1:
أي بديل عن الحوار بين الملك والمعارضة يعرِّض الملك والمعارضة لمخاطر تهدد البلد، بل تهدد المنطقة الخليجية بكاملها، ويبدو أن كلا الطرفين يدرك هذه الحقيقة، وربما إن الحقيقة ذاتها من اسباب تأجيل البديل الآخر، أي الصدام لا سامح الله ولا قدر، وأقول الملك وليس الحكومة، لان الملك هو الطرف الفاعل أساسا في نظام البحرين، ولأن المعارضة توجهت وتتوجه في مطالبها إلى الملك أساسا، ولأن أحد مطالب المعارضة هي الملكية الدستورية، وتفيد بعض الاخبار أن المعارضة امتنعت أخيرا من رفع شعار اسقاط النظام، مما يعني إن المعارضة تدرك جيدا ظروف ومناخ المطعى السياسي في البلد، وتدرك جيدا التباسات الموقع الجغرافي للبحرين، وعلاقة ذلك بالاستراتيجية الغربية عموما والامريكية على وجه الخصوص.
البديل عن الحوار البحرين يعني الفوضى والدمار والدم والموت، البديل عن الحوار في البحرين يعني تدخل دول جوار بشكل وآخر، وتحرك اساطيل كونية بشكل وآخر...

2:
بعض المطالب المطروحة في بيانات المعارضة البحرينية معقولة بل ديمقراطية، بله تحولت إلى مطالب كونية، وقد كانت من اسباب التحرك الشعبي في العالم العربي... تونس... مصر... ليبيا... السودان... اليمن، وغيرها من الشعوب العربية والا سلامية، اطلاق صراح المسجونين السياسيين، ملكية دستورية، توزيع الثروة بالعدل، ولكن المعارضة تلح على نقطة حساسة، نقطة مثيرة للانتباه، وتشكل ربما حجر الزاوية في هيكل المطالب، الا هي أيقاف ما تسميه المعارضة بـ(التجنيس السياسي)، وهو من أبرز القضايا الشائكة التي أقلقت طائفة معينة في البحرين، تشكل الاغلبية من تضاعيف هذا الشعب الخير النبيل، حيث ترى المعارضة في هذه السياسة تخطيطا واضحا لتغيير الهوية الحقيقية للشعب البحريني.

3:
المعارضة البحرينية وهي تطرح هذه المطالب المعقولة تدرك جيدا وعلى درجة عالية من المسؤولية أن استقرار الوضع في البحرين مطلب استراتيجي أقليمي وكوني ملح، وان النظام الملكي حجر الزاوية في هذه الاستراتيجية الأقليمية والكونية، ولعل توكيد المعارضة على أن (البحرين) أولا، وأن البحرين عربية، وأن البحرين لكل أبنائها، والاصرار على رفع العلم البحريني... كل هذه المقتربات تشخِّص وعيا دقيقا تتمتع به هذه المعارضة، وهو ليس غريبا عليها، بحكم عراقتها ووطنيتها وثقافة رموزها بكل أطيافها السياسية والفكرية، والمطلوب من المعارضة أ ن تعمق من قراءتها للواقع كي لا تتورط بما هو خارج حدود الممكن، فالبحرين جغرافية محدودة المساحة خطرة الموقع، وفي البحرين قاعدة أجنبية ساحقة، والبحرين خليط مذهبي، والبحرين تراث قبيلي، والبحرين ليست جزيرة منعزلة... وبالتالي، ينبغي أن تكون المطالب موضوعية، معقولة، تراعي كل هذه المقتربات، وفي الجوهر أن تكون بعيدة عن لغة العنف، بل يبقى طابعها مدني، سلمي، شعبي، يحترم القانون، ويحافظ على حرمة المال العام.

4:
لم تعد الظروف في العالم العربي والاسلامي ما قبل الحدث المصري الكوني ذاتها ما بعد الحدث المذكور، سواء في شرق هذا العالم أو في غربه، في خليجه أو جبله أو ساحله، المنطقة تمور، والمستقبل حافل بالمفاجأت، وملك البحرين يعي كل ذلك، وكان لأحد الرموز في النظام الحاكم في البحرين قد تنبا بمفاجآت كبيرة في ضوء ما حدث في مصر، وعليه، يتوقع كثير من المراقبين والمحللين أن ملك دولة البحرين سوف يتعامل بموضوعية دقيقة مع مطالب المعارضة، وأن المعارضة من جانبها تدرك ما يتميز به الواقع البحريني من خصائص فريدة، ومقتربات خطرة، كما أسلفت في البداية، وعليه، هي الاخرى وكما يتوقع كثير من المراقبين والمحللين سوف تتعامل مع هذا الواقع بمنتهى الموضوعية، تحترم النظام الملكي، وتتعهد ربما بدعمه، وتحصينه، فيما استجاب النظام لاهم مطالبها الحيوية، خاصة فيما يتعلق بالهوية الشعبية للبحرين، ومن غير المعقول أن تطالب النظام بان يخرج عن دائرة علاقاته الاستراتيجية مع الجيران من ذوي المكانة الخاصة لدى منظومة الحكم في البحرين، والآخرين ممن لهم جذور تاريخية، وحضور استراتيجي في المملكة الحساسة الخطرة، فإن السياسة فن الممكن كما يقولون.

5:
ماذا لو كان هناك حوار جاد بين الملك والمعارضة؟
وماذا لو أن الملك استجاب لبعض المطالب الحيوية والمشروعة للمعارضة السلمية الشفافة؟
وماذا لو أن المعارضة احترمت الكثير من خصائص البلد، وظروفه الجغرافية والاستراتيجية والاقتصادية؟
فيما حصل مثل ستشهد المملكة معادلة جديدة، معادلة جديدة بكل معنى الكلمة...
ملك...
معارضة...
المعارضة هي القاعدة الشعبية للملك... معادلة ربما تحمل بعض سمات الخيال، ولكن في وضع البحرين قريبة من الوا قع بمديات لا باس بها، بل أن مثل هذه المعادلة فيما لو حصلت في البحرين سوف تتحول أ لى عنصر آمان في المنطقة...
فرصة ذهبية بين يدي المعارضة والملك في البحرين...