باهله لأبشرهم بفتح الله عليه، وبعافيته، فأقبلتُ حتى أتيت أهله، فاعلمتهم ذلك، ثم أقبلتُ حتى أدخل فأجد ابن زياد قد جلس للناس، وأجد الوفد قد قدموا عليه ــ يبدو أنه وفد القتلة الذين ارسلهم عمر بن سعد مع الرؤوس إلى عبيد الله بن زياد ــ فدخلت فيمن دخل، فإذا رأس الحسين موضوع بين يديه، وإذا هو ينكُتُ بالقضيب بين ثنيته ساعة، فلما رآه زيد بن أرقم لا يُنجم عن نكته بالقضيب، قال له: أُعْلُ بهذا القضيب عن هاتين الثنيَّتين، فوالذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هاتين الشّفتين يقبلهما hellip;) / 9 نفسه ص 386 /
وهذه الراوية تنسب ضرب شفتي الحسين الشريفتين إلى عبيد الله بن زياد، ولم نجد لها ذكرا في رواية عمار الدهني، بل أن رواية عمار تنسب ذلك إلى يزيد بن معاوية، وا لمُعْترِض كان في رواية الدهني في حضرة يزيد هو (أبو برزة الاسلمي)، فيما المُعترض في رواية أبي مخنف في حضرة زياد بن أبيه في هذه الرواية (زيد بن أرقم)، فهل حصل الحدث المذكور مرتين ؟ مرة في حضرة زياد بن أبيه، وأخرى في حضرة يزيد بن معاوية ؟!
رواية أبي مخنف هذه يشوبها أكثر من نقطة ضعف، وهي ما يلي: ـ
الا ولى: إنها متعارضة نوعا ما مع رواية عمار الدهني.
الثانية: مصدرها (حُميد بن مسلم) وليس للرجل ترجمة، بل مجهول.
الثالثة: أن شيخ ابي مخنف المباشر في الرواية، أي (سليمان بن أبي راشد الازدي) ليست له ترجمة في كتب الرجال، وقد بحثت كثيرا عنه فلم أظفر بمعلومة وا حدة عنه، عسى أن يسعفني بعض القراء بذلك..
تقول رواية ابي مخنف بالسند المتقدم: (ثم أن عبيد الله بن زياد نصب راس الحسين بالكوفة، فجعل يُدار به في الكوفة، ثم دعا زحر بن قيس فسرح معه برأس الحسين ورؤوس أصحابه إلى يزيد بن معاوية hellip; فخرجوا حتى قدموا بها الشام على يزيد بن معاوية) / 10 نفسه ص 389 /
إن لحن الرو اية يفيد أن رأس الحسين أُوفِد مع السبايا إلى يزيد بن معاوية، أوفدهم عبيد الله بن زياد، بواسطة زحر بن قيس، وهو ما يختلف نوعا ما مع رواية الدهني، التي تفيد أن هناك وفدين، ا لاول وفد عبيد ا لله بن زياد برأس الحسين عليه السلام، وا لثاني وفد عمر بن سعد بالا هل والعيال إلى يزيد!
تقول الرواية: (قال ابو مخنف: حدّثني الصقعب بن زهير، عن القاسم بن عبد الرحمن مولى يزيد بن معاوية، قال: لما وُضِعت الرؤوس بين يدي يزيد ـ رأس الحسين وأهل بيته وأصحابه ــ قال يزيد:
يُفْلِقن هاما من رجال أعزَّة علينا وهم كانوا اعقّ وأظلما
أما والله يا حسين لو أنا صاحبك ما قتلتك hellip;) / 11 نفسه ص 391 /
وهذه الرواية تواجه مشكلة في (القاسم بن عبد الرحمن مولى يزيد بن معاوية) فهو مجهول، كما أن الاعتماد عليه مشكل بسبب قربه من يزيد، وفي متن الرواية ما يخفِّف من مسؤولية يزيد بن معاوية في خصوص هذه الجريمة الكبيرة في تاريخ الاسلام (لو أنا صاحبك ما قتلك)!
تقول روا ية ابي مخنف: (قال هشام،عن أبي مخنف قال: حدّثني أبو حمزة الثمالي، عن عبد الله الثمالي، عن القاسم بن بُخيت، قال: لما أقبل وفد أهل الكوفة براس الحسين دخلوا مسجد دمشق... فدخلوا والراس بين يديه، ومع يزيد قضيب فهو ينكت به في ثغره، ثم قال: إنّ هذا وإيانا كما قال الحُصين بنا الحُمام المرِّي: ــ
يُفْلِقن هاما من رجال أحبّة إلينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما
قال: فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له أبو برزة الاسلمي: أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين! أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذا، لربما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرشفه، أما إنّك يا يزيد تجيء يوم القيامة،وابن زياد شفيعك،ويجيء هذا يوم القيامة ومحمد شفيعه ثم قام فولى) / 12 نفسه ص 397 /
هذه الرواية تعزز رواية عمار الدهني، ولكن هذه الرواية تعاني هي الاخرى من مشاكل، منها، إن حمزة الثمالي غير مرض عند بعض النقاد الرجاليين، ولم اعثر على ترجمة للراوي القاسم بن بخيت، وليست له سوى رواية واحدة في قضية الحسين عليه السلام.
يبقى هناك كلام عن أبي برزّة هذا، فهو أحد الصحابة المعروفين، لكن اختلف في سنة وفاته، ففيما يذكر الحاكم أنه توفي سنة 64 للهجرة، يذكر آخرون أنّه توفي قبل معاوية، وتشير بعض المصادر أنه مات بالبصرة، وأخرى في خرسان، وثالثة في مفازة بين هراة وسجستان، وقال بن سعد أنّه توفي بمرو/ سير أعلام النبلاء 3 ص 43 / و تذكر المصادر أنه نزل البصرة وأ قام مدّة مع معاوية، ولم تشر صراحة إلى زمن يزيد بن معاوية / نفسه ص 41 / ويقول ابن تيمية: (فإن أبا برزة، وأنس بن مالك، كانا في العراق لم يكونا بالشام، ويزيد بن معاوية كان بالشام، لم يكن بالعراق حين مقتل الحسين، فمن نقل أنه نكت بالقضيب بحضرة هذين فهو كاذب قطعا، كذبا معلوما بالتواتر) / رأس الحسين لابن يتيمية نسخة ا لكترونية / ولكن ابن تيمية لم يبين مصدره في أن كلا الصحابين كان في العراق وقت قتل الحسين عليه السلام.
رواية البلاذري (من أعلام القرن الثا لث الهجري)
يروي البلاذري عين رواية ابي مخنف، إذ يوعز ذبح الرأس الشريف إلى سنان النخعي، ويروي: (قالوا... بعث عمر بن سعد برأ س الحسين من يومه مع خولي بن يزيد الاصبحي من حمير، وحميد بن مسلم الازدي إلى ابن زياد...) / 13 أنساب الاشراف ص 206 /، ويروي: (قالوا... وجعل ابن زياد ينكتُ بين ثنتي الحسين بالقضيب، فقال له زيد بن ارقم: أُعلَُ بهذا القضيب غير هاتين الشفتين، فوالله رأيت شفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلهما) / 14 نفسه ص 207 /
رواية البلاذري بالإسناد الجمعي، وهي طبق رواية أبي مخنف، عن سليمان بن أبي راشد، عن حُميد بن مسلم، وقد مرّ الحديث عن هذا السند، وربما نقها عنه، ولم يذكر ذلك لا عتبارات تتعلق بالخوف من السلطان أو لسبب آخر، باعتبار أن ابا مخنف محسوب على ا لرواة الشيعة.
البلاذري ينقل كذلك رواية أبي مخنف، عن حمزة الثمالي، عن عبد الله الثمالي، عن القاسم بن بخيت بعينها، وذاك بقوله: (قالوا: وجعل يزيد ينكت با لقضيب ثغر الحسين حين وضع رأسه بين يديه، فقال له أبو برزة الأسلمي أتنكت ثغر الحسين ؟...) / 15 نفسه ص 215 /.
يروي الاصبهاني في كتابه (مقاتل الطا لبيين) مقتل الحسين عن ابي مخنف، عن طريق مزاحم بن نصر، ويتعرض لقصّة الرأس برواية المدائني عن هانيء بن ثُبيت الحضرمي السكوني، وهذا كان حاضرا المعركة كما يدعي، ونسب إلى نفسه بعض أعمال القتل والنهب في معركة الطف، وكا ن يحدث عن ذلك في زمن خالد القسري الى الحضرميين! وفي رواية الاصبهاني أن الذي حزّ راس الحسين هو سنان بن أنس النخعي، وحمله الى خولي بن يزيد إلى عبيد الله بن زياد، وكان قاتل الحسين يترنّم بالشعر المروي (أوقر ركابي فضة...)، ثم يقول الأصبهاني: (وَوُضِع الرأس بين يدي يزيد... في طست فجعل ينكته على ثناياه بالقضيب ويقول: (تُفْلَق هاما من رجال...)، ثم يقول: [ وقيل: إن ابن زياد... فعل ذلك... وقيل أنّه تمثل أيضا والرأس بين يديه يقول عبد الله بن الزبعري: (ليت أشياخي ببدر شهدوا...) ]/ راجع مقاتل الطالبين ص 78 ــ 80 / تحقيق كاظم المظفر، مطبعة المكتبة الحيدرية، النجف سنة 1965 /
يروي الواقدي قصة القتل، وأحسن من نقل عنه تلميذه ابن سعد في الطبقات، فإن الواقدي تالف كـ (محدِّث) عند علماء الرجال، وابن سعد دمج أربع روايات للواقدي مع مسانيد أخرى بما فيها رواية ابن مخنف التي تعتبر أوسع رواية في قصّة الحسين وداخلَ بين المسانيد كلها!
رواية المحدِّثين
الثابت في صحيح السنة أن الرأس الشريف حُمِل إلى عبيد الله بن زياد وأنه جعله في طست وراح ينكته بالقضيب، جاء ذلك في صحيح البخاري، والترمذي، والفتح الرباني، ومسند احمد، والهيثمي، وغيرهم، ولفظه في الترمذي: (... حدَّثني أنس بن مالك قال: كنتُ عند ابن زياد فجيء برأس الحسيه فجعل يقول بقضيب له بيده في أنفه ويقول: ما رايت مثل هذا حُسنا...) / الترمذي 5 ص 659 / وفي مجمع الزوائد: (... وعن أنس بن ما لك قال: لما أُتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين جعل ينكت بالقضيب ثناياه يقول لقد كان أحسبه جميلا...)، وقال: (روه البزار والطبرني باسانيد صحيحة ورجال وُثَِقوا) / المصدر 9 ص 198 /
تصر المدونات الروائية السنية بشكل عام على أن الذي نكت شفي الحسين عليه السلام بالقضيب هو عبيد ا لله بن زياد وليس يزيد بن معاوية، نص على ذلك البخاري، والهيمثي، والترمذي، ومسند احمد، والطبراني الكبير، وفي كنز العمال نقلا عن (أبي نعيم) نقرا: (عن محمّد بن سيرين، عن أنس، قال: شهدتُ عبيد الله بن زياد وأُتي برأس الحسين، فجعل ينكت بقضيب في يده، فقلتُ: أما أنّه كان أشبههم برسول الله) / كنز العمال 2 ص ح 37718 /.
يصر الشيعة أن يزيد هو الفاعل هنا، سنتحدث في حلقة تالية عن الرأس الشريف في روا ية الشيعة، ويستند الشيعة على روايا ت سنية في هذا المجال، منها ما جاء في مجمع الزوائد: (وعن الليث يعني ابن سعد قال: أبى الحسين بن علي أن يستأسر... فبعث بهم إلى يزيد بن معاوية فأمر بسكين خلف سريره لئلا تُرى... فضرب على ثنيتي الحسين فقال (تُفْلَق هاما من رجال...)، وقال: (رواه الطبراني، ورجاله ثقات) / المجمع ص 198 / ولكن الحديث منقطع كما هو وا ضح، فإن الليث بن سعد توفي سنة 175 للهجرة. ويستند الشيعة الى ابن الجوزي (ت 597 للهجرة) في كتابه (الرد المتعصب العنيد...)، حيث يورد خمس روايات تفيد أن يزيد بن معاوية كان قد نكت الشفتين الطاهرتين بالقضيب،
الرواية الا ولى: (أنبأنا... ثنا خالد بن خداش... عن أبي الوضيء... ثم وُضِع الراس بين يديه وجعل ينكت بالقضيب...) / المصدر ص 57 طبع دار الكتب العلمية، تحقيق هيثم عبد السلام محمد /، وفي السند خالد بن خدّاش حيث ضعّفه بعضهم، منهم ابن المديني، وزكريا الساجي / تهذيب التهذيب 3 ص 66 /
الرواية الثانية رغم وجاهتها بشكل عالم ولكن تعاني من مشاكل سندية لعدم توفر ترجمة لبعض رواتها، والروايات الاخرى منقطعة لان ابن الجوزي يرويها عن بن أبي الدنيا وهذا توفى سنة 281 للهجرة.
أن القدر المتيقّن من كل هذا السرد أن رأس الحسين عليه السلام نقل الى عبيد الله بن زياد، وهذا اجترأ على الرأس الشريف بتلك الفعلة الشعناء، وليس من شك أن يزيد يتحمل مسؤولية كبيرة أقلها أنه لم يتخذ الموقف اللازم من عبيد الله هذا...
في لقاء اخر نتحدث عن الراس الطاهر في الروايات الشيعية
والضمير من وراء القصد
التعليقات