1:
يتوهم من يتصور أن دخول قوات درع الجزيرة الى البحرين، وما صاحب ذلك من اجراءات حكومية تتسم بمنسوب ليس عاديا من القسوة تجاه المعارضة، فضلا عن حجم التأييد الذي حظيت به حكومة البحرين من بعض الانظمة العربية والاسلامية وفي السياق من ذلك موقف هذه الانظمة المجافي أو المخالف أو المضاد للمعارضة... يتوهم من يتصور إن مشكلة البحرين وفي ضوء كل هذه المقتربات تكون قد وصلت إلى نهاية المطاف، فلا توتر، ولا فوضى، ولا علاقات متازمة بين الحكومة وشعبها خاصة المعارضة، ولا تجاذبات اقليمية بسبب المشكلة ذاتها.

2:
المشكلة في البحرين قائمة وستبقى، وذلك لأكثر من سبب، أول هذه الاسباب أن المشكلة اكتسبت بعدها الاقليمي الخطير، بعد تدخل الجيران في صلب القضية البحرينية، لم تعد البحرين مستقلة الموقف، سواء حكومة أو معارضة، هناك تدخل في شؤون وسياسة كل من طرفي المعادلة، سواء كان هذا التدخل باختيار من طرفي المعادلة أو أحد طرفيها، أو كان هذا التدخل على رغم طرفي المعادلة أو أحد طرفيها، وقد اتضح بما لا مجال للشك فيه، إن البحرين في وضعها الحالي وفي سياق المشكلة القائمة تماثل العراق الى حد ما، فالعراق حكومة وقوى سياسية حاكمة أو نافذة ليست مستقلة الموقف، بل هي خاضعة بدرجة واخرى لاجندة خارجية، اقليمية وعالمية، مما عقد القضية في هذا البلد الجريح. ثاني هذه الاسباب هو استخدام القوة المفرطة من قبل الحكومة تجاه المعارضة، مهما كان ادعاء الحكومة يتسم بالموضوعية، إن كانت حقا موضوعية، فإن القوة تحل المشكلة ظاهرا، ولكن تبقى تغلي في الاعماق، تنتظر زمن تفجرها مرة أخرى حين تتهيا الظروف والمناخات المناسبة، وهي حقيقة صا رخة لا تفرضها قيم الحقيقة بحد ذاتها، بل التجربة شاهد حي على ذلك، ولنا في تجارب صدام وقبله زياد بري واليوم القذافي وعبد صالح امثلة حية على ما نقول. وثالث هذه الاسباب ان المعارضة في البحرين تمثل الاكثرية، وهو أمر معروف، بل أن من مظاهر المشكلة في البحرين، بل ربما لب المشكلة كون هذه الاغلبية محرومة خاصة على صعيد حقها في صناعة القرار السياسي في البلد، بسبب انتماء مذهبي معين، وهي قضية أوضح من الشمس في رابعة النهار، وكانت خطة التجنيس السياسي التي انتهجتها الحكومة البحرينية الشرارة التي اشعلت ركام الخلاف بين الحكومة والمعارضة، فقد كان هذا الخلاف اشبه بالهادئ، ولكن خطة التجنيس السياسي أشعل هذا الخلاف بشكل مثير ومخيف، بل يهدد الامن الوطني في البحرين برمتها، واربع هذه الاسباب هو عناد بعض فصائل المعارضة، ورفعها لسقف المطالب بشكل غير معقول، وكان الشعار الذي رفعته بعض هذه الفصائل الداعي لاسقاط الحكومة او النظام، وهي ممارسات وإن كانت جزئية، ولم يقدم عليها سوى نفر بسيط من المعارضين والمتظاهرين لكنها شكلت ذريعة لدى الحكومة البحرينية لاستخدام القوة واستدعاء قوات خارج المملكة للتدخل السافر.

3:
هل تستمر الحكومة البحرينية بانتاهج القوة الغاشمة في التعامل مع المشكلة وهي ما زالت قائمة؟ وهل تستمر المعارضة بمطالبها ذات السقف الذي يصعب الخضوع لضغطه من قبل حكومة البحرين؟
إن كلا المنهجين سوف يزيد من حدة التوتر الاقليمي حول البحرين، كما أن كلا المنهجين يعقد المشهد الداخلي في البلد اكثر، وكلا المنهجين يوتر العلاقة بين ابناء البحرين أكثر، وربما يزيد في تشقيق الصف الداخلي، ويعرض السلم الاهلي لمزيد من الاختناق، كلا المنهجين لا يقدر الوضع الطبيعي للبحرين، وبالتالي، يتطلب الواقع العودة الى مشروع الحوار، الحوار بين الحكومة والمعارضة، من دون تدخل اجنبي، مهما كانت هويته، بشكل مباشر أو غير مباشر، الهدوء المزيف ليس حلا، والإكراه على تلبية المطالب ليس حلا، والاعتماد المطلق على القوة ليس حلا، والتحول الى اجندة خارجية ليس حلا، والاعتماد على الخارج ليس حلا، الحل ينبع من الداخل، وبقدر ما ينبغي على المعارضة ان تقبل بالحد الادنى من مطالبها على أن تكون مفتوحة يجب على الحكومة أن تبادر بمديات أكثر من المطالب والحقوق تجاه المعارضة.

4:
إن الخوف أن يتحول الخلاف بين الحكومة البحرينية والمعارضة البحرينية خلاف وجود لا حقوق، وهذه هي النتيجة التي يريد أن تصل بها بعض القوى الداخلية والخارجية فيما يخص القضية البحرينية، هناك من يسعى لاقناع الطرفين، كل على مقاس مصالحه من أن الخلاف بين الحكومة والمعارضة هو خلاف وجود لا حقوق، وهذا يعني استمرار الازمة، بل تصا عدها، وما على الطرفين الا أن ينتبها لهذا الفخ الخطير، الذي سوف يديم المشكلة، بل يهدد كلا الطرفين بالمصير الذي لا يحمد عقباه.
العودة الى الحوار بين الحكومة والمعارضة بداية الحل، ولا تنفع اي وسا طة دولية أو أقليمية بينهما، وفيما تحركت وساطة دولية أو اقليمية لحل المشكلة إنما يجب أن تبدا من مشروع عودة الحوار.