جدَّد الاتحاد الاوربي دعوته لكل من الحكومة والمعارضة في البحرين للإسراع في (حوار حقيقي بناء مع الاخذ بنظر الاعتبار أن يخرج با صلاحات تعرض تصورات تعالج بنجاحا التحديات التي يواجهها هذا البلد) كان ذلك قبل يومين من تاريخ كتابة هذا المقال ( 23 / يوليو /2011)، وتأتي هذه الدعوة بعد الدعوة التي أطلقها الرئيس الامريكي أوباما كلا الحكومة والمعارضة في البلد لعقد حوار جاد يتناول مسائل الخلاف، وكان نداء الرئيس المريكي مصحوبا بالتاكيد.
الدعوة سواء الامريكية منها أو الاوربية تؤكد إهتمام العالم فيما يجري في البحرين، وليس هناك صعوبة لادراك مبررات هذا الاهتمام البا لغ، فأمن البحرين لا تسامح فيه، ولا مجال للتراخي في خصوصه، سواء من قبل الدول الكبرى المتحكمة في مصير هذا العالم، او الدول الاقليمية، خاصة التي تجاور البحرين.
دعوة الحكومة الأمريكية والإتحاد الاوربي كلا من الحكومة والمعارضة إلى الحوار يكشف عن إيمان عالمي بان الحوار هو الوحيد لحل الخلافات بين كلا الطرفين، وإن القوة من طرف والتعنت من طرف آخر لا يحل هذه المشاكل، فالحكومة البحرينية تاريخ وعراقة زمنية، والمعارضة حقيقة قوية على أرض البحرين، وعليه، لا القوة ولا التعنت يحملان صلاحية حل هذه المشاكل.
الخوف أن تتمادى بعض أطراف المعارضة برفع سقف مطالبها غير الموضوعية بناء على إنفتاح العالم عليها، وتفهُّم بعض طموحاتها من جهة، وأن تصعِّد الحكومة من ممارسة مبدأ القوة في مواجهة المعارضة عنادا وتصلبا وخشية من ان تستغل المعارضة هذا الانفتاح العالمي على المشكلة البحرينية، وذلك من جهة أخرى، مما يحول دعوة الرئيس الامريكي والاتحاد الاوربي إلى نقمة وليس إلى مدخل حل، وهو الأمر الذي يحمل بعض الامل.
المعارضة أدركت بوضوح ضريبة بعض المطالب التي لا يتحملها الواقع، والحكومة ربما أدركت أيضا ضريبة استخدام القوة، الأمر الذي قد يحمل كلاً من الحكومة والمعارضة على مراجعة الذات على ضوء الدعوة الامريكية الاوربية، وهي دعوة سوف تتجدد كما يبدو إذا لم يلجأ كلا الطرفين الى مبدا الحوار، إن قرار الحكومة البحرينية برفع حالة الطواريء، وتقليص ساعات فرض حظر التجول، كما أن اعلان المعارضة البحرينية باستعدادها لبديء الحوار ورفضها لأي تدخل إقليمي في شؤون البحرين، وحذفها لبعض المطالب وفي المقدمة من ذلك مطلب الملكية الدستورية، إن كل ذلك يشجع على الاستنتاج بان الدعوة الامريكية الاوربية قد تجد لها صدى لدى الطرفين المعنيين بالدرجة الاولى، أي الحكومة والمعارضة.
الوقت يجري بسرعة مذهلة في الشرق الاوسط، وأي تعقيد لاي مشكلة إقليمية أو مشكلة داخل هذا البلد أو ذاك من بلدان هذا الشرق المسكين ينعكس على بعضه، وبالتالي، فإن الاسراع في تلبية النداء الامريكي الاوربي من قبل الطرفين ضرورة عاجلة، وإلاَّ الزمن ليس في صالح أحد الطرفين.
إن أي صيغة اتفاق بين الحكومة والمعارضة في البحرين، بشرط الموضوعية والعقلانية سوف يساهم في تعزيز أمن الخليج العربي، ويرسيه على مزيد من الأسس القوية، وفي خلاف ذلك، يعطي نتائج آخرى.
الحكومة البحرينية معروفة برشدها السياسي، ولعل مواقفها الايجابية من التغيرات التي حصلت في العراق بعد إسقاط نظام صدام حسين أكبر شاهد على ذلك، حيث سعت إلى دعم الوضع الجديد في العراق إنطلاقا من تقدير دقيق لحقيقة الحكم السابق، وما عانه العراقيون من معاناة ومصاعب، ومن نظرة شمولية حية للواقع العراقي، إنْ على صعيد داخلي وإنْ صعيد إقليمي، وعليه ليس من المعقول أن لا تقدر بدقة أكثر وموضوعية أعمق الواقع البحريني بكل خصائصه الديمغرافية والجغرافية، وبالمثل، فإن المعارضة البحرينية بأكثريتها العريضة تتسم بعقلانية التقدير لكثير من الحقائق، فلا تتورط بمغالاة تعرض مصيرها ومصير طموحاتها المشروعة الى الفشل، سواء هذه المغالاة على صعيد مضمون وحجم المطالب أو صعيد إسلوب طرحها والعمل في سبيلها.
هل ستجد الدعوة الامريكية الاوربية تفهما عميقا من كلا الطرفين، أي الحكومة والمعارضة؟
هذا ما يأمله كل عربي مخلص لهذا البلد الجميل.